ما رأيكم في محاكمة الرئيس المخلوع مبارك؟ - اعتبرها خطوة للأمام وأثق فيها تماما وهي تظهر أنه لا احد فوق القانون ، أما طريقة المحاكمة فلا تعجبني، كنت أفضل أن تجري لمبارك محاكمة سياسية مثل محاكمة نورمبرج التي تم فيها محاكمة قادة النازيين ومحاكمات لاهاي التي يحاكم فيها من يرتكب جرائم ضد الإنسانية ويسأل فيها مبارك عن تزويره الانتخابات وجرائم التعذيب التي ارتكبت في عهده وتصديره الغاز لإسرائيل ولماذا اعتبره الإسرائيليون كنزا استيراتيجا فمحاكمة مبارك يجب ان تكون لتوثيق جرائمه وفساده وليست للتشفي. البعض يري انه من الممكن أن يفجر مبارك مفاجآت خلال محاكمته.. ويكشف عن أسرار ربما تؤدي إلي توريط آخرين..ما تعليقكم؟ - نرجو أن يتم ذلك ، و إذا أجريت المحاكمة بشكل شفاف فإنه سوف يقول الحقيقة ويكشف عن أسرار جديدة. هل توافق علي تطبيق قانون الغدر علي رموز النظام السابق؟ - قانون الغدر قانون استثنائي وهو كان من أسوأ ما صدر عن ثورة 52 واستعمل في محاكمة الناس محاكمة غير عادلة ولا أوافق علي تطبيقه علي رموز نظام مبارك ، وهناك من القوانين الموجودة فعليا ما هو كاف لمحاسبة رموز النظام السابق. وإذا أردت إقامة دولة القانون عليك استخدام القوانين العادلة وليس البحث عن قوانين استثنائية. هل حققت الثورة أهدافها بمحاكمة الرئيس المخلوع مبارك ؟ - الثورة لها شقان أساسيان.. شق هدم نظام السابق ،وهذا الشق قطعنا فيه شوطا كبيرا وهناك أيضا شق البناء وهذا الجانب لم نبدأ فيه حتي الآن .. يمكننا القول إن الثورة حققت أهدافها عندما يقوم نظام مدني منتخب قادر علي تلبية مطالب الناس .. وأيضا عندما يشعر المواطن المصري انه أكثر حرية، أكثر رخاء.. وكما نعرف فإن الأهداف التي طالبت بها الثورة المصرية هي " الحرية، التغيير ، العدالة الاجتماعية" وبالنسبة للحرية فقد حصلنا علي جزء منها، وستكتمل عندما يقوم نظام مدني ديمقراطي تقوده حكومة منتخبة من الشعب .أما " العدالة الاجتماعية " فستتحقق عندما تستطيع الحكومة المنتخبة بإرادة الشعب اتخاذ الإجراءات التي من شانها توزيع الناتج القومي بشكل أكثر عدالة . ما رأيكم في حركة المحافظين الأخيرة؟ - لو نظرنا إلي حركة المحافظين ستجدها كما لو أنها أجريت في عهد الرئيس المخلوع مبارك ، ولكن ربما نلتمس بعض العذر للحكومة لأنها حكومة انتقالية وغير قادرة اتخاذ قرارات جريئة. هل أنت متخوف من حكم المجلس العسكري ؟ - إنني لدي ثقة كبيرة في الجيش المصري ونقدر دوره في دعم مطالب الشعب وحماية الثورة وفي التزامه بتسليم الحكم لسلطة مدنية ..والتاريخ يقول إن الحكم العسكري في معظم الدول النامية ماعدا استثناءات قليلة أدي لتدهور في هذه الدول والحكم الرشيد هو الحكم القائم علي الديمقراطية والانتخابات. هل سيمثل البرلمان المقبل كافة التيارات السياسية الموجودة في الشارع المصري؟ - بالتأكيد لن يكون البرلمان المقبل مثاليا وقد لا يعبر عن كل التيارات السياسية الموجودة في الشارع ولكنه سيكون خطوة كبيرة نحو ديمقراطية وهو أفضل من أي يكون هناك حكم بدون ديمقراطية. هل هناك صراع بين التيار الإسلامي وباقي التيارات السياسية في مصر ؟ - طبعا فمن الطبيعي أن يكون هناك صراع بين التيارات السياسية المختلفة ، ولكن هناك أيضا قواسم مشتركة بين هذه التيارات وعلينا أن نعمل علي التركيز علي القواسم المشتركة ، فعلي سبيل المثال التيار الإسلامي استفاد بشكل كبير من الثورة التي أطلق شرارتها القوي الليبرالية ،علينا جميعا مهما كانت اتجاهاتنا السياسية علي ترسيخ مفهوم الحرية وترسيخ مفهوم الاحتكام للشعب، وهذه الصراعات طبيعية وليست شيئا غريبا. هل ستكون الأغلبية في البرلمان المقبل للتيار الإسلامي؟ - من المتوقع أن تحصل القوي الإسلامية في مجموعها علي الأغلبية في حالة عدم وضع الإسلاميين لقيود علي أنفسهم ، وبشكل أكثر تفصيلا إذا جرت الانتخابات بالشكل الفردي المطلق سوف تحصل القوي الإسلامية علي حوالي 08٪ أما اذا جرت بنظام القائمة النسبية فسوف تحصل علي حوالي 60 في المائة. وهل من المنطقي أن تضع القوي الاسلامية قيودا علي نفسها؟ - نعم، فمقتضيات الواقع تقتضي ذلك ، هناك قوي خارجية وأخري داخلية متخوفة من حكم التيار الإسلامي ، واعتقد أنه من الحكمة ألا يحكم الإسلاميون في الوقت الحالي..أيضا القوي الاسلامية حريصة علي مشاركة باقي القوي السياسية في الحكم. هل هناك جهات وقوي سياسية تتلقي تمويلا خارجيا؟ - أريد منك أن ترجع إلي ما صرحت به السفيرة الأمريكية في القاهرة أمام الكونجرس والتي قالت فيها أن هناك 40 مليون دولار وجهت لدعم الديمقراطية في مصر، و أطالب بأن نتوجه إلي الدول المانحة بطلب رسمي للكشف عن الدول التي تلقت تمويلا خارجيا ، ولا يجوز قانونا لأي حزب سياسي أو أي حركة تعمل بالسياسة أن تتلقي تمويلا خارجيا ومن يفعل ذلك يجب معاقبته. وتلقي أي حزب أو جماعة دعماً من الخارج يمثل خطورة كبيرة ومرفوض تماما ولهذا يجب أن يكون تحت رقابة شديدة جداً فلا يوجد جهة سوف تقدم منحاً بدون مقابل أو هدف وعلينا أن نعرف أين تذهب هذه الأموال ولماذا أعطيت لأشخاص بأعينهم . ما رأيكم في رفع بعض القوي السياسية لأعلام دول خليجية خلال مظاهرات جمعة وحدة الصف؟ - اعتقد أن هناك نوعا من الالتباس، فهم من وجهة نظرهم يرفعون علما مكتوبا عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله وليس علم السعودية، وهناك كانت مآخذ علي بعض السلفيين فمنهم من كان يعتبر المظاهرات خروجا علي الحاكم ،وأطالب بمحاسبة كل من يثبت انه كان يعمل لصالح جهاز أمن الدولة السابق. ما رأيكم في مرشحي الرئاسة ؟ - أري أن الصورة حول من سيتولي منصب رئاسة الجمهورية لم يكتمل بعد ، فعلي سبيل المثال عمرو موسي شخصية نحترمها ونقدرها إلا انه من صلب النظام السابق أما الدكتور محمد البرادعي فهو أيضا شخصية كافحت وناضلت من أجل الحرية والثورة إلا ان الشعب لا يزال يراه بعيدا عنه ولذلك من السابق لأوانه أن تقول هذا المرشح أو ذاك هو الأنسب لمنصب رئيس الجمهورية. كنتم قبيل بدء الثورة المتحدث الرسمي باسم مشيخة الأزهر وعقب انطلاق شرارة الثورة استقلتم من منصبكم ..ما رأيكم في موقف الأزهر من الثورة في بدايتها؟ - موقف الأزهر في مجمله موقف محترم وداعم للثورة فهو لم يصدر بيانا يدين الثوار والأزهر أول من أطلق علي ضحايا الثورة شهداء وعندما تقول علي شخص شهيد فهو قتل خلال دفاعه عن قضية حق ، أيضا الأزهر اصدر بيانات أيد فيها مطالب الثورة من حرية وعدالة دون أن يصرح بتأييد الثورة. ما رأيكم في مواقف الأزهر خلال السنوات الماضية؟ - بالفعل كانت مواقف الأزهر خلال السنوات الماضية لا تدعو للاحترام فهو كان تابعا للسلطة وكان بمثابة مؤسسة تابعة للدولة ومن ثم فلم تكن هناك مواقف قوية تمثل أكبر مؤسسة دينية إسلامية في العالم ، إلا انه مع الثورة وقدوم قيادة جديدة متمثلة في فضيلة الشيخ احمد الطيب تغير الأمر وبات من المؤكد أن يبدأ الأزهر في العودة إلي مكانته السابقة ، ولا أري أن هناك أي تنافس بين الأزهر وباقي التيارات الاسلامية ، وهناك اختلاف بين دور الأزهر ودور باقي التيارات الاسلامية العاملة بالسياسة التي زاد دورها نتيجة تراجع دور الأزهر. كان هناك حالة من التراجع لدور مصر الخارجي في الفترة الماضية ..وكنتم احد العاملين في الخارجية المصرية خلال تلك الفترة ..ألا تري انك شريك في هذه الحالة؟ - التراجع لدور مصر كان يرجع إلي سياسة التبعية التي كان يتبعها نظام مبارك ، لم أتفق أبدا مع هذه السياسة ، كنت في إطار عملي اكتب تقارير أدعو فيها إلي تغيير هذه السياسة ، وكافة كتاباتي لم تتفق مع هذه السياسة ، إلا أن صانع القرار لم يستمع إلي كتاباتي. ولماذا لم تستقل؟ - خلال الوقت الذي عملت به في وزارة الخارجية لم تكن هناك إمكانية منظورة للتغيير وكانت الوسيلة الوحيدة هي محاولة التغيير من الداخل ، وعندما رأيت ان هذا هو الوقت الحقيقي للتغيير استقلت من منصبي في مشيخة الأزهر. هل عرض عليك أي مناصب وزارية بعد الثورة؟ - لم تعرض علي أية مناصب وزارية ..إلا أنني رشحت لوزارة الخارجية أكثر من مرة واعتقد أن صانع القرار يري أنه من غير المناسب أن يتولي هذا المنصب شخص مثلي له مواقف واضحة من العلاقات مع أمريكا وإسرائيل ومواقف داعمة للمقاومة في حماس وحزب الله ويؤيد عودة العلاقات مع إيران، وفي نهاية المطاف فإنني غير ساع لمناصب سياسية ، و إذا توليت أي منصب في المستقبل سيكون هذا التعيين قائما علي دعم شعبي لتعييني وليس تعيينا بسبب رضا الحاكم عني. كيف ترون مستقبل مصر خلال الفترة المقبلة؟ - بالطبع أنا متفائل بمستقبل مصر، فلم نكن تتصور أن يسقط نظام مبارك يوم 25 يناير، ولم نكن نتصور أن تغل يد امن الدولة عن قمع الناس وانتهاك حرياتهم بهذا الشكل. فالمستقبل هو تحد نحققه بجهادنا وإصرارنا فلسنا مجرد متفرجين بل نحن مشاركون في تحديد مستقبل مصر كبلد حر مستقل عن الهيمنة الأجنبية.