قال مخاطبا الرئيس لقد أنجزنا احصاء الأجانب بالخرطوم ثم مضي يقول: أولا المصريون فقاطعه الرئيس الأزهري قائلا المصريين مش أجانب يا معالي الوزير أكتب هذه الخواطر ونحن علي مشارف القمة السودانية المصرية الهامة التي ستنعقد في الخرطوم في أكتوبر القادم ولقاء القمة بين الرئيسين عبد الفتاح السيسي وعمر البشير وهي القمة التي يترقبها كل أبناء وادي النيل، ونذكر هنا كلمات الرئيس السيسي خلال القمة الماضية بالخرطوم عندما قال مخاطبا الحضور أنا الآن في وطني الثاني السودان وكانت عبارة صادقة تتكرر كلما التقي أبناء وادي النيل في القاهرة أو الخرطوم نسمعها من كبار المسئولين وأهل الرأي والثقافة فالمصري في السودان يعبر بالقول أنا في وطني الثاني وكذلك السوداني عندما يصل إلي مصر وهذه العبارة التي ظلت راسخة علي مدي الأيام تأخذنا إلي تاريخ قديم. ففي العام 1954 ألف الراحل إسماعيل الأزهري زعيم الحزب الوطني الإتحادي أول حكومة منتخبة نالت ثقة البرلمان السوداني الذي تم انتخابه في نهاية العام 1953 وذلك تنفيذا لاتفاقية 12 فبراير التي تم توقيعها في القاهرة في فبراير عام 1953 بموافقة كل الأحزاب السودانية وكان الفضل في إنجاز هذه الاتفاقية يعود إلي الحكومة المصرية الجديدة بعد ثورة 23 يوليو وللرئيس محمد نجيب الذي نجح في توحيد القوة السودانية السياسية ومواجهة الإدارة البريطانية التي لم تكن تتعجل للوصول إلي توقيع تلك الإتفاقية التاريخية التي سميت فيما بعد باتفاقية الحكم الذاتي ويذكر أهل السودان للرئيس الراحل محمد نجيب كل الفضل في الوصول إلي هذه الاتفاقية خاصة انه له صلة بالسودان وصلة أسرية بمدينة سواكن السودانية وقد درس في كلية غردون التذكارية وكان من زملائه في الدراسة العديد من الذين أصبحوا قادة في السياسة والثقافة في السودان.. وعند أول اجتماع لمجلس الوزراء طلب الرئيس الأزهري من وزير الداخلية حسن عوض الله أن يقوم بإحصاء عدد الأجانب المقيمين بالخرطوم وفي الاجتماع التالي جاء الوزير حسن عوض الله وهو يحمل ملفا به نتائج الإحصاء وعندما بدأ في قراءة الملف قال مخاطبا الرئيس لقد أنجزنا احصاء الأجانب بالخرطوم ثم مضي يقول أولا المصريون فقاطعه الرئيس الأزهري قائلا المصريين مش أجانب يا معالي الوزير اقرأ علينا ثانيا.. وقد انتشرت هذه العبارة من الرئيس الأزهري في المجتمع السوداني مع القبول والاستحسان والإشادة. وفي شهر مارس الماضي نصحني أحد الأصدقاء بأن أقيم في إحدي عمارات الشقق الفندقية بأحد أحياء الخرطوم الراقية وهو حي العمارات وأخذت منه العنوان واتجهت مع سائق السيارة إلي الحي المقصود ودخلت في شارعه الرئيسي وأول ما لفت نظري كان اسم الشارع كانت هناك لافتة مكتوب عليها شارع الرئيس محمد نجيب وقد أعادتني تلك اللافتة إلي ذلك التاريخ القديم وتوقيع اتفاقية فبراير والمؤكد إن أبناء السودان أرادوا تكريم الرئيس محمد نجيب وذكر أفضاله.. واتجهت من شارع محمد نجيب شمالا إلي ميدان صغير حيث العمارة المقصودة وخلال جلوسي مع مالك العمارة ومديرها سألته عن عدد الأجانب الذين يسكنون في الشقق المفروشة