»إذا خلُصت النوايا، وكانت هناك رغبة جادة لإحراز السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، فلن يحول أي عائق دون ذلك».. بتلك العبارة، شرحت سفيرة إسرائيل الجديدة لدي القاهرة أميرة أورون وجهة نظرها تجاه القضية الأكثر تعقيداً في الشرق الأوسط؛ وتمردت علي جمود العلاقات السياسية والاقتصادية، ليس فقط مع الفلسطينيين، وإنما مع دول وشعوب المنطقة؛ وأكدت في أكثر من مناسبة ضرورة تصفية الخلافات، والانفتاح علي آفاق أوسع نحو غد أفضل للجميع. ولا تري »الدبلوماسية المتمردة» كما يبدو من قراءة ملفها مانعاً من التخلي عن دائرة ذوي الياقات البيضاء إذا اقتضت الضرورة، ولعل ذلك كان واضحاً من خلال اعتراضها علي تخصيص الميزانية الأكبر من موازنة بلادها لصالح الجيش؛ وفي لقاء مع نائب وزير المالية ميكي ليڤي في مارس عام 2014، أطلقت أورون ذات الأصول الشرقية عباراتها النارية، وقالت مع احتفاظ بلياقة الحديث: »تتركنا وزارة المالية كدبلوماسيين بلا أدوات، تمكننا من الدفاع عن إسرائيل في الخارج». وفي تلك الواقعة، تطرقت السفيرة الجديدة إلي خدمتها الدبلوماسية السابقة ضمن طاقم سفارة إسرائيل لدي القاهرة، وقالت، بحسب تسجيل مصور للاجتماع الذي حضره عدد من الكوادر الصحفية والدبلوماسية: »إنه لمن دواعي سروري أن أمثل إسرائيل لدي بلد بالغ الأهمية مثل مصر». وربطت بشكل غير مباشر بين ما وصفته بضعف ميزانية الخارجية الاسرائيلية، والدور الذي تلعبه الوزارة - وليس الجيش في إدارة علاقات إسرائيل بالخارج، وأضافت موجهة سؤالاً استنكارباً لنائب وزير المالية: »لماذا لا يتحدث نائب وزير المالية أو الوزير مع الدبلوماسيين في وزارة الخارجية ويلبي احتياجاتهم؟، فالوزارة هي إسرائيل إذا دار الحديث حول علاقاتنا الخارجية». بمواقفها الحاسمة، أدارت أورون عملها الدبلوماسي، وربما كان لذلك بالغ الأثر في تأخر تصعيدها لمنصب السفير؛ فرغم نشاطها علي الصعيدين الدبلوماسي والاقتصادي، وجولاتها المكوكية في عدد ليس بالقليل من العواصم الإقليمية والعالمية، إلا أنها تأخرت في الوصول لمنصب السفير، بداعي ضرورة الاعتماد علي سفير وليس سفيرة؛ وتجاهل أصحاب هذا الرأي مصادقة لجنة التعيينات في صيف 2014 علي تعيين 7 سيدات ما بين سفير وقنصل لإسرائيل في مختلف دول العالم، وكان من بينهن الدبلوماسية عينات شلاين، التي شغلت منصب سفير إسرائيل لدي الأردن منذ عام 2014 حتي يوليو 2017. أزمة أخري، تعرضت لها أورون خلال عملها الدبلوماسي في تركيا، ولعبت دور البطولة فيها نائب القنصل الاسرائيلي العام لدي أنقرة شيرا بن صهيون، إذ بعثت بشكوي إلي الخارجية الاسرائيلية، زعمت فيها، بحسب صحيفة »هاآرتس» العبرية أن أورون طالبت خلال اجتماع للطائفة اليهودية في تركيا بعزل رئيس الوزراء نتانياهو بدون إجراء انتخابات. استدعت الخارجية الاسرائيلية المشكو في حقها للحصول علي إيضاحات، فنفت ما نُسب إليها، وأرجعت ذلك إلي خلاف عمل داخل القنصلية مع بن صهيون، وشهد لصالح أورون عضو الكنيست عمر بار- ليف، ما أسقط عنها الاتهامات. في التاسع والعشرين من أكتوبر الماضي، أعلنت الخارجية الاسرائيلية خبر تعيين أميرة أورون سفيراً لدي القاهرة، لتصبح أول سيدة تتولي المنصب. بدأت السفيرة الجديدة عملها الدبلوماسي عام 1991، وقامت بالعديد من المهام الدبلوماسية من بينها عملها السابق ضمن طاقم سفارة إسرائيل لدي القاهرة، وتدرجت في مختلف المناصب ومنها: نائب المتحدث باسم الخارجية، ومدير إدارة الإعلام العربي، ثم مديراً لإدارة مصر في الوزارة ذاتها. تجيد السفيرة اللغة العربية بطلاقة، ومن المقرر أن تتولي مهام منصبها الجديد الصيف المقبل. وفي حين تعود أصولها الأسرية إلي إسبانيا، عاشت نصف عائلتها حتي ثلاثينيات القرن الماضي في القاهرة، وولد أعمامها في المدينة ذاتها، لكن والدها من مواليد القدس.