التجمعيون يعولون على سيد عبد العال الأمين العام الجديد لحزب التجمع، فى إعادة الحيوية والقوة لحزبهم، الذى وصل عدد أعضائه فى السبعينيات إلى ما يزيد على 140 ألف عضو، وتراجع هذا العدد حاليا إلى نحو 45 ألف عضو فقط، بعد 32 عاما من العمل السياسى. ولسيد عبد العال رؤية مختلفة لمستقبل الاشتراكية فى مصر، على الرغم من الخسارة الضخمة التى منى بها "التجمع" فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة عام 2005، حيث فقد ثلاثة مقاعد فى مجلس الشعب لأهم رموزه، على رأسهم خالد محيى الدين الزعيم التاريخى، ليس للتجمع فقط بل لليسار عموماً. أكد سيد عبد العال فى هذا الحوار مع اليوم السابع أن رفعت السعيد برىء من تهمة تلاحقه، تتجسد فى أنه سبب أزمة حزب التجمع، كما رأى أن الرئيس حسنى مبارك ليس السبب فى مشاكل مصر، وفيما يلى نص الحوار: هناك حركة عمالية موجودة حاليا فى مصر، هل الاشتراكية المصرية قادرة على قيادة حركة العمال حاليا؟ اليسار المصرى يعانى من حالة ضعف عام، لأسباب كثيرة أهمها أن اليسار يضعف ويقوى مع الحركة الجماهيرية نفسها، وأن وضع الحركة الجماهيرية فى السنوات الأخيرة أدى لضعف اليسار وتفتت أوضاعه التنظيمية، لكن الحالة التى يعيشها الشعب المصرى سواء على المستوى المعيشى أو الجانب الاقتصادى أو الاجتماعى، أو حتى على مستوى الحريات السياسية، تدفع بشدة فى اتجاه الفكر اليسارى المحلى، بعد أن عجزت الرأسمالية عن حل مشاكلها، وبات استمرارها فى الحكم صعباً فى ظل وجود غضب شعبى. يبدو حديثك نظريا عن صعود اليسار، لكن الواقع العملى يقول إن الحركة العمالية الناشئة لم يشارك فيها اليسار بشكل قوى، بدليل أن حزب التجمع كان بعيداً عن إضراب 6 أبريل، بل إن موقف التجمع كان ضد الإضراب؟ الكلام عن أن اليسار بعيدا عن الحركة الاحتجاجية العمالية، كلام غير صحيح، لأن اليسار والتجمع يشاركان فى كل الإضرابات العمالية، ومن أهمها إضراب المحلة منذ 2001 وحتى 2008. والتجمع شارك فى كل الإضرابات بما فيها إضراب الضرائب العقارية، إلى جانب قوى أخرى يسارية سواء ناصرية أو غيرها. لكن إضراب 6 أبريل لم يحظ بمشاركة "التجمع"؟ إضراب 6 أبريل كان دعوة من عمال غزل المحلة فى حالة عدم تحقيق مطالبهم الخاصة بالأجور، وتحسين أوضاعهم، بمعنى أنه إذا حل يوم 6 أبريل ولم تتحقق مطالبهم سوف يدخلون فى إضراب، وحدث تسلل من جهات مجهولة بدعوة عامة لإضراب عام، "والتجمع كان فى إضراب عمال المحلة، لكننا كنا ضد الإضراب العام، لأنه يسحب الأضواء عن عمال المحلة، والذين دعوا لإضراب 6 أبريل ينتمون لقوى افتراضية، ووجهوا دعوة افتراضية لم تكن موجودة فى الواقع، ونرى أن الحاجة الوحيدة التى كانت ملموسة، تتجسد فى إضراب المحلة، وهو ما شاركنا فيه". لكن الإضراب كان واضحاً فى عدة ملامح تخص: العدالة الاجتماعية، وغلاء المعيشة، كما كان أهم حركة احتجاجية مرتبطة بأحوال المعيشة بعد أحداث 18 و19 يناير عام 1977؟ ولا يوجد شبه على الإطلاق بين حركة أبريل عام 1977 وإضراب 6 أبريل 2008، لأن الأول كان حركة من قبل الطلبة ومهد اليسار لها، أما إضراب 6 أبريل فلا أحد يعرف من يقف وراءه؟ هل يعنى أنكم تتبرؤون من إضراب 6 أبريل؟ لا نتبرأ، لكننا نتكلم فى حدود النصيحة، لأنه لا يجوز المشاركة فى إضراب افتراضى، سواء فى الدعوة إليه أو تبنى أشخاصه، أو القائمين عليه. ولكن فكرة الإضراب كانت عصياناً مدنياً، هل أنتم ضد العصيان المدنى؟ لسنا ضد العصيان المدنى، لأنه حالة راقية من حالات الاحتجاج على السلطة، لكن مع تحقيقه بقواعد، لأن الإضراب العام بمفهومه يعنى سقوط السلطة، وأحد أدوات إسقاط السلطة هى الإضراب العام، وإضراب 6 أبريل كان يفتقد القيادة. لماذا لم يسع "التجمع" لاحتضان إضراب 6 أبريل؟ نحتضن من، وهم أشخاص مجهولون!! لماذا لم تفعلوا مثل "الإخوان" فى المشاركة فى إضراب 4 مايو؟ هذا هو الخطر بعينه، أن تكون هناك أهداف جيدة لإضراب ما، وتأتى مجموعة أخرى وتسعى لركوب الموجة، مثلما فعلوا عندما سعوا لقيادة دفة الإضراب ببيان ولم يفعلوا شيئا، والحمد لله أنهم لم يفعلوا أكثر من ذلك. تعنى أنك تحمد الله لأن "الإخوان" لم ينجحوا فى إضراب 4 مايو؟ نعم، لأنه لم يمكن استبدال مستبد بمستبد آخر. كل اليسار المصرى يعانى من التسلط الحكومى والإخوان المسلمين، لكنكم فى السنوات الأخيرة تهادنون الحكومة وتعادون الإخوان فقط؟ نحن لا نوجه صراعنا ضد الإخوان، فصراعنا ضد سلطة الحكم القائم أو السلطة الاحتياطية المتمثلة فى الإخوان المسلمين، ونرى أن الاثنين خطر، وممكن يكون خطر الإخوان أشد ليس على المستوى الاقتصادى والاجتماعى فقط، بل الأخطر على مستوى الحريات، وهذا لا يعنى أننا لا نعترف بقوة نفوذ الإخوان فى المجتمع، وأعتقد أن ذلك تحقق لأسباب كثيرة منها انسحاب الدولة من الخدمات، وذلك ما أعطى فرصة لدخول الإخوان. السلطة حالياً فى مواجهة مستمرة مع الإخوان المسلمين ولا تحارب اليسار؟ السلطة مشكلتها الكبيرة فى اليسار وليست فى الإخوان، فالإخوان موجودون فى الإعلام والفضائيات، ويتحركون كيفما يشاءون لأنهم ليسو حزباً، أما الأحزاب فلديها مشكلة كبيرة فى العمل، خاصة إذا أرادت أن تعقد مؤتمرا حزبيا. نحن نسمع هذا الكلام كثيرا، لكن ما نراه فى الشارع أن الإخوان المسلمين فى حرب مع الدولة؟ الحرب بين الإخوان والسلطة حرب أمنية، حيث يواجه بعضهم البعض الآخر بالشوم والعصى والمطاوى أو عساكر الأمن المركزى، أو يعتقلوا أشخاصا متجاوزين، أما على مستوى المواجهة الفكرية، فالدولة تتعاون معهم ولا توجد وسيلة إعلام فى مصر لا توفر منابر للإخوان، ليس لأشخاصهم، لكن لفكرهم، بما فى ذلك برامج التعليم، أو البرامج الثقافية، بينما يطارد الإخوان قصيدة شعر أو شاعر. فى إطار الوضع الحالى فى ظل وجود الإخوان والسلطة، هل ترى مستقبلا لحزب التجمع؟ نحن نؤمن بأن الناس سوف تنحاز لخيار حزب التجمع. المشكلة فى أن الناس ليسوا مؤمنين بكم؟ الوضع الديمقراطى المهترئ جعل الناس غير قادرة على الاختيار. لكن التجمع فى تراجع مستمر، فأين هو من مرحلة السبعينيات؟ كنا فى السبعينيات حوالى 140 ألف عضو، وحالياً يصل العدد إلى 45 ألفا فقط. هل كلهم فاعلون؟ الفاعلون فى الحزب نصف العدد الحالى، ومطلوب ألا نحكم على حزب التجمع حاليا، إلا من خلال المناخ المحيط به، فحزب التجمع الحزب الوحيد فى مصر المتماسك رغم كل الضغوط. التجمع يضم أعضاء من الحزب الشيوعى، وكذلك أعضاء تقدميين، وفيه تقسيم لأعضائهن "أبناء التجمع"، و"بقايا حدتو"، فهل يؤثر ذلك فى شكل الحركة داخل الحزب؟ بعد 32 عاما من عمر حزب التجمع، لم يعد هناك سوى اسم واحد هو "ابن التجمع"، والأصول التاريخية لهؤلاء الأعضاء بدأت تخف، كما أن هذا الجيل نفسه يقل داخل التجمع بفعل الزمن. هل يرجع نجاحك فى الانتخابات الأخيرة لانحسار أعضاء الحزب الشيوعى المؤيدين لحسين عبد الرازق؟ فى يناير 2008 فزت فى الانتخابات بفارق سبعة أصوات فقط على حسين عبد الرازق، والغريب أنه نفس الفارق فى الأصوات لصالح حسين فى مؤتمر 2003، ويرجع نجاحى الأخير للبرنامج الانتخابى، الذى يلائم صعود مؤشر الحركة الجماهيرية داخل الحزب. نرجع لانتخابات المواجهة مع حسين عبد الرازق، ما الذى أدى لصعودك أنت؟ هناك رغبة حقيقية داخل الحزب فى التغيير، كما أن هناك رغبة داخلية فى تغيير أسلوب العمل القيادى. سبقك فى هذا المنصب شخصان ينعمان بالشهرة، هما رفعت السعيد، وحسين عبد الرازق، فهل عدم شهرتك كان سببا فى خسارتك أمام حسين فى 2003؟ حسين عبد الرازق يفوقنى شهرة خارج التجمع، لأنه مفكر وكاتب معروف، ورفعت السعيد أيضا كونه مفكرا وعضو مجلس شورى، لكن سيد عبد العال ينعم بشهرة واسعة داخل التجمع، وكدت أنجح فى انتخابات 2003 أمام حسين، وأعتقد أن الممارسة الحزبية داخل "التجمع" هى المعيار الوحيد حاليا فى اختيار القيادات. هل تفكر فى الترشيح لمنصب رئيس الحزب أمام رفعت السعيد؟ لو نجحت فى عملى كأمين عام، سوف أرشح نفسى دورة ثانية لمنصب الأمين العام، أما رئاسة الحزب فلا تشغلنى حاليا. هل هناك بديل داخل "التجمع" لرفعت السعيد؟ فى التجمع بدائل كثيرة، لكن ليس حسين عبد الرازق، وليس أبو العز الحريرى. هل كنت تعارض ترشيح أبو العز الحريرى لمنصب الرئيس أمام رفعت السعيد؟ ترشيح أبو العز كان قرارا شجاعا منه، على الرغم من أن أبو العز كان يخوض المعركة على أساس الخلاف الشخصى مع رفعت السعيد. هناك من يرى أن مشاكل "التجمع" كلها تتجسد فى شخص رفعت السعيد، ما رأيك؟ هذا كلام يشبه تجميع مشاكل مصر فى شخص الرئيس حسنى مبارك، وأنا أرى أنه لو جاء أى رئيس لمصر فى ظل الظروف الحالية ( الإدارة الخاطئة، والقوانين المرتجلة، والمؤسسات المهترئة)، سيكون أقل نجاحا من الرئيس حسنى مبارك. وهذا معناه أن رفعت السعيد ليس سبب مشاكل "التجمع"، كما أن مشاكل مصر ليست فى رئيس الجمهورية. ماذا عن رؤيتك لحل مشاكل "التجمع"، بصيغة أخرى، هل أنت قادر على حل مشاكل الحزب؟ لو لم أستطع حل مشاكل حزب التجمع من خلال منصبى الحالى، سوف أقدم استقالتى فور إحساسى بالفشل.