علي مدي أكثر من ثلاثة شهور تحول برنامج " شاهد علي العصر " الذي تقدمه قناة" الجزيرة" إلي حفل شتائم للزعيم الخالد جمال عبد الناصر ، و إلي محاولة لضرب فكرة العروبة و الإساءة لعلاقات خالدة بين الشعبين الشقيقين في مصر وسوريا . استضاف البرنامج الضابط السابق عبد الكريم النحلاوي الذي قاد مؤامرة الانفصال علي الوحدة المصرية السورية التي كانت قد فتحت أبواباً للأمل أمام الشعب العربي في كل مكان في تحقيق آماله في الوحدة و التقدم و الاستقلال . وبعد أن أتم جريمته تم التخلص منه ليختبئ بعاره ما يقرب من نصف قرن ، حتي أعادته القناة التلفزيونية أو أعادوه لها ليقول شهادته التي كان من الممكن أن تقدم شيئاً يستفاد به لو أنها استهدفت الحقيقة و لم تتحول إلي محاولة رخيصة لتشويه التاريخ و توجيه الحوار من جانب مذيع الحلقات نحو هدف واحد : الإساءة لعبد الناصر و الكفر بالوحدة و العروبة ، و ليتحول الأمر في النهاية من " شاهد علي العصر " إلي " شاهد علي العهر .. السياسي و الإعلامي " حين يصف المذيع ، التفاف الشعب السوري حول عبد الناصر ، بأنه كان يقبل حذاءه !! أي سقوط ؟ و أي تدنٍ ؟ و أي إساءة لشعب أحب زعيمه كما أحبه كل عربي من المحيط إلي الخليج . لم يكن يملك المال ليشتري ولاءهم ، ولم يكن يرسل الجيوش ليفرض سلطته .. كان فقط يملك الصدق و ينحاز لأبناء أمته ويقودهم في معارك الكرامة والاستقلال و التقدم . و لذلك أحبوه و هو يبعث الأمل ، ووقفوا معه وهو يجسد أحلامهم ، و لم يتركوه عندما تلقي الطعنة و لحقته الهزيمة في 67 بل خرجوا في حدث لم يشهده العالم من قبل يؤكدون أنهم سيستمرون تحت قيادته حتي يتم الثأر من الهزيمة . و لم يكن استقباله في الخرطوم بعد الهزيمة بأقل من استقباله في دمشق او في الجزائر أو في اليمن أيام الانتصار . قصة الوحدة السورية- المصرية لم يعد فيها الكثير من الأسرار . و الحقائق تقول إن عبد الناصر كان رافضاً للوحدة الفورية و كان يريد تحقيق الوحدة علي مراحل . و لكن الأشقاء في سوريا كانت الصورة لديهم مختلفة .. حشود إسرائيلية في الجنوب ، و حشود تركية ( مدعومة من أمريكا يومها ) في الشمال ، وأي تأخير في إتمام الوحدة معناه سقوط سوريا. وقد وافق عبد الناصر و القيادة السياسية في مصر علي مشروع الوحدة بعد توافق كل المؤسسات الحاكمة في سوريا ، وبعد استفتاء الشعب في القطرين الشقيقين . و كان الكل يدرك صعوبة المرحلة ، خاصة و أن القوي الكبري ( شرقاً و غرباً ) لم تكن مع الوحدة ، و العديد من النظم العربية كانت تعاديها ،و إسرائيل كانت تدرك خطورتها . ثم أضيف لكل هؤلاء من أضيروا قرارات الإصلاح الزراعي ثم القرارات الاشتراكية التي سبقت الانقلاب بشهرين فقط !! ولو كانت الشهادة علي العصر التي استمرت لأكثر من ثلاثة شهور هي لوجه الله و الحقيقة ، لكان هذا الذي ارتكب جريمة الانفصال ثم اختبأ بعاره لخمسين سنة ، قد شرح للأجيال الجديدة حقيقة الأوضاع التي كانت تعيش فيها المنطقة، والتهديدات التي كانت تعيش في ظلها سوريا ، و التغيير الاستراتيجي الذي نتج عن قيام الوحدة ، و المؤامرات التي توالت عليها. و لكان قد أبرأ ذمته و أقر بمن وقفوا وراء الانفصال ، و من مولوا الجريمة ، و من دافعوا عن الانفصال بعد وقوعه ، و من حاولوا استثماره لإسقاط الحكم في مصر . لكنه لم يفعل شيئاً من ذلك ، بل قاده مذيع يشاركه الضلالة و التضليل ، إلي حيث تحولت الشهادة إلي شهادة زور ، وأصبح الهدف هو مواصلة نفس الحملة التي لم تنقطع من نصف قرن لتشويه