لم يكن في مصر يوما من الايام.تنظيم سياسي اسمه الحزب الوطني، كما هو متعارف عليه في دول العالم الديمقراطي. بقدر ما كان الامر، يتعلق بمجموعة من اصحاب المصالح. الذين رأوا في انضمامهم الي هذا المسخ السياسي. الوسيلة الناجعة لتحقيقها، والتمتع بالقرب من دوائر صنع القرار. واصبحنا امام ضرورة انهاء »فزاعة« سيطرة فلول الحزب الوطني، والتيارات الدينية، علي مجلس الشعب القادم. وهي النغمة التي يتم العزف عليها بكثافة في الفترة السابقة. من نجوم الفضائيات ضيوف برامج »التوك شو«، وما اكثرها في الآونة الاخيرة. فهم بالعشرات، حتي تحول الامر كما لو كان حقيقة لا تقبل الشك. دون ان يتوقف احد لمناقشة القضية. دعونا نتفق منذ البداية.ان الواقع السياسي لمصر ما بعد ثورة يوليو 52. جعل من الصعب توفير الفرصة.امام اقامة احزاب حقيقية، بعد الغائها وجد الثوار ان من المناسب.تشكيل تنظيم يساهم في ملء الفراغ السياسي. وكانت البداية في الاتحاد القومي، ثم الاتحاد الاشتراكي في الستينيات، بعد قرارات التأميم والانحياز الي الخيار الاشتراكي. وكانت منظمة الشباب احد اجنحته، والتنظيم الطليعي يمثل قلبه النابض،وضمت عضوية التنظيم نماذج مؤمنة باهداف الثورة،بالنظام القائم. دون ان ينفي ذلك وجود اغلبية. ادركت ان تحقيق مطالبها،مرتبط بعضويتها في تنظيم الدولة.كما ان بعض العلائات الكبيرة، سعت هي الأخري، لذلك كجزء من الوجاهة والحفاظ علي النفوذ. لم يتغير الحال، حتي عندما ابتدع الرئيس السابق انور السادات" لعبة المنابر السياسية". فكانت الرسالة التي وصلت للجميع. ان عليهم ان ينضموا الي منبر الوسط. الذي تحول الي حزب مصر، اذا ارادوا الحفاظ علي تلك المصالح. ولم تمر سوي عدة سنوات حتي »انكشف المستور«. عندما قرر الرئيس السادات تكوين حزب جديد، سماه الحزب الوطني. عندها هرول الجميع، من قيادات وكبار مسئولين، الذين لم يتعودوا العيش بعيدا عن مظلة السلطة، للانضمام للحزب الجديد. تاركين حزب مصر لمصيره. ولم يبق فيه الا بعض المخلصين. الذين احترموا انفسهم وتاريخهم. ومنهم وزير الري الراحل الشهيد د.عبدالعظيم ابوالعطا. الذي توفي في السجن. بعد كان علي قوائم المعتقلين، في حملة سبتمبر 81 الشهيرة، فالرجل لم يفهم الدرس، ودفع غاليا فاتورة الخروج من حظيرة النظام. ولم يتغير الوضع في الثلاثين عاما الماضية. خاصة ان العرف السائد، ان الوطني هو الحزب الحاكم الي الابد. بمفهوم قيادته وبحكم العرف التاريخي. نفس الوجوه نفس القيادات،مع الوضع في الاعتبار، وجود نماذج من كبار التكنوقراط.رأت انها كفأ ومتميزة في تخصصاتها. ولم تأخذ نصيبها من السلطة. ووجدوا كل الطرق مغلقة، الا عبر الانتماء الي الحزب الوطني. فسعوا الي عضويته. خاصة لجنة السياسات. وفي لحظة الحقيقة سقطت كل الاوهام، فمنذ ايام الثورة الاولي. غاب الحزب وانهارت قياداته.مع سقوط اركان الحكومة. فلم يستطع الحزب الذي يتفاخر ب3 ملايين عضو. القيام باي دور في الدفاع،عن النظام. لم يكن لهم وجود في الشارع. بل كانت الفضحية، ان القيادات لم تجد سوي البلطجية. لمحاولة انهاء وجود الثوار في ميدان التحرير، في موقعة الجمل الشهيرة. ايها السادة، لا تصدعوا رءوسنا بوهم الحزب المنحل. لن يجرؤ احد من المرشحين في الانتخابات القادمة عن الاعلان عن انتمائه اليه والأهم ان الثورة انهت وللابد، فكرة حزب السلطة.