ليست الشهادة لقباً فخرياً أو صفة وظيفية مكتسبة، بل هي عمل بطولي له منزلته الكبري عند المولي عز وجل وفي نفوس البشر. ومع تلاحق الأحداث والصراعات المستمرة بين فئات المواطنين.. تطالعنا الأخبار دوماً باستشهاد رجال وشباب من حماة مصر، أثناء مواجهتهم الحاسمة مع البلطجية والخارجين علي القانون، وعلي الرغم من تلك الاعتداءات الغاشمة من هؤلاء المجرمين، وامام هذا الإجرام العتيد صمد الضباط والأفراد والجنود، ودفعوا حياتهم ثمناً لتلك المواجهات البطولية من أجل مصر وأمنها، وليس مهماً عندهم ان يتيتم اطفالهم وترمل زوجاتهم وتتحسر وتحزن أسرهم علي ما أصابهم من كرب، وتلك هي عظمة الاستشهاد في سبيل الواجب، أن ما يحدث من استعداء مستمر لرجال الشرطة فاق الحدود والتصورات، وأصبح مؤكداً أن هناك أيادي خفية تريد أن تكسر رجال الأمن لتثنيهم عن تأدية واجبهم حتي يتمكنوا من فعل ما يريدونه، ولم نسمع في دولة ما مرت بنفس الظروف عن استشهاد ما يزيد علي 21 من رجال الشرطة خلال ثلاثة اشهر أي بمعدل 7 شهداء شهرياً، والمحزن في هذا التجاهل وعدم الاهتمام من الدولة لدم هؤلاء مثلما حدث مع ما أطلق عليهم شهداء قتلوا وهم يحرقون ويدمرون اقسام الشرطة ويعتدون ويدمرون الممتلكات العامة والخاصة، وتسابقت إليهم الأقلام والفضائيات للمطالبة بالقصاص ومحاكمة من قتلهم، وتلك هي عجائب القدر التي ضيعت كل المعاني الحقيقية للاستشهاد، ولم نهتم بمن استشهدوا وهم يحمون حدودنا من عدو غاشم متغطرس لا يعترف بالقوانين والالتزامات الدولية وعلي الرغم من فداحة الحدث لم يكن رد الفعل الحكومي مرضياً للشعب المصري ولا ملائماً للسياسة الخارجية التي كنا نعتقد أنها تغيرت، وهو مارفضه البعض. أن ما نلمسه ونشاهده من تضحيات في كل يوم وليلة يدفعنا إلي التعجب من هؤلاء الذين يقلبون الحق بالباطل، ويجعلون من عتاة الاجرام وتجار المخدرات أبطالاً لأنهم اعتبروهم أيتاماً وطيبين وذوي أخلاق حميدة، ولا عبرة بصحيفتهم الجنائية الحافلة بالسجل الإجرامي المتنوع، ومبرر ذلك من وجهة نظرهم أن الشرطة ظالمة وهي التي عذبت وانتهكت الحقوق، فهل لهؤلاء المجرمين حقوق ؟ وهل الخوف منهم والطبطبة عليهم هما الاسلوب الأمثل لتجنب هذا الاستعداء المستحكم ضد رجال الشرطة ؟ المفترض أننا في مرحلة جديدة من التغيير والبناء، فلماذا هذا التجاهل لكل عمل شجاع يدافع عن أمن وأمان كل مصري، أم أن اللهث وراء السلبيات والبحث عن الأخطاء التي لا أساس لها، واختلاق الوقائع والصوت الجهور، والتعاطف المهين مع البلطجية والخارجين علي القانون يتوجب علينا أن نصدقه. عزاؤنا لشهداء الواجب الذين لاريب في شهادتهم، وسوف تظل ذكراهم العطرة دائماً في قلوبنا، وتحية اعزار واجلال لاسرهم وأهلهم، ودعاء من القلب بان يلهمهم المولي عز وجل الصبر والسلوان، أنه علي كل شيء قدير.