عبد الناصر ، ثم و هذا هو الأخطر - زرع اليقين عند العرب جميعاً بأن عروبتهم وهم ، و أن خطواتهم نحو الوحدة أو العمل المشترك محكومة بالفشل . و .. غبي منه فيه ، من يعتقد أنه قادر علي تغيير إرادة الشعوب التي هي من إرادة الله . و غبي منه فيه من يعتقد أن الشعوب التي خبأت رجلاً مثل عبد الناصر في قلوبها رغم الحملات الإعلامية و حروب الكراهية و تزوير التاريخ و الهزائم التي ألحقتها به القوي المعادية .. هذه الشعوب يمكن أن تتأثر بشهادة زور من متآمر جبان أو مذيع كاره . و قد جاء الرد حين سمح للبعض أن يعلق - في حلقة خاصة - علي شهادة الزور و الكراهية ، فكانت التعليقات درساً في ان أمتنا - رغم كل حملات التضليل و تشويه التاريخ ، مازلت تملك البوصلة التي تفرق بين الحق و الباطل ، و بين الخيانة و الوطنية ، و بين الانتصار للحقيقة والانكسار أمام الرغبة في التزييف و البهتان . و لا أكتب هنا دفاعاً عن عبد الناصر ، فالرجل أخذ مكانه في التاريخ و أخذ مكانه في قلوب الملايين التي مازالت ترفع صورته في كل مناسبة وطنية و تحدد موقفها من كل قضاياها علي سوء المبادئ التي حاربت من أجلها تحت قيادته . و لكني أكتب دفاعاً عن تاريخ كتبته هذه الأمة بالعرق و الدم ، و دفاعاً عن شعوب آمنت بوحدتها و حاولت في أصعب الظروف أن تحقق خطوات علي طريقها ، فإذا بها توصف اليوم - باستخفاف و رقاعة - بأنها كانت تقبل الأحذية !! ثم اكتب و الشعور بالقرف يداهمني و أنا أشاهد مذيع هذا البرنامج وقد حاصرته تعليقات المشاهدين علي شهادة الزور التي يقدمها مع قائد جريمة الانفصال، فيصرخ في المشاهدين متسولاً بعض الاحترام لضيفه مساوياً بينه و بين جمال عبد الناصر ، باعتبار أن كلا منهما قام بانقلاب !! تصوروا .. النحلاوي الذي اختفي بعاره خمسين عاماً و مازال هارباً من حساب الشعب في سوريا حتي اليوم ، مثل عبد الناصر الذي مازال حياً في ضمير أمته بعد أربعين عاماً من الرحيل .. هكذا يقول لنا "شاهد علي العصر" حين تتحول شهادته إلي " شهادة علي العهر "السياسي و الإعلامي الرخيص !! آخر كلام الضغوط المريبة تتزايد لمضاعفة النسبة المخصصة للبناء علي أراضي طريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوي حتي الكيلو 80 ،و هي الأراضي المخصصة أصلاً للاستصلاح الزراعي ، ثم تحولت ذ بالالتفاف علي القانون ،الي منتجعات سكنية فاخرة !! المطلوب أولا نشر أسماء الكبار الذين سيحققون ثروات طائلة من هذا التعديل ، و أسماء كبار المسئولين و النافذين وأبنائهم و زوجاتهم الذين تسابقوا ، في الفترة الأخيرة ، لشراء هذه الأراضي وهم علي ثقة بأنهم قادرون علي تمرير القرار المشبوه و تحقيق الثروات غير المشروعة ! من هم هؤلاء المحظوظون و لماذا يسمح لهم بنهب المليارات علي حساب المال العام ، بينما الدولة تقترض من الداخل و الخارج لمعالجة العجز الكبير في الميزانية ؟! فشل الكابتن سمير زاهر في انتخابات الاتحاد العربي للكرة ، فبدأ البعض الحديث عن المؤامرة ، و الغيرة من نجاحنا ، والدعوة للانسحاب و المقاطعة .. إلي آخر هذا الكلام الفارغ الذي يحاول تبرير الفشل في إدارة علاقاتنا مع الأشقاء العرب . إن المؤامرة الوحيدة هنا هي عودة الحديث عن سفر المنتخب للعب في القدس و هي تحت الاحتلال الإسرائيلي .. ارحمونا يرحمكم الله ، و .. فضوها سيرة !! بعض اللافتات التي ترفعها جماهير الكرة في المدرجات تدخل في دائرة العيب ، و نقلها عبر شاشات التليفزيون مشاركة في الجريمة لابد من تعليمات حازمة لوقفها .