لا أتحدث عن انتخابات برلمانية قادمة، وكيف ستجري في هذا المناخ المضطرب.. ولكني أتحدث عن عام دراسي كنا قبل شهور قليلة نحلم بأن يكون الأفضل منذ سنوات طويلة، فإذا بنا اليوم لا نعرف كيف سيبدأ بعد أيام، بل لا نعرف هل سيبدأ فعلا في موعده!! ما نواجهه اليوم من مشاكل وأزمات في التعليم يقدم نموذجا شديد الوضوح لسوء الإدارة الذي طبع المرحلة الانتقالية بطابعه حتي الآن، وكانت نتيجته هذا الارتباك في كل الأوضاع، وهذه المخاطر التي تهدد مسيرة الثورة، وهذه المحاذير من تفكك مؤسسات الدولة! لم يكن الأمر يحتاج لمعجزات، ولم يكن أحد يختلف علي ضرورة ان تكون الجامعات في مقدمة المؤسسات التي تصل إليها رياح الثورة، فتتخلص من القيادات التي جاء بها النظام السابق إلي مواقعها، والتي ارتكبت كل الجرائم في حق العلم وفي حق الحريات وفي حق الوطن. ولم يكن أحد يختلف علي ان اختيار القيادات الجديدة التي تجمع بين الكفاءة العلمية والايمان بالثورة هو الخطوة الأولي لوضع البرنامج الشامل لإصلاح التعليم الجامعي وبدء خطوات تنفيذه. لكننا بدلا من ذلك تهنا في مناورات صغيرة لابقاء الأوضاع علي ما هي عليه ووضع العراقيل أمام مسيرة الثورة واجهاض كل جهود الاصلاح. وكانت النتيجة أننا نبدأ العام الدراسي وسط فوضي عارمة وتهديدات بالاضراب وخلافات مع الوزير، ومناخ يعكس حالة الارتباك العام ويضع الجامعات علي سطح صفيح ملتهب!! نفس الأمر يتكرر »بصورة مختلفة« في المدارس. لقد كانت الشهور الماضية كافية -بمقاييس الثورة- لكي نبدأ العام الدراسي الجديد في مدارسنا بصورة مختلفة تماما، وببرنامج عمل جاء من أجل استعادة المدرسة لوظيفتها واستعادة المدرس لمكانته وانتهاء كابوس الدروس الخوصية وتوفير الموارد والامكانيات لنبدأ علي الفور في اصلاح حقيقي للتعليم. لكن شيئا لم يحدث، وبقينا في دوامة المطالب الصغيرة والاستجابة المحدودة، مع غياب الرؤية الشاملة، لتكون النتيجة ان يبدأ العام الدراسي »إذا بدأ« وسط هذه الظروف المضطربة والتهديد بالاضراب، وتتواري الآمال التي أطلقتها الثورة ولو إلي حين!! بهذا الارتباك تم التعامل بعد الثورة مع قضايا التعليم.. هل يختلف الأمر في القضايا الأخري.. وهل تختلف النتائج؟!!