برلماني يطالب بالتوقف عن إنشاء كليات جديدة غير مرتبطة بسوق العمل    محافظ كفر الشيخ يشهد الاحتفالات بعيد القيامة المجيد بكنيسة مارمينا والبابا كيرلس    محافظ أسوان: وضع حجر الأساس لمجمع التمور ومنتجات النخيل قريباً    تصدير العقار للخارج كلمة السر فى جلب عملة أجنبية لمصر.. مطورون يطالبون الحكومة بدعم القطاع الخاص.. يجب منح القطاع العقارى محفزات أسوة بالصناعة منها منح أراضى مميزة وبأسعار مخفضة وإعفاءات ضريبية    مدير "تعليم دمياط" يشهد ورشة عمل لتدريب مسؤولي التوظيف بالوحدات المدرسية    انهيارات جليدية وأرضية إثر أمطار غزيرة شمالي الهند    موعد مباراة برشلونة ضد فالنسيا فى الدورى الإسبانى اليوم    إيهاب جلال يعقد جلسة تحفيزية للاعبي الإسماعيلى استعدادا لمواجهة الأهلي    جنوي يكتسح كالياري 3-0 في الدوري الإيطالي    ديلي ميل: أندية الدورى الإنجليزى تصوت على مشروع سقف الرواتب    استعراض نشاط الاتحاد العربي لرياضة ذوي الإعاقة أمام رئيس البارالمبية الدولية    حبس عاطل قتل شابًا بطلق خرطوش فى الإسماعيلية 4 أيام على ذمة التحقيقات    وزارة التعليم تعلن حاجتها لتعيين مدير لوحدة تحسين جودة التعليم الفنى    تأجيل محاكمة المتهمين بحادث قطار طوخ ليونيو المقبل لاستكمال المرافعة.. فيديو    غلق مجزر دواجن وإعدام 15 كيلو أغذية وتحرير 29 محضر صحة في حملة بالإسكندرية    السجن 7 سنوات ل «سايس» قتل شابا في الجيزة    "كليلة ودمنة".. ندوة ضمن فعاليات معرض أبو ظبى الدولى للكتاب    نور النبوي يتعاقد علي «6 شهور»    وزيرة التضامن: مساعدة الأبناء من ضعاف البصر وتوفير دعم مادي وفرص عمل    "بيت الزكاة والصدقات" يطلق 115 شاحنة ضمن القافلة 7 بالتعاون مع صندوق تحيا مصر    كل ما تريد معرفته عن زكاة القمح.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    وزارة الصحة: دعم القطاع الصحى في غزة وتوفير المساعدات للجانب الفلسطينى    الصحة العالمية:مصر حققت إنجازات كبيرة وقضت على شلل الأطفال والحصبة والتيتانوس    وفد الصحة يتفقد مستشفيات كفر الشيخ لمتابعة تطبيق منظومة التأمين الشامل    هل الاحتفال بيوم شم النسيم له أصول أو عقائد مخالفة للإسلام؟.. الإفتاء توضح    غدا.. محاكمة المتهم بدهس فتاة بمنطقة التجمع الخامس    عيد العمال وشم النسيم 2024.. موعد وعدد أيام الإجازة للقطاع الخاص    بالفيديو| أمينة الفتوى تنصح المتزوجين حديثاً: يجوز تأجيل الإنجاب في هذه الحالات    خاص | بعد توصيات الرئيس السيسي بشأن تخصصات المستقبل.. صدى البلد ينشر إستراتيجية التعليم العالي للتطبيق    العثور على جثة طفلة غارقة داخل ترعة بقنا    "متتهورش".. تامر حسني يوجه رسالة للمقبلين على الزواج    آليات وضوابط تحويل الإجازات المرضية إلى سنوية في قانون العمل (تفاصيل)    «قناع بلون السماء» كسر قيود الأسر بالقلم    إحالة المتهم بهتك عرض طفلة سودانية وقتلها للمحاكمة الجنائية    وزير العمل ل «البوابة نيوز»: الحد الأدنى لأجور القطاع الخاص 6000 جنيه اعتبارًا من مايو    خالد الجندي: هذه أكبر نعمة يقابلها العبد من رحمة الله -(فيديو)    حدث في 8 ساعات|مدبولي: استضافة اللاجئين تكلفنا 10 مليارات دولار.. وبدء موسم العمرة الجديد في هذا الموعد    مصراوي يوضح.. هل يحصل الأهلي على 3 مليارات جنيه من فيفا؟    "محظوظ بوجودي معكم".. محمد رمضان يرد على تصريحات المخرج خالد دياب    بخطوات بسيطة.. طريقة تحضير بسكويت القهوة سريعة الذوبان    جامعة مساتشوستس ترفض إنهاء علاقاتها بالاحتلال وتدعو الطلاب لفض اعتصامهم فورا    المحرصاوي يوجه الشكر لمؤسسة أبو العينين الخيرية لرعايتها مسابقة القرآن الكريم    برج الحوت.. حظك اليوم الإثنين 29 أبريل: ارتقِ بصحتك    بعثة يد الزمالك تعود من الجزائر اليوم بعد خسارة اللقب الأفريقى    غزة تحت الأنقاض.. الأمم المتحدة: عدوان إسرائيل على القطاع خلف أكثر من 37 مليون طن من الركام ودمر الطريق الساحلى.. ومسئول أممي: إزالة الأنقاض تستغرق 14 عاما ب750 ألف يوم عمل ونحذر من أسلحة غير منفجرة بين الحطام    صحيفة بريطانية تكشف سبب استقالة أول رئيس وزراء مسلم بإسكتلندا    الهند.. مخاوف من انهيار جليدي جراء هطول أمطار غزيرة    تردد قنوات الاطفال 2024.. "توم وجيري وكراميش وطيور الجنة وميكي"    أمريكا تهدد بقاء كريستيانو رونالدو بالدوري السعودي    لتطوير المترو.. «الوزير» يبحث إنشاء مصنعين في برج العرب    وزير المالية: نتطلع لقيام بنك ستاندرد تشارترد بجذب المزيد من الاستثمارات إلى مصر    وزير التجارة : خطة لزيادة صادرات قطاع الرخام والجرانيت إلى مليار دولار سنوياً    شروط التقديم في رياض الأطفال بالمدارس المصرية اليابانية والأوراق المطلوبة (السن شرط أساسي)    وزيرة التضامن تستعرض تقريرًا عن أنشطة «ال30 وحدة» بالجامعات الحكومية والخاصة (تفاصيل)    بشرى سارة لمرضى سرطان الكبد.. «الصحة» تعلن توافر علاجات جديدة الفترة المقبلة    رئيس جهاز حدائق العاصمة يتفقد وحدات "سكن لكل المصريين" ومشروعات المرافق    مصطفى مدبولي: مصر قدمت أكثر من 85% من المساعدات لقطاع غزة    تراجع أسعار الذهب عالميا وسط تبدد أمال خفض الفائدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلمة السر
ثقافة الدولة المدنية
نشر في الأخبار يوم 11 - 09 - 2011

مطلب إقامة »دولة مدنية حديثة« - بكل ما يتضمنه من أبعاد سياسية وادارية وثقافية - علي رأس مطالب ثورة 52 يناير. وهذا ما دعا الدكتور السيد نصر الدين السيد -الذي عمل استاذا ورئيسا لقسم نظم المعلومات بالاكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا- الي اصدار كتابه »ثقافة الدولة المدنية«. فقد لاحظ ان بعض القوي السياسية تتبني هذا المطلب للدعاية لنفسها بين جماهير الثورة، بينما تكشف أدبيات هذه القوي تناقضا صارخا بين فكرتها عن الدولة وبين مفهوم الدولة المدنية الحديثة.
وكتابه يعد بمثابة جهد علمي قيم لإزالة أي خلط أو التباس.
ونوجز الافكار الرئيسية في هذا الكتاب في السطور التالية: محرك بحث جوجل يخبرنا ان هناك 531 الف موقع يحتوي علي عبارة »الدولة المدنية«. وهناك 535 الف موقع يحتوي علي عبارة »الدولة العلمانية«، كما يوجد 61 مليون موقع يحتوي علي عبارة »المجتمع المدني«.. وتقوم الدولة الحديثة علي ثلاث ركائز رئيسية هي: العلمانية والمواطنة والديمقراطية.