فأجابني هناك ثمانية من الأجانب وأربعة من الأشقاء المصريين واستوقفتني الإجابة لأنه وفي إجابته لم يعتبر المصريين من الأجانب وتذكرني إجابته بأيام السينما عندما كان أبناء السودان كما ذكرت من قبل لا يقولون عن الفيلم المصري أنه أجنبي.. ولما كنا نتحدث عن فن السينما فلابد أن نتحدث عن مشاركة العدد الكبير من الفنانين السودانيين في الأفلام المصرية ويذكر التاريخ إن أول فيلم غنائي سوداني قصير تم إنتاجه في القاهرة وفي استديو مصر عام 1944 وهو بعنوان (بنت البلد) وقام بالغناء في الفيلم عميد الغناء السوداني القديم الحاج محمد أحمد سرور الذي قدم اغنية ما أحلي ساعات اللقا وشاركه أيضا عميد الغناء السوداني الحديث أحمد المصطفي الذي غني في الفيلم ها هو النيل حيالي، وقد شارك في إنتاج هذا الفيلم وإخراجه أحد فناني استوديو مصر الكبار وهو الفنان نيازي مصطفي والذي عرفه الجمهور بعد ذلك عندما تم عرض فيلم عنتر وعبلة في دور السينما وقد بدأت المشاركات السودانية في الأفلام الغنائية في فترة مبكرة وكان أول من شارك هو الفنان إسماعيل عبد المعين الذي غني مع فريد الأطرش مقطعا من أغنية (ماتقولش لحد) في الفيلم الذي حمل نفس العنوان، ومن المشاركات الغنائية في الأفلام المصرية مشاركة الفنان سيد خليفة في فيلم تمر حنة عندما قدم أغنيته الشهيرة (المامبو سوداني) ثم كانت مشاركة الفنان احمد المصطفي مع الفنانة صباح في أحد افلامها وقد غني معها أغنيته الشهيرة (رحماك يا ملاك) ثم كانت آخر المشاركات المهمة هي مشاركة فنان الشباب في ذلك الحين المطرب إبراهيم عوض الذي غني (اظهر وبان) في فيلم إسماعيل ياسين طرزان وهي الأغنية التي كتبها الشاعر عبد المنعم عبد الحي ولحنها شيخ الملحنين السودانيين الراحل برعي محمد دفع الله ثم كانت من أهم الأفلام المشتركة بين مصر والسودان فيلم (رحلة عيون) الذي أخرجه المخرج الفنان أنور هاشم وشارك في بطولته الفنان الكبير محمود المليجي والفنانة سمية الألفي ومن السودانيين شارك نجم الفكاهة الأشهر في ذلك الوقت الفاضل سعيد وقام بالبطولة الغنائية الفنان الكبير صلاح ابن البادية الذي قدم في الفيلم أغنية (رحلة عيون) التي حمل الفيلم اسمها.. أما المساهمات السودانية في الأفلام الدرامية المصرية فيأتي في المقدمة جمعة إدريس الذي كان يمثل حضورا دائما خاصة في أفلام الفنان فريد الأطرش وقد أشتهر بأداء دور مدير المنزل خفيف الدم ثم بعد ذلك الفنان سيد سليمان وهو من أبناء مدينة أم درمان وكان من أعضاء فرقة نجيب الريحاني وقد شارك في العديد من الأفلام المصرية وإن كان ذلك في عصور قديمة فكان من أبرز الفنانين السودانيين الذين شاركوا في الأفلام المصرية الفنان إبراهيم خان وكان من أهم الأفلام التي شارك في بطولتها فيلم غروب وشروق انتاج عام 1970 اخراج المخرج كمال الشيخ مع الفنان الكبير محمود المليجي وفتي الشاشة في ذلك الحين رشدي أباظة والسندريلا سعاد حسني وهي واحدة من أهم بطولات الفنان إبراهيم خان الذي شارك في العديد من الافلام والمسلسلات التلفزيونية التي لايزال الجمهور يتذكرها.. ومن النجوم