يرى بعض السياسيين المشهد المسرح السياسي المصري في الوقت الراهن على أنه ''صراع مليونيات''، لاستعراض القوة واثبات القدرة على حشد الأنصار والمؤيدين لتيار معين سواء إسلامي أو ليبرالي أو علماني. ويفسر هؤلاء السياسيين دعوة التيار الصوفي إلى مليونية ''في حب مصر''، برد فعل سريع علي ''مليونية'' التيار السلفي والجماعة الإسلامية، ولكن في النهاية يظل رأي الاغلبية الصامتة هو الفيصل خاصة انهم كانوا المعادلة الحقيقة لنجاح الثورة. الدكتور عمرو حمزاوي، أستاذ العلوم السياسية، يقول إن ''الأمر لم يحسم بعد بشأن المليونية التي دعا اليها التيار الصوفي، ولكن من الخاطئ الدخول في خانة رد الفعل أو المليونية المضادة على مليونية التيارات الإسلامية الأخرى، والتي شهدت عدد من الشعارات الايدلوجية البعيدة عن وحدة الصف، لأثبات القدرة علي الحشد. وأوضح حمزاوي أن ''معركة الدولة المدنية ليست في الشارع والدخول في صرعات مليونية، وانما في الانتخابات البرلمانية القادمة للوصول إلى برلمان متواز يعبر عن أطياف الشعب المصري دون اقصاء لأي طرف من العملية الانتخابية. وفي سياق متصل، أكد الدكتور محمد أبو الغار، وكيل مؤسسي الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، أن الحزب لم يحسم قرار المشاركة في ''مليونية في حب مصر''، موضحا أن هناك بعض المعايير الواجب توافرها من قبل الجماعات الصوفية الداعية للمليونية، تتمثل في توافد أعداد كبيرة إلى ميدان التحرير، والابتعاد عن رفع شعارات دينية داخل التظاهرة. وقال أبو الغار إن ''وجود التيار الصوفي في الحياة السياسية كفصيل سياسي حق مشروع''، مؤكدا أن أحد أهداف الثورة هي التعددية الفكرية في الحياة السياسية. من جانبه، أكد الدكتور محمد حامد، عضو اللجنة السياسية لحزب المصريين الأحرار، أنه لم يتم التأكيد علي موعد المليونية حتى الآن، مشيرا إلى أن المجتمع المصري في حاجه لترسيخ القيم التي تدعو إليها تلك المليونية والتي تتمثل في التأكيد على رفع شعار مصر الوسطية متهما الجماعات الإسلامية برفع شعارات ''تخويفية'' خلال مليونية ''التأكيد على الهوية''. وأضاف حامد ''اتفقنا مع الجماعات الصوفية على ان تكون المليونية القادمة لتوحيد الصف بعيداً عن استعراض القوه او انتقاد اي فصيل سياسي''. وأردف قائلا ''التيار الصوفي لم يسع في تاريخه لأي صدام بينه وبين التيارات الدينية الأخرى، وإنما كان محل انتقاد وهجوم من قبل التيار السلفي، حتي من قبل قيام ثورة 25 يناير''. كما توقع عضو اللجنة السياسية بالمصريين الأحرار، ألا تحدث تلك المليونية أي صدام بين التيار الصوفي وأي من التيارات الدينية الأخرى، سواء داخل ميدان التحرير أو خارجه. وبدوره أضاف خالد تلمية، عضو المكتب التنفيذي بائتلاف شباب الثورة، أن التيار الصوفي هو انعكاس لروح الاسلام الحقيقية، وربما تكون هذه المليونية رد فعل علي ممارسات الجماعات السلفية في جمعة 29 يوليو، خاصة ان التيار الصوفي لدية قدرة كبيرة علي الحشد ويستطيع أن يرد بقوة، ولكن ليس من المنطق في ظل هذا التوقيت الحساس الدخول في مثل هذه الصرعات بل يجب الوصول الي توافق سياسي حول الدولة المدنية للرد علي التيارات المتشددة. وأشار تليمة، أن كثرة المليونيات ربما يؤدي إلى تخلي الاغلبية الصامتة عن الثورة، بشكل يمثل ضعف حقيقي لها ويهدد عملية تحقيق اهدافها للوصول الي التحول الديمقراطي المنشود، ولذلك فمن المفترض أن يعقد الائتلاف اجتماعا للمكتب التنفيذي اليوم لمناقشة المليونية القادمة، مستنكرا في الوقت ذاته مصادرة ميدان التحرير من جانب بعض الجهات خاصة في ظل عمليات اخلاء الميدان بالقوة من جانب رجال الأمن في محاولة للإرهاب المتظاهرين والذين نجحوا منذ شهور في كسر حاجز الخوف والنزول الي الشارع.