أثارت مواقفه المتحررة ودفاعه الدائم عن مدنية الدولة الكثير من التحفظات لدي بعض الإسلاميين ، إلا انه يرفض التشكيك في دينه أو دين أي ليبرالي آخر ويري أن مدنية الدولة لا تتعارض مع الدين كما يري أن الإسلام غير مهدد في مصر.. إنه الدكتور عمرو حمزاوي عضو مؤسس حزب مصر الحرية وكبير الباحثين بمعهد كارنيجي الذي أكد خلال حوار مع »الأخبار« علي أن محاكمة مبارك انتصار للإرادة الشعبية وسيادة القانون، كما أنه رفض المشاركة في مليونية "مدنية الدولة" حرصا علي عدم الدخول في "صراع لتنظيم المليونيات "مع التيار الإسلامي.. وأعلن حمزاوي رفضه تطبيق قانون الغدر علي رموز النظام السابق ،مبررا ذلك بأنه من الممكن أن يكون سابقة ويطبق علي آخرين في المستقبل تتهمهم السلطات بتهم جزافية. كيف ترون محاكمة الرئيس المخلوع حسني مبارك؟ - المحاكمة انتصار للإرادة الشعبية ، لأن المحاكمة العلنية للرئيس السابق ونجليه ووزير الداخلية السابق حبيب العادلي جاءت بعد ضغوط شعبية حقيقية، أسفرت عن بدء المحاكمة وبدون هذه الضغوط لم نكن أمام محاكمة علنية للرئيس السابق ورموز نظامه، من ناحية أخري هي انتصار لسيادة القانون فنحن أمام القضاء الطبيعي وليس أمام محكمة ثورة أو محكمة استثنائية، ولدي ثقة كبيرة في القضاء المصري كما أن لدي ثقة أيضا في ان الضغوط الشعبية كفيلة بتحييد القضاء. البعض يطالب بمحاكمة مبارك سياسيا.. ما تعليقك؟ - لا يوجد ما يسمي بمحاكمة سياسية، ولكن هناك جرائم ذات صلة بالسياسة يعاقب عليها القانون المصري، فهو يعاقب من زور الانتخابات ويعاقب علي استغلال المنصب، نحن لا نحتاج إلي محاكمة سياسية ولا نحتاج أيضا إلي قوانين استثنائية، ومن المعروف أن مبارك يحاكم حاليا علي جريمتين الأولي قتل المتظاهرين والثانية الكسب غير المشروع ومن المتوقع أن ينال عقوبة رادعة خاصة في جريمة قتل المتظاهرين. هناك دعوات تطالب بتطبيق قانون الغدر لمحاسبة رموز النظام السابق..ما رأيكم؟ - أنا أرفض تطبيق قانون الغدر علي رموز النظام السابق بالرغم من التعديلات التي تم إدخالها عليه، ولكنني أفضل إذا كنا نبحث عن كيفية الاستبعاد المؤقت لكل من تورط في تزوير إرادة الشعب وإفساد الحياة السياسية أن نعود إلي قانون العقوبات المصري، وفيه ما يكفي لمحاسبة هؤلاء الفاسدين ، بدلا من العودة إلي قوانين استثنائية. أيضا من المعروف أن قانون الغدر قانون سياسي يفتح الباب أمام محاكمات سياسية، وهو إن تم تطبيقه علي فلول النظام السابق اليوم فمن الممكن أن يتم تطبيقه في الغد علي آخرين تري السلطات أنهم من الخارجين علي المصلحة الوطنية وتتهمهم باتهامات جزافية. هل أنت متخوف من التيار الإسلامي ؟ - لست متخوفا من التيار الإسلامي وأدرك تماما أنه بمختلف أنواعه من إخوان مسلمين وسلفيين والجماعة الاسلامية و أحزاب مثل الوسط له وجود حقيقي في الشارع المصري و يشارك في تشكيل ملامح المشهد السياسي ومن المتوقع أن يشارك بقوة في الانتخابات المقبلة. وأريد أن أؤكد أنه لا تخوف لدي من التيار الإسلامي ولكن كل ما أدعو إليه أن يحترم الإسلاميون وجود باقي التيارات الأخري ، وأطالب بعض الإسلاميين أن يبتعدوا عن التكفير والتخوين لباقي التيارات التي تختلف معهم في الرأي وأن يحترموا الآخر. وأنا ضد الخلط بين الدين والسياسة وأرفض أن تدعي أحزاب أو حركات لبرامجها واجتهاداتها القداسة ، فالدين هو المقدس وليس برامج هذه الأحزاب ، كما ارفض أن يحتكروا الحديث باسم الدين ، فأنا أيضا كتيار مدني أري أنني لست ضد الدين.