بقلم :محمد عبدالمنعم كثيرون من بيننا أصابهم القلق، وساورتهم الشكوك عن جدوي الحريات إذا كانت هذه الحريات قد أدت إلي اضرابات، واعتصامات متكررة للعمال المصريين، ولجوئهم إلي هذا الأسلوب المبتكر بالتجمع أمام مجلس الشعب، وعرض شكواهم ومطالبهم التي يسعون إلي تحقيقها.. كثيرون وأنا من بينهم ساورتهم الشكوك عند المقارنة بين أحوال العمال حاليا وأحوالهم السابقة علي مدي سنوات طويلة وكئيبة، ومع ذلك فإنهم طوال هذه السنوات الظالمة لم نسمع منهم صوت احتجاج ولم نشهد لهم اعتصاما أو إضرابا عن العمل، ومن ثم ولهذا السبب بالذات كان أن تساءل الكثيرون منا عن جدوي الحريات إذا ما كانت في النهاية تؤدي إلي مثل هذه الاضطرابات والقلاقل! وبالأمس الأول جاء الرد علي هذه الشكوك، وتلك التساؤلات، خلال احتفال العالم كله بعيد العمال، وبداية فإنه من الهزل ان نسميه احتفالا بعد أن اتسمت هذه المناسبة بمظاهرات شعبية حاشدة وبأحداث عنف في جميع دول العالم، وفي مقدمتها دول العالم الأول والدول الثرية.. اتسمت هذه المناسبة العالمية بمظاهر العنف، والصدامات، والاشتباكات مع رجال الأمن والشرطة، أما في روسيا التي ارتادت الشيوعية، ثم كان ان ارتدت عنها مضحية في ذلك بهذا الكيان الضخم: الاتحاد السوفيتي السابق.. في روسيا هذه كان احتفال العمال عبارة عن مظاهرات ضخمة تطالب بالعودة إلي النظام الشيوعي، ومبادئ الداهية فلاديمير لينين! في هذا السياق تتجسد حقيقتان أساسيتان: الحقيقة الأولي تتمثل في أن العدالة الاجتماعية كانت، ومازالت، مفتقدة علي مستوي العالم كله بمختلف أنظمته ونظرياته الاقتصادية وأن الدول الغنية تفتقد هذه العدالة بنفس القدر السائد في الدول الفقيرة! أما الحقيقة الثانية فتؤكد انه وسط هذه الاضطرابات علي مستوي العالم كله فإن العمال المصريين كانوا الأكثر تحضرا فيما نادوا، وسعوا إليه، من مطالب.. وليتنا جميعا نشيد، ونؤكد، علي هذا الجانب المتحضر في الشخصية المصرية.. جانب ينبغي ان نراهن عليه جميعا.