- سؤال طرحته علي نفسي كلما التقيت شابا من حملة دبلوم المدارس الصناعية يبيع كلينكس في إشارة مرور، سألت إلي متي سيظل التعليم الفني في هذا القهر، خريجوه من المفترض أن يكونوا حرفيين، تتهافت عليهم المصانع والحرف اليدوية.. لكن للأسف تحولوا إلي باعة جائلين، منهم من يعمل في المقاهي في تحميص فحم الشيشة.. ومنهم من يعملون »منادين» يتنقلون من رصيف إلي رصيف، يعرضون عليك غسيل سيارتك.. شفتم الخيبة.. من فني صناعي لغسيل سيارات أو عامل في محطة بنزين.. .. بالله عليكم هل هذا عدل أن تتحمل الدولة ملايين الجنيهات في ميزانية التعليم الخاص وتكون النتيجة لا شيء.. والحكومة طناش، تعرف أن مستوي التعليم في المدارس الصناعية مترد جدا، مع أن فيه أقساما لكل الحرف من نجارة لسباكة لمعمار لكهرباء لأجهزة لاسلكي، معني الكلام أن هذه المهن المفروض أن تسد النقص في السوق المحلي، لكن الحقيقة غير كده.. لأن خريجي هذه المدارس يتخرجون منها أنصاف أميين، وليس عندهم استعداد بعد الدبلوم أن يتدربوا في مجال ما درسوه، فيبحثون عن عمل ومش مهم نوعيته، واسألوا وزير القوي العاملة الوزير محمد سعفان فالرجل يواجه مأساة، المستثمرون يطاردونه وهم يطالبون بالموافقة علي جلب عمالة حرفية من الدول الآسيوية.. من تايلاند والفليبين وماليزيا.. والوزير يتهرب لأنه حزين بحجة أن عمالة بلده أولي، لكن من الواضح أن الرجل بينفخ في قربة مقطوعة فالعمالة مستواها الحرفي زيرو، وكأنها لم تتعلم شيئا في المدارس الصناعية.. - وهنا أسأل أين اتحاد الصناعات من هذه القضية، لماذا لا ينتزع التعليم الفني من حضن وزارة التربية والتعليم، ويتولي الاتحاد إدارة المنظومة التعليمية من مناهج ودورات تدريبية بالمصانع وإعداد حرفيين اساتذة للتدريس، مؤكد أن اتحاد الصناعات وهذه خبرته سيكون أكفأ من أنصاف الجهلة الذين يقومون بالتدريس النظري في مدارس المفترض أنها حرفية.. في الخارج التعليم الفني يدخل تحت عباءة القطاع الخاص، ولأن المصانع يهمها إعداد جيل من الحرفيين فهي تنفق علي الطلاب أثناء تدريبهم في المصانع وتمنحهم أجورا شهرية لذلك تجد الرغبة القوية للدراسة عكس ما يحدث في مدارسنا، فالطلاب لا يجدون من يصرف عليهم فيتجهون إلي التجول والأعمال العشوائية بغرض تحقيق موارد لمعيشتهم.. - من الظلم أن يكون عندنا نبت من أولادنا ونهمل في إعدادهم فنيا، نحن نظلمهم ونظلم الصناعة عندنا بسبب عجز العمالة الفنية، وللأسف عندنا بعض المهن انقرضت الخبرة فيها بسبب عدم تعليم الجيل الناشئ بها، مثل مهنة الحجر الصناعي أو الموزايكو، فأنت لو احتجت سباكاً فنياً متميزاً من الصعب تجده بسهولة، فليس كل من حمل مفك أصبح سباكا.. لذلك أقول أن اتحاد الصناعات عنده من الإمكانيات التي تؤهله للإشراف علي التعليم الفني، ويستطيع أن يحبب الأسرة المصرية في تشجيع أولادها علي الالتحاق بالتعليم الفني، واتحاد الصناعات قادر علي تغيير نظرة المجتمع للعامل الحرفي، ويوم يكتسب احترام المجتمع له سيتضاعف عدد الحرفيين المثقفين، وقد يحدث تحول تدريجي لخريجي الحقوق والاداب للعمل حرفيين لما تحققه المهنة.. لقد كنت مقيما في أحد الفنادق الانجليزية وأثناء خروجي من غرفتي متجها إلي المصعد وجدت فتاة ترتدي افرول النقاشة وهي تحمل سلما صغيرا، وعن بعد اكتشفت أنها تقوم بتجديد حوائط الفندق، قلت في نفسي لا يمكن لبنت مصرية جامعية أن تقوم بهذا العمل، لأن عندهم مش عيب، وعندنا عيب.. - كلمة أخيرة وأعرف أن الحكومة كالعادة طناش، لن تفكر في هذه المبادرة، وإن كنت أتطلع إلي أكاديمية تتبع اتحاد الصناعات للتعليم العالي الحرفي، لكن تقول لمين والحكومة طناش، وبعدها نقول ما فيش انتاج، ثم من أين يأتي الانتاج وأولادنا الشبان علي المقاهي، نحن في حاجة إلي فزعة قوية ننهض فيها بالتعليم الحرفي ونحقق له الحوافز التي تشد اهتمامات الأسرة المصرية.. فعلا نحن في حاجة إلي حرفيين في تشغيل وصيانة المصاعد، والأعمال الفنية الدقيقة التي تحتاج إلي مهارات عالية، وصيانة السيارات التي أصبحت مكلفة جدا جدا..