وأدعو التيارات الإسلامية إلي التفكير في التوافق الوطني لأن البلد لا يمكن أن يدار بالصراع وعلينا أن ندير نقاشا حول المبادئ الأساسية للدستور. هل تتوقع حصول الإسلاميين علي الأغلبية في البرلمان المقبل؟ - لا أتوقع ذلك ولكن سيكون لهم حضور قوي واعتقد أن البرلمان القادم سيكون برلمان كتل ، وهذه الكتل ستبحث عن ائتلافات و توافقات لبناء حكومة ائتلافية. كما أتوقع أن يكون هناك حضور قوي لكتلة التيارات المدافعة عن الدولة ذات الطبيعة المدنية من يسار و ليبراليين في البرلمان المقبل ، وسيكون هناك حضور لكتلة الأحزاب التي تقف علي مسافة وسط ، إلي جانب المستقلين الذين اعتقد أنهم يساهمون في ترجيح كفة كتلة علي أخري وحصولها علي الأغلبية واعتقد أنهم سوف ينضمون إلي الكتلة الأكبر. ما رأيكم في المبادئ الأساسية للدستور أو كما يسميها البعض المبادئ فوق الدستورية؟ - أري أن هذه المبادئ المراد منها هو التوافق علي مجموعة من الحقوق والحريات التي تضمن أن تكون مصر دولة مواطنة لكل الناس وتضمن سيادة القانون.. تضمن دولة ذات طبيعة مدنية لا تعادي الدين ولا تتناقض معه مرجعيتها النهائية هي الدستور، الذي يستلهم المرجعية الدينية ،لكن بصورة منضبطة لا تجعل هناك خلطا بين الدين والسياسة ، وعلينا أن ندرك أن المدني ليس ضد الدين ولكن المعني الحقيقي للدولة المدنية أنها ضد الدولة العسكرية . هذه الضمانات هي رأيي ولكني أرفض أن أفرض رأيي علي باقي التيارات السياسية ولذلك أطالب بتوافق بين جميع القوي الوطنية حول هذه المبادئ بعد حوار وفي حالة التوافق علي هذه المبادئ يجري استفتاء وفي حالة الموافقة عليها يكون هناك إعلان دستوري، أما إذا لم يكن هناك توافق بين القوي السياسية فلن تتم باقي الخطوات. هل طالبتم بإلغاء المادة الثانية من الدستور؟ - لم أطالب بإلغاء المادة الثانية من الدستور والتي تنص علي أن مبادئ الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع ولم تكن هناك مطالبات بذلك من أي قوي سياسية ولكن ما تحدثنا عنه كقوي سياسية وكان من بيننا بعض القوي الإسلامية هو أن يضاف الي المادة الثانية جملة تقول ولغير المسلمين الاحتكام إلي شرائعهم في معاملاتهم الخاصة ،ولا يتناقض ذلك مع المادة الثانية ، ولكن هذه الجملة تنتصر لرمزية أن الدستور للمصريين جميعا وليس المصريين المسلمين.وهناك مشكلة لدي التيار الإسلامي وهي صناعة الوهم لدي المواطنين وتخويفهم من أن هناك محاولات لإلغاء المادة الثانية ، ويوصل ذلك رسالة إلي المواطنين مفادها أن عليهم ان يحموا الإسلام ، ولكن علي الشعب أن يدرك أن الإسلام ليس مهددا في مصر ، ومصر ليست مجتمعا جاهليا نحتاج إلي حماية الإسلام فيه..فنحن لا نحتاج من التيارات الإسلامية أن تقول "إسلامية ..إسلامية " فنحن كمجتمع مسلم لا ننتظر من أحد أن يؤكد علي ذلك. بعض القوي السياسية أعربت عن قلقها من الحضور القوي للإسلاميين في جمعة وحدة الصف والتي أطلق عليها البعض جمعة المليون لحية بسبب التواجد القوي للتيار الإسلامي.. ما تعليقك؟ - هذه الجمعة خرجت إلي ميدان التحرير بمطالب غير توافقية ، وكانت هناك مجهودات بذلت قبلها للتوافق علي مطالب محددة لضمان أن تكون »جمعة للم الشمل ووحدة الصف« والانتصار للإرادة الشعبية ، إلا أن ذلك لم يتم، وطغت المطالب غير التوافقية علي الميدان وكان جوهرها إعادة طرح سؤال الهوية علي المصريين وكأن مصر دولة أو مجتمع جاهلي بعيد عن الدين ومحاولة السيطرة علي الأجندة السياسية بصورة مبنية علي استعراض القوة .. واعتقد أن التيارات الإسلامية وقعت في محظور العمل بصورة غير توافقية واعتقد أيضا أنهم خسروا سياسيا لأن هناك حالة من الاستنفار المضاد داخل الطبقة الوسطي المصرية بسبب المشهد الذي ظهر عليه الإسلاميون خلال هذه الجمعة. هل ستشاركون في الجمعة التي تؤكد علي مدنية الدولة؟ - هناك قطاع كبير من التيارات الليبرالية لن تشارك في هذه الجمعة ونحن أيضا كحزب مصر الحرية لن نشارك فيها، والسبب في ذلك هو التحفظ علي عدد من الأمور أولها أن خروج التيارات الإسلامية خلال جمعة لم الشمل وخلق نوع من الاستقطاب وأسوأ شيء أن ترد علي الاستقطاب بالاستقطاب ، وعلينا أن نبحث عن مصلحة الوطن ، ما الذي يستفيده الوطن لو تم الرد علي جمعة الإسلاميين بجمعة التأكيد علي مدنية الدولة ، ومن الخطأ أن نضع الدولة المدنية في مواجهة مع الدين أو من يدعي أنه يمثل الدين وهذا سيؤدي إلي كارثة ، أيضا مادامت أن الشعارات التي سترفع شعارات غير توافقية ينبغي أن تبتعد عن الميدان ، ويمكن الدفاع عن الدولة ذات الطبيعة المدنية بصورة أخري ، علي سبيل المثال هناك مبادئ أساسية للدستور ينبغي أن ندفع باتجاهها أيضا لابد من الاستعداد للانتخابات...أيضا في نهاية الأمر هناك تخوف من الدخول في دوامة الفعل ورد الفعل بين التيارات السياسية أو ما يمكن أن نطلق عليه "صراع الجمع" ويضيع الوقت والجهد في هذه الأفعال، إلا انه في النهاية من حق التيارات التي ترغب في النزول في هذه الجمعة أن تنزل لأن هناك حقا دستوريا يكفل لها ذلك ، ولكني أرفض أن يكون هناك اعتصام لأنه يؤدي إلي خلق حالة من العداء للثورة ضد قطاع كبير من المواطنين. هل أنشأتم تحالفا ليبراليا لمواجهة التيارات الإسلامية في الانتخابات المقبلة؟ - هذا الكلام سابق لأوانه نحن لم ننشيء تحالفا »ليبراليا« بعد ، والحديث عن تحالف ليبرالي غير دقيق ، نحن نجري حوارات مع أحزاب وقوي سياسية بهدف معرفة إمكانية تكوين تحالف انتخابي وإن كتب لهذه التجربة النجاح لن يخرج التحالف بصيغة ليبرالية فقط فهو سيشمل يساريين وأحزابا ذات مرجعية إسلامية وشخصيات عامة. البعض يتحدث عن تمويل خارجي لبعض الأحزاب والقوي السياسية في مصر.. ما تعليقكم؟ - أولا أتحدث عن نفسي: نحن كحزب مصر الحرية لم نتلق أي دعم خارجي من أية جهة حكومية أو غير حكومية ، وأري أنه علي جميع الأحزاب السياسية الالتزام بهذا الأمر ، فالحزب السياسي يعمل من أجل المصلحة الوطنية ومن ثم لا يمكنه قبول أموال خارجية، ولا علم لدي بتلقي قوي سياسية لأموال خارجية ، واعتقد أن هناك ممارسة سيئة بإطلاق الشائعات حول تلقي دعم أجنبي ، ولذلك أطالب كل من لديه معلومات عن تلقي حزب أو حركة سياسية لدعم أجنبي أن يتوجه إلي النائب العام..وأطالب الدولة المصرية أن تطالب السفارة الأمريكية بشكل رسمي بكشف الجهات التي تلقت الأموال التي تحدثت عنها السفيرة الأمريكية. ما رأيكم في حركة المحافظين الأخيرة ؟ - هذه الحركة ليس لها علاقة بمصر ما بعد الثورة ، فهي أولا تشتمل علي حضور لافت للمؤسسة العسكرية ، ثانيا لا يوجد بها شاب واحد ولا امرأة واحدة ولا قبطي واحد، هذه الحركة تكرر كل أخطاء وخطايا ما قبل الثورة ،وهو أمر غير مبرر لأن هذه الحركة لم تكن متسرعة وتم دراستها بشكل كاف.