الهجرة يوم امتحان عظيم وابتلاء كبير فيخرج النبي من بيته إلي غار بعيد عن مكة وينام علي بن أبي طالب في فراشه ليقوم برد الودائع إلي أصحابها. يخرج النبي صلي الله عليه وسلم سراً إلي الهجرة ويترك وطنه الذي عاش فيه وبعث منه ويقول "والله لأنت أحب بقاع الأرض إليّ ولولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت" ويقول له رب العالمين "وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أويقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين" "30 سورة الأنفال". ويدخل الكفار وهم أحد عشر رجلاً من مختلف قبائل قريش بعد ان تآمروا علي قتل النبي ليضربوه ضربة رجل واحد ويتفرق دمه بين القبائل فلم تستطع قبيلة بني عبد مناف أن تطالب هؤلاء الكفار بديته فيخبره ربه سبحانه وتعالي بهذا الأمر الذي دبروه له.. اختار صديقا أوفي في هذه الرحلة العظيمة وهو أبوبكر الصديق ويدخلان الغار. ويقول أبوبكر للنبي يا رسول الله لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا ولكن النبي يقول له في طمأنينة وفي سكينة ما بالك يا أبابكر باثنين الله ثالثهما "لا تحزن إن الله معنا". "إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلي وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم" "40 سورة التوبة". حفظ الله رسوله ورسالته ويخرج النبي من مكة إلي المدينة ويبدأ انتشار الدعوة الإسلامية من بقعة ضيقة إلي بقاع أكبر وعند المؤرخين لا تجد التاريخ الهجري لا يبدأ من ميلاده صلي الله عليه وسلم مع أن ميلاده كان ميلاد الحق وإشعاع النور ولا يبدأ من بعثته مع أن بعثته كانت إخراج الظلام وانتشار النور ولكن هجرته أظهرت الإسلام ظهورا واضحاً يتسع في أنحاء العالم كله فهم رجال حققوا في هجرتهم كل معاني التسليم لله والثقة به والاعتماد عليه والعبودية له وحده فنصرهم وثبت أقدامهم وجعلهم علي أعدائهم ظاهرين ووعد كل من سلك سبيلهم بنصره وستصبح أمة الإسلام أمة قوية بعزها وبثقتها بربها. "ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم" "الآية 4 . 5 سورة الروم".