التركيز علي »محاكمة العصر« من الإعلام المملوك للحكومة -حتي يومنا هذا- ويسانده إعلام رجالات المال وفضائياتهم غير مضر.. لكني أراه في بعض جوانبه محاولة مقنعة لفض الثورة ونزع فتيلها وتفريغها من مضمونها الحقيقي وشعارها الرئيسي »الشعب يريد إسقاط النظام«. وإعلام الحكومة المرتعش ومعه إعلام رجال المال والأعمال ممن اثروا عن طريق »الفساد المباركي« يحاولون بجهد غير مشكور صرف الانتباه بعيدا عن مطلب الثورة الحقيقي وهو إسقاط النظام..! وبلا كلل ولا ملل يصورون لنا المخلوع علي انه الشيطان الوحيد والشيطان الأكبر والقضاء عليه كفيل باسقاط النظام وحل كل مشاكل مصر وإراحة قلوب الشهداء وتهدئة الثوار وتلبية مطالب الثورة.. وخفية يحاول آخرون إبعاد رأس مبارك عن أي محاكمة عادلة حتي لا تطير رأسه ويطير معها آلاف الرءوس التي أينعت وحان قطافها..! فحين قام شباب يناير محتقنين من ليل ليس له آخر وقمنا جميعا معهم لم نطلب رأس مبارك.. ولم نطلب غير تغيير النظام وإرساء مبادئ الديمقراطية بما تحمله من كرامة وعدل ومساواة اجتماعية.. وذلك مقابل نظام مبارك وأسلافه من ديكتاتورية وظلم وعدم مساواة واهدار متعمد للمساواة الاجتماعية..يعني إسقاط النظام لا يعني محاكمة مبارك ولا حتي رجاله بليمان طرة ودمتم..! شباب الثورة ونحن معهم نريد إسقاط النظام.. النظام الذي ألغي الحياة السياسية منذ عقود بدءا من عبد الناصر وتصفيته للأحزاب والحياة السياسية وإدارته الحياة السياسية من فوق.. ثم جاء نظام السادات ومبارك بأسخف تمثيلية سياسية.. وساءت فيها الحياة أكثر وأصبحت السياسة تجارة رائجة للتكسب والإثراء عن طريق بيع الدولة والاتجار في الشعب..! ووضع النظام البائد رجالاته في كل المواقع من أدناها إلي أعلاها مما يستوجب التفرغ التام لتصفية النظام وإرساء أسس حياة ديمقراطية سليمة وليس التفرغ لمحاكمة مبارك ورجالاته فقط..! ولا نعني بالديمقراطية ما حفظونا إياه في مدارس النظام السابق واختصر معناها في كلمتين وهي "حكم الشعب لنفسه بنفسه".. الديمقراطية الحقيقية حزمة متكاملة من التوافقات بداية من قبول للآخر إلي قبول رأي الأغلبية مع الحفاظ علي أماني وآراء الأقلية والدفاع عنه. حالة الميوعة التي يساهم فيها الكثيرون من فلول النظام وممن اثروا عن طريق الفساد وباتوا يلعنون مبارك وأيامه.. وفي الخفاء يتباكون عليه وعلي ثرائهم الذي توقف بعدما لبسوا ثوب الثورة مكرهين وباتوا مدافعين عن شهدائها وفي الخفاء يشعلون الحرائق في كل انحاء مصر محدثين سيناريو الفوضي الذي لابد نحن مقبلون عليه استثمارا لحالة اللانظام التي نحياها ويساهم فيها كل من في السلطة إما عمدا أو عدم قدرة علي السيطرة علي مجريات الأحداث المتلاحقة والمفاجئة لنا دوما. من كان يتوقع ان جمعة لم الشمل تتحول بفعل فلول النظام واتباعه الرابضين في سدة السلطة إلي جمعة فك الشمل.. وترفع شعارات وكأننا في غزوة من غزوات الجاهلية الأولي ويصيحون "إسلامية إسلامية".. وكأننا نعيش مع أبوجهل وأبو سفيان.. وشعارات سياسية تتعالي وكأننا أصبنا في أم رأسنا »يا أوباما يا أوباما التحرير كله اسامة«.. وهكذا تحولت الثورة إلي حركة للأخذ بالثأر لأسامة بن لادن..! إن لم ننتبه للإعلام المرتعش الفاقد للأولويات وفقه الثورة الحقيقي.. وألجمنا فلول النظام وأصحاب الثروات والشعارات العاطفية المجهضة لكل مباديء الثورة ومطالبها واستحقاقاتها.. قول علي الثورة السلام ودمتم!