ويحاول المؤلف رد الاعتبار لمفهوم العلمانية الذي تعرض لحملات هجوم وتشويه، كما تعرض مثقفو التجديد الي الاتهام بالكفر والخروج عن الملة، بينما العلمانية تعني، من وجهة نظر المؤلف، كل ما هو منسوب الي العالم، أي خلاف ما هو كهنوتي. وأول من صك مصطلح »العلمانية« هو المصلح الاجتماعي الانجليزي »جورج هوليوك« سنة 6481 وقدم لها التعريف التالي:
»القناعة بامكانية إصلاح حال الانسان من خلال الطرق المادية، دون التصدي لقضية الإيمان سواء بالقبول أو الرفض«.
وفي كتابه »العلمانية الانجليزية« المنشور في لندن عام 6981، يحدد »هوليوك« المباديء الثلاثة للعلمانية، وهي:
تحسين حياة الانسان عبر الوسائل المادية.
العلم هو الأداة المتاحة الفاعلة في يد الانسان.
فعل الخير في الحياة الدنيا للانسان هو أمر مطلوب، والسعي لفعل الخير هو أمر مرغوب.
وعند الحديث عن الانسانية العلمانية، نقرأ الكثير عن الطرق العلمية في البحث عن حلول لمشكلات الانسان، وعن اجابات لما تطرحه الانسانية من تساؤلات، وعن الابداع من أجل رفاهية الانسان، وأهمية ادراك ان الواقع في حالة تغير دائم، وحول الاهتمام بحياتنا المعاشة والعمل علي جعلها ذات مغزي عبر فهم الانسان لنفسه ولتاريخه ولانجازاته الفنية والفكرية، وعن أساس السلوك الأخلاقي، والقناعة بأن العقل والتبادل الحر للافكار، والنية الحسنة والتسامح والتقدم، هي وسائل الانسان لبناء عالم أفضل.

وفي المباديء العشرة »للانسانية العلمانية« التي تضمنها »الاعلان العلماني الانساني«، الذي صدر عام 0891 ووقع عليه 85 من أبرز مفكري العالم وعلمائه والكثيرين من الحاصلين علي جائزة نوبل، دعوة لكي تكون التربية الاخلاقية قائمة علي أساس بناء الشخصية الواعية بأهمية الأخلاق والقادرة علي اختيار القيم الاخلاقية، وعلي فهم تبعات هذا الاختيار.
وطالب الاعلان المذكور بضرورة الاعتراف بالحريات المدنية بشتي أشكالها، وفي مقدمتها حرية الاعلام والاتصالات وحرية التعبير، وحق تكوين الاحزاب والجمعيات، وحرية نشر ابداعات الانسان بجميع اشكالها الأدبية والفنية والفلسفية والعلمية، وحرية الاعتقاد وحرية الضمير، وفصل الكنيسة عن الدولة، الي جانب الحرية السياسية والاقتصادية.. وينص ذلك »الاعلان العلماني الانساني« علي ان الممارسة الدينية تلعب دورا مهما في حياة الانسان وتمنحه معني ومغزي لهذه الحياة.
وهنا يوضح مؤلف »ثقافة الدولة المدنية« ان العلمانية تعني الفصل بين ما يحكم »عالم الدنيا«، وما يحكم »عالم الآخرة«، وأن الفصل بين العالمين لا يعني »اقصاء« احدهما لحساب الآخر، فكل منهما تحكمه قواعده وقوانينه، والخلط بينهما يؤدي الي افساد الاثنين معا.
والدولة المدنية الحديثة لا يقوم الحكم فيها علي أساس ديني، وهي تعلي من شأن قيمة التسامح بين الأديان والعقائد وتكفل الحرية الدينية لأي جماعة دينية، وتضمن حرية الاعتقاد وعدم التمييز علي اساس ديني عند تولي أي منصب في الدولة والمساواة الكاملة في ممارسة الحقوق السياسية.
والثقافة العلمانية هي، باختصار، ثقافة »تمكين الانسان«، فهو في نهاية المطاف - سيد مصيره، ومهندس واقعه، وهو مسئول أمام نفسه وأمام المجتمع عن نتائج افعاله.

أما أبعاد المواطنة، فهي ثلاثة: المساواة والمشاركة والانتماء.
