منذ بداية مقالاتي هذه عن مكتبة الإسكندرية كنت دوما أتساءل : أين الجهاز المركزي للمحاسبات مما يحدث في المكتبة؟ كنت أقلب المستندات الرسمية مستندا وراء آخر بحثا عن ورقة تدل علي أن الجهاز مر من هنا، فلم أجد. أكد ذلك إحساسي بأن مكتبة الإسكندرية كانت دولة مستقلة . حصلت علي استقلالها بالقانون الفاسد رقم 1 لسنة 2001 الذي نص صراحة علي عدم التزامها بالقوانين المصرية الأخري . وتأكد هذا الاستقلال بالعقد العجيب الذي أبرمته السيدة سوزان مبارك مع مدير المكتبة ، وبالقرار الجمهوري رقم 76 لسنة 2001 . ربما أدخلت هذه الوثائق في روع مسئولين في الجهاز المركزي للمحاسبات أن المكتبة لا تمس. فهي تابعة لرئيس الجمهورية شخصيا ، وترأسها السيدة حرمه شخصيا . فكيف يمكن الاقتراب منها ؟ وأنا أسأل السيد المستشار الفاضل الدكتور جودت الملط رئيس الجهاز : هل أعفي الدستور أو أي قانون مصري رئاسة الجمهورية ذاتها من محاسبة الجهاز المركزي للمحاسبات ؟ طيب ، وإذا التمسنا العذر