السودانيين الذين شاركوا وقاموا بأداء أدوار عديدة في السينما المصرية الفنان الكبير خالد العجباني الذي كان أحد الممثلين المجيدين الذين مثلوا حضورا كبيرا في الأفلام المصرية وهو مثل زميله إبراهيم خان من خريجي المعهد العالي للتمثيل بمصر ومن الفنانين الشباب الذي شاركوا في الأفلام المصرية الفنان محمد السني دفع الله الذي اختاره الفنان الكبير عادل إمام ليشاركه في فيلم (الإرهاب والكباب) وقد نال الفنان السني دفع الله إعجابا كبيرا من جماهير السينما في مصر، وقد أشرك الفنان الكبير عادل إمام الفنانة الشعبية السودانية ستونة في فيلمه (هاللو أمريكا).. ومن الأجيال الجديدة ذات الإسهام في مجال السينما المصرية المخرج الفنان سعيد حامد من أبناء أم درمان الذي لا يزال يواصل العمل والعطاء مع أشقائه المصريين ومن أشهر أفلامه (صعيدي في الجامعة الأمريكية) و(يا أنا يا خالتي) و(شورت وفانلة وكاب) والعديد من الأفلام، ولابد ان نذكر في ختام هذه الخواطر مشاركات الفنان الكبير أحمد عاطف والذي كان يلقب بعميد الخشبة في العديد من الأفلام المصرية وهو خريج المعهد الألماني للسينما. أسرة وادي النيل وأهمية دعمها لا شك أن من أهم المنظمات أو الجمعيات التي ضمت أبناء وادي النيل في الشمال والجنوب هي أسرة وادي النيل التي بدأت نشاطها في تسعينيات القرن الماضي فقد شارك في تأسيسها العدد الكبير من القيادات المؤثرة نذكر من بينهم الدكتور صوفي أبو طالب والدكتور طلبة عويضة واللواء عمر القناوي والدكتورة إجلال رأفت والدكتور ميلاد حنا وشخصيات أخري لا تقل أهمية وتأثيرا، ومن الشخصيات السودانية الهامة التي شاركت في تأسيس ونشاط الأسرة السيد محمد سر الختم الميرغني وإسماعيل الفاضل المهدي والدكتور حسن أبشر الطيب ومن أجيال الشباب بكري النعيم منصور والمعز محمد علي ومحمد الخضر يوسف والراحل توفيق بيومي وآخرين لم يبخلوا بالجهد والرأي والمساهمة في النشاط، وقبل فترة شاركت في اجتماعا بنادي السيارات بالقاهرة دعاني إليه السفير علي يوسف وهناك وجدت العديد من الشخصيات التي لها اهتمام بأسرة وادي النيل ومن بين هؤلاء الاستاذ محمد عبد الغفار والإعلامي محمود مراد وبعض أعضاء البرلمان وحضر من السودانيين وزير الإعلام في ذلك الحين ووزير الداخلية الحالي الدكتور أحمد بلال والدكتور عبد المحمود عبد الحليم سفير جمهورية السودان بجمهورية مصر العربية وقد اتفق الجميع علي أهمية دعم أسرة وادي النيل دعما قويا لتؤدي دورها في خدمة العلاقات الأزلية بين شعبي وادي النيل في المجالات الثقافية والفنية والشبابية والاكاديمية وأن تكون قناة اتصال قوية بين أبناء الوادي وأن تعطي اهتماما خاص بالعلاقات الثقافية ومن هنا نرجو أن تجد أسرة وادي النيل الدعم اللازم من كل الجهات لتتمكن من القيام بدورها الهام بل الهام جدا في هذه المرحلة في تاريخ العلاقات بين أبناء وادي النيل ونختم بما غني به فنان الأجيال محمد عبد الوهاب: عاشت مصر والسودان دامت أرض وادي النيل أمان اعملوا تنولوا واهتفوا وقولوا السودان لمصر ومصر للسودان • كاتب سوداني مقيم بالقاهرة