ما هو أكبر بنوك العالم؟ الحقيقة ان الاجابة تتوقف علي تعريف »البنك« الذي يقصده السائل! ولأن المقصود هنا ذلك البنك الذي يضم كل الصفات الوراثية لجميع الكائنات الحية، فالاجابة عندئذ تكون في كلمة واحدة: الارض. كوكبنا في جوهره ليس سوي العالم الحي الذي يحتضن في تربته ومياهه اضخم بنك عرفته البشرية، والآن فإن هذا البنك بات يواجه اخطاراً كتلك التي يواجهها بنوك المال من هزات عنيفة الي شبح الافلاس! السنوات والعقود المقبلة تحمل في طياتها اخبارا غير سارة، فالتنوع النباتي والحيواني في مهب رياح عاتية، وبكلمات اوضح فإن معدلات الانقراض في الكوكب تتزايد بمعدل ألف مرة، اعلي من المعدلات التي تم استنتاجها من الارقام القياسية للوقود الاحفوري، خلال اسوأ ازمة منذ الدمار الذي تعرضت له الديناصورات قبل 56 مليون سنة! ربما تؤشر هذه الحقيقة المفزعة لاختلالات غير مسبوقة في العلاقة بين الانسان والبيئة قد يواجه في ضوئها مصيراً مشابهاً لما واجهه الديناصور، إذ ان التهديدات المحيطة بالتنوع الحيوي تطال كل شيء من الغذاء وحتي المياه النقية، وطالما ظل الانسان يتعامل مع بيئته وفق آليات مدمرة، فإن الشراكة التي تجمعهما في الحياة والوجود تصبح - هي الاخري - في مهب الريح، بمعني ادق فإنه لا مستقبل مأمونا ومضمونا للانسان مادامت علاقته بالبيئة سلبية وسيئة! فالبشر لا يدخرون جهداً لتغيير طبيعة المناخ بايقاعات متسارعة، فضلا عن استنزافهم للموارد الطبيعية دون رحمة- في الظاهر- للبيئة، لكن الامر في المحصلة النهائية يحمل في طياته تهديدا لبقاء الكوكب، ومن ثم سكانه! المؤشرات خطيرة، وبالمقابل فإن التحركات والخطط لمواجهة ما ينتظر البشرية من تهديدات، لا تتناسب مع حجمها. الارقام مفزعة، وعينة منها تؤكد ان موجة الانقراض السادسة التي بدأ الانسان في العيش تحت وطأتها، وان كان هو سببها، تقوده إلي نقطة اللا عودة، فثلث البرمائيات، و32٪ من الثدييات، و21٪ من الطيور مهددة بخطر الانقراض، ليس هذا كل شيء، ففي كل عام يوجد نهر من بين أكبرعشرة انهار في العالم تتعرض مياهه للنضوب قبل وصولها للبحر. والامر لا يتوقف عند حد؛ فالمناطق الميتة في المحيطات تتزايد بمعدلات مقلقة نتيجة التلوث، وبحار علي وشك الاختفاء كالبحر الميت، وغابات ستواجه ذات المصير، لعل اكبرها واخطرها اثرا غابات الامازون المعروفة ب»رئة العالم«، هذا فضلا عما ينتظر جليد القطبين من مصير مأساوي ناجم عن معدل ذوبان يهدد مدنا بل ودولا بالانقراض او الاختفاء للابد! ان البشرية مقبلة علي مواجهة سيناريو مثير للفزع، اذ انه بعد حدوث حالات الانقراض الجماعية الخمسة خلال 054 مليون عام الاخيرة، فإن ما نحن بصدده الآن وعلي مدي العقود القادمة يعد الاضخم والاخطر، لأن الانسان الذي صنع المأساة سيكون اكبر من يدفع ثمنها، بعد ان دمر بوعي او دون وعي انظمة بيئية استغرقت ملايين السنوات لتنشأ وتنمو، وتشكل بنكا تعمر خزائنه، قبل ان يستنزفها البشر بشراهة وحماقة متناهية، قد تجعل مستقبل البشرية وراءها للابد!