ويري المؤلف ان الانتماء تعرض للتآكل والتغييب.
وهذا البعد من ابعاد المواطنة.. يجسده وعي المواطن بانتمائه الي كيان محدد الملامح هو الوطن.. كيان يتجاوز محدودية الانتماء الي الأسرة أو القبيلة أو الطائفة أو الملة.. وقد شهدت العقود الأخيرة معاناة هذا البعد من مرض مزمن لا نجد له اسما أفضل من »تسيد ثقافة الملة«.. وثقافة الملة هي الثقافة التي تعلي من شأن الإنتماء للملة علي حساب الانتماء للوطن. والنتيجة هي تآكل مفهوم المواطنة وتضاؤل تأثيره في المجتمع.. وتنبع خطورة هذا المرض في كونه يتعلق بوحدة وتماسك الكيان المصري، الذي لم يعرف أي تشققات، أو تصدعات في بنيته منذ نشأته كأول »أمة - دولة« في تاريخ البشرية قبل أكثر من خمسة آلاف سنة.. فقد كان تماسك وتجانس الكتلة البشرية للأمة المصرية، عبر تاريخها الطويل، واحدا من أهم الملامح الفريدة التي تميزت بها هذه الأمة.
انها الأمة التي ابتدعت مفهوم »الوطن« الذي ينتمي اليه كل افرادها ويدينون له بالولاء.. فتجاوزت بذلك ضيق الانتماء الي القبيلة والعشيرة أو الطائفة.
والملاحظ ان البعض يري انه لا توجد، من وجهة نظرهم سوي »قومية الدين« التي لا تعترف بقومية الوطن المرتكزة علي فكرة الولاء للوطن وعلي مفهوم المواطنة. ويعتبر هذا البعض -دون اعلان- ان الوطنية والانتماء للوطن والاخلاص له.. يتعارض مع كمال الايمان!

كذلك ينظر البعض الي تاريخ الوطن كما لو كان سلسلة من الحقب المنفصلة بعضها عن بعض، وكل منها مقطوع الصلة بما سبقه ولا تأثير لأي منها علي ما يعقبه.
انها نظرة تتجاهل عنصر الاستمرارية والتواصل في تاريخنا الطويل. فتاريخ مصر المكتوب يتجاوز 25 قرنا، منها عصر الفراعنة الذي يغطي 92 قرنا الأولي من عمر الأمة »0023 ق. م - 233 ق. م«، أي ما يعادل 65٪ من تاريخها ثم العصر الهيليني، الذي تزاوجت فيه كلمة المصريين مع فلسفة الاغريق واستمر ثلاثة قرون »323 ق. م - 03م« ليمثل 6٪ من تاريخ الأمة، واعقبه العصر المسيحي، الذي استمر حوالي ستة قرون »33م - 046م« أو ما يعادل 21٪ من عمر الأمة، ثم جاء العصر العربي الاسلامي وامتد 41 قرنا منذ فتح العرب لمصر سنة 046م. أو ما يعادل 72٪ من تاريخ الأمة، ثم جاءت الموجة الحداثية مع تولي محمد علي حكم مصر في 71 مايو 5081 »4٪ من عمر الأمة«.
ويدعو المؤلف الي ان نأخذ في الاعتبار ثراء وتنوع مكونات الكيان المصري وتطور شخصية هذا الكيان عبر مئات القرون، كمحصلة لتفاعل حضارات مختلفة مما أفرز خصوصيته المتميزة.
أما عن الديمقراطية، فان ثقافتها تعتمد علي الاحتفاء بالتعدد، وتشجيع الحوار، وتحقيق المساواة، وحماية الحرية.
وأهم مميزات كتاب الدكتور السيد نصر الدين السيد »ثقافة الدولة المدنية« انه يدقق في شرح معاني الكلمات والمصطلحات حتي لا يدع فرصة للهجوم علي مصطلح أو مفهوم معين دون معرفة أو دراية أو علم بمعناه. وتلك هي كلمة السر في الكتاب: تعلم قبل ان تتخذ موقفا بالقبول أو بالرفض.
الكتاب يحدد المقصود من مفهوم الدولة المدنية الحديثة وركائزها والبعد الثقافي لهذه الدولة بأسلوب علمي وموضوعي بعيد عن التشدد والتشنج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.