لكل شركة من شركات الانتاج السينمائي الكبري في هوليوود شعار يتصدر أفلامها منذ أربعينيات القرن الماضي الي اليوم. فشعار شركة "بارامونت" هو "جبل بارامونت". وشعار شركة "فوكس للقرن العشرين" هو رقم 20 بالانجليزية مع أضواء متحركة. وشعار شركة "كولومبيا" هو فتاة امريكية ترتدي فستاناً طويلاً وتحمل شعلة. أما شعار شركة "يونيفرسال" فهو الكرة الارضية وسط الفضاء الكبير. واختارت شركة "مترو جولدوين ماير" شعار الاسد وهو يزأر، وقد اشتهر هذا الاسد بحيث صار يُعرف بأسد مترو جولدوين ماير. وتيمناً بهذا الشعار أطلقت الجهات العراقية المختصة مؤخراً شعار "الاسد الذهبي" علي قوات مشتركة من الجيش والشرطة والبيشمرجة الكردية تتولي مسئولية ست سيطرات علي مداخل ومخارج مدينة كركوك القنبلة الموقوتة التي تنتظر مصيرها المجهول بعد ان طالب الانفصاليون الاكراد بإلحاقها بما يسمي إقليم كردستان. وبذلك لا يحق لأي شركة انتاج سينمائي عراقية استخدام شعار الاسد في مقدمات أفلامها في المستقبل. وقد أعذر من أنذر. وكركوك هي واحد من المشاكل التي ساهمت الادارة الامريكية عن عمد في إثارتها وتأجيجها علي أيدي سفراء الاحتلال الامريكي في بغداد بول بريمر وزلماي خليل زاده ونيجرو بونتي. لقد غلفت واشنطن حزمة من المشاكل والازمات بورق سوليفان وشرائط ملونة عليها شعارات ديمقراطية وفيدرالية لا تعني الا قعقعة السلاح ودوي التفجيرات. ومادمنا وصلنا الي الاوضاع الامنية العراقية فقد نفذت القوات الامنية العراقية فجر يوم 5 أغسطس الحالي عملية حربية تاريخية كبري بالتعاون مع قوات أمريكية خاصة أُستخدمت فيها الطائرات والمدرعات والهامرات ليس للرد علي العدوان الايراني المستمر ضد الشمال العراقي وانما لاعتقال شخص واحد لم يسمع به أحد في قرية تدعي "الفرحاتيتة" في قضاء بلد. حتي في الافلام الامريكية لم نشاهد مثل هذا الفيلم. وعلي ذكر الاعتقال والمعتقلين قال رئيس لجنة حقوق الانسان في مجلس النواب العراقي ان المشكلة التي تواجهها اللجنة ليست كثرة الاعتقالات فقط، وانما هي في الوقت الذي يُطلق فيه رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي سراح مجموعة من المعتقلين الابرياء يأمر في اليوم نفسه باعتقال مجموعة أكبر منهم وكأنك يا أبا زيد ما غزيت. فالثور يدور حول الساقية، والباب الذي تدخل منه الريح تدخله أيضاً قوات الاجهزة الامنية الساهرة مع فيلم السهرة الاكشن. ولأن الأمن مستتب وعال العال وتمخض الجبل أخيراً عن قانون حماية الصحفيين الذي تعرف الاسرة الصحفية العراقية انه سيظل حبراً علي ورق مثل تعديلات الدستور المنتظرة منذ خمس سنوات، فان منظمة حماية الصحفيين الدولية (ومقرها في نيويورك) أعلنت ان العراق يتصدر للعام الرابع علي التوالي لائحة الدول التي تنتهي فيها قضايا اغتيال الصحفيين والاعلاميين بتسجيلها ضد مجهولين. لقد قتل من الصحفيين والاعلاميين في العراق منذ بدء الاحتلال الامريكي حتي اليوم 253 شخصاً بينهم 22 أجنبياً، وهم أكثر من عدد الصحفيين الذين أسسوا نقابة الصحفيين العراقيين في الخمسينات من القرن الماضي. ومازلنا في الحمل الكاذب أو الامن المستتب، لذلك أقول انه مادامت القوات العراقية عاجزة عسكرياً وسياسياً عن الرد علي الانتهاكات العدوانية الايرانية علي الاكراد في الحدود الشمالية، لماذا لا يعلن الشعب العراقي كله عن تضامنه الكامل والعلني مع ضحايا ذلك العدوان المستمر الذي يقع تحت سمع ونظر قوات الاحتلال (الصديقة) كما يصفها رئيس الجمهورية الكردي جلال الطالباني، وان يترجم هذا التضامن الشعبي بقيام السياح العراقيين الذين يصطافون في الشمال الكردي بزيارة مخيمات اللاجئين الاكراد في سفوح جبل قنديل لايصال رسالة واضحة للحكومة العراقية والادارة الامريكية التي تدعمها بان شعب العراق شعب واحد عرباً وأكراداً علي الرغم من كل ما جري ويجري. لقد أدمن النظام العراقي الطائفي الكذب حتي أصبح شعار "كذاب كذاب نوري المالكي" أشهر هتاف في مظاهرات العراقيين المطالبين باسقاط النظام الفاسد. واضطر ممثل المرجع الشيعي السيستاني في كربلاء الي التصريح علناً بأن المسئولين العراقيين يبررون الكذب علي الشعب بقولهم: "نحن في وقت حرج ولابد من الكذب علي الناس". وليس مستغرباً بعد هذا ان بطلة "ستار أكاديمي" المغنية شذي حسون أطلقت أغنية انتشرت بسرعة البرق عنوانها "شاعلها شاعلها.. أعصابي شاعلها" وهي أغنية أتت في وقتها وزمانها لتصبح شعار المرحلة الحالية، أسوة بشعارات شركات الانتاج السينمائي الامريكية التي أشرت اليها في بداية المقال، وهي أغنية تصلح ايضاً للمظاهرات والاحتجاجات أسوة بأغنية عبد الحليم حافظ "حلو وكذاب"!