ولسائل أن يسأل : هل أخرج الكفار رسول الله من مكة، أم أن الله هو الذي أخرجه؟ ونقول ان عناد قومه وتآمرهم عليه وتعنتهم أمام دعوته، كل ذلك اضطره الي الخروج ولكن الحق أراد بهذا الخروج هدفا آخر غير الذي أراده الكفار. يقول الحق سبحانه وتعالي: »إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا» أي أننا أمام ثلاثة أزمنة زمن الاخراج وزمن الغار والزمن الذي قال فيه رسول الله لأبي بكر »لا تحزن إن الله معنا»، وقد جاء النصر في هذه الأزمنة الثلاثة ساعة الاخراج من مكة وساعة دخل سيدنا رسول الله مع أبي بكر إلي الغار وساعة حديثه مع أبي بكر. ولسائل أن يسأل هل أخرج الكفار رسول الله من مكة أم أن الله هو الذي أخرجه ونقول ان عناد قومه وتآمرهم عليه وتعنتهم أمام دعوته، كل ذلك اضطره الي الخروج ولكن الحق أراد بهذا الخروج هدفا آخر غير الذي أراده الكفار فهم أرادوا قتله وحين خرج ظنوا أن دعوته سوف تختنق بالعزل عن الناس فأخرجه الله لتنساح الدعوة وأوضح لهم سبحانه أنتم تريدون اخراج محمد بتعنتكم معه وأنا لن امكنكم من أن تخرجوه مخذولا وسأخرجه أنا مدعوما بالانصار وقالوا ان الهجرة توأم البعثة أي ان البعثة المحمدية جاءت ومعها الهجرة بدليل ان رسول الله حينما اخذته أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها الي ورقة بن نوفل بعد ما حدث له في غار حراء قال له ورقة: ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك قال ورقة بن نوفل ذلك لرسول الله قبل ان يتثبت من النبوة، فقال رسول الله : أو مخرجي هم؟ قال ورقة بن نوفل: نعم، لم يأت رجل بمثل ما جئت به إلا عودي. إذن : فالهجرة كانت مقررة مع تكليف رسول الله بالرسالة لماذا؟ لانه كان أول من أعلن علي مسامع سادة قريش رسالة الحق والتوحيد. ففكرة الهجرة مسبقة مع البعثة ولأن البعثة هي الصيحة التي دوت في آذان سادة قريش وهم سادة الجزيرة ولو صاحها في آذان قوم ليسوا من سادة العرب لقالوا: استضعف قومه فصاح فيهم ولكن صيحة البلاغ جاءت في آذان سادة الجزيرة العربية كلها فانطلقوا في تعذيب المسلمين ليقضوا علي هذه الدعوة وشاء الله سبحانه وتعالي ألا ينصره بقريش في مكة لأن قريشا ألفت السيادة علي العرب فإذا جاء رسول لهداية الناس عامة الي الاسلام، لقال من أرسل فيهم: لقد تعصبت له قريش لتسود الدنيا كما سادت الجزيرة العربية فأراد الحق سبحانه ان يوضح لنا: لا. لقد كانت الصيحة الأولي في آذان سادة العرب ولابد أن يكون نصر الاسلام والانسياح الديني لا من هذه البلدة بل من بلد آخر حتي لا يقال ان العصبية لمحمد هي التي خلقت الايمان برسالة محمد . ولكن الايمان برسالة محمد هو الذي خلق العصبية لمحمد . ولاحظ في أمر الهجرة ان فعلها »هاجر» وهذا يدلنا علي أن رسول الله صلي الله عليه وسلم لم يهجر مكة وانما هاجر والمهاجرة فاعلة من جانبين فكأن قومه أعنتوه فخرج، والاخراج نفسه فيه نصر لأن رسول الله خرج وحده من بيته الذي أحاط به شباب أقوياء من كل قبائل العرب ليضربوه ضربة رجل واحد وينثر عليهم التراب فتغشي أبصارهم.