رغم ان العثور علي بطولة حقيقية في زمننا هذا لم يعد سهلا .. الا ان تلك القاعدة لا تنطبق علي سيناء .. ففي كل وادي من اوديتها الكثيرة .. وبين افراد جميع قبائلها ..وعلي جدران معظم منازلها سواء من خلال صورة لشهيد او وسام لمجاهد.. "الأخبار" التقت مع واحد من ابطال سيناء الذين لم يبق سوي القليل منهم علي قيد الحياة حتي الان.. وهو ابن قبيلة القرارشة بوادي فيران المجاهد محمد موسي اسماعيل نصير او العميل (555) وهو الرمز الكودي الخاص به في سجلات المخابرات.. وعلي الرغم من انه اوشك علي ان يبدأ في العقد التاسع من عمره الا ان ذهنه مازال حاضرا وذاكرته حديدية. وتحدث عن علاقته بجهاز المخابرات المصرية التي بدأت كما يرويها موسي في 1/1 /1973 اي في اول ايام عام الحسم .. وتحديدا قبل مايزيد عن العشرة اشهر من حرب اكتوبر المجيدة وتلقي موسي برنامجا تدريبيا مخابراتيا مكثفا اثناء وجوده بالقاهرة علي العديد من المهام كان ابرزها لغة الشفرة وكيفية ارسال واستقبال الرسائل بالاضافة الي تصوير المواقع العسكرية والنقاط الاستراتيجية والحصينة .. وهنا حصلت علي رقمي الكودي 555 .. وهو الرقم الذي كنت اعرف من خلاله ان الرسالة التي كانت تبث عبر اذاعة صوت العرب بلغة الشفره خاصة بي وكانت عبارة عن ارقام متتاليه كل منها يعبر عن حرف من الحروف الهجائية ..وفوجئت في رحلة العودة انني لن احمل معي اي اجهزة او معدات ولكن سيتم ارسالها لي بعد ذلك في مكان متفق عليه بمنطقة ابوزنيمة ..ويوضح المجاهد موسي ان مهمته كانت استقبال رجال الكوماندوز المصري ومساعدتهم علي التوغل الي العمق الاسرائيلي في الاراضي المحتلة .. حيث كان يلتق بهم عند نقاط ساحليه بعد عبورهم قناة السويس سباحة في جنح الليل .. والتحدي كان في ايصالهم الي مكان الاختباء في مناطق غير ظاهرة وسط جبال سيناء قبل ان يظهر اول ضوء للنهار حتي لايتم رصدهم من قبل الدوريات الاسرائيلية والمروحيات التي كانت تمشط سيناء بالكامل .. وكان يزيد من صعوبة المهمة اننا نمشي عشرات الكيلو مترات حاملين معدات ثقيلة جدا .. وزيادة في التموية كنا نطلب من رجال الكوماندوز المصري خلع احذيتهم الثقيلة وارتداء "خف" مصنوع من جلد الماعز حتي لا تترك الاحذية في الرمال اثرا يسهل اقتفاؤه. ويتذكر محمد موسي ان من اصعب المهمات التي قام بها هي تصوير ورشة المعدات الاسرائيلية بشرم الشيخ والتي كانت تقع في منطقة الهضبة نظرا لانها منطقة عسكرية محصنة ومن الصعب جدا دخولها بكاميرا فما بالك الوقوف للتصوير .. وخاصة ان العمال الموجودين بها من بدو سيناء كانوا تحت المجهر طوال الوقت .. لذلك بمجرد ان نجحت في الحصول علي فرصة عمل داخل المكان .. بدأت في التخطيط لكيفية تنفيذ الشق الاصعب من المهمة وهو التصوير .. وبالفعل احضرت الكاميرا وقمت بالتصوير ثم اعدت الكاميرا الي مخبئها السابق ثم ذهبت لاحضارها لاحقا. واوضح محمد موسي ان معظم المجاهدين لم يشعروا بالتكريم اللائق من نظام مبارك بعد تحرير كامل سيناء في عام 1982.. موضحا انه علي الرغم من تكريمه بحصوله علي وسام من رئيس الجمهورية في عام 1986 قام بتسليمه له المشير محمد ابوغزالة شخصيا الذي يعتبره من اكثر الرجال الذي قابلهم وطنية وتقديرا للمجاهدين خلال النظام السابق.. الا ان التجاهل كان سيد الموقف بعد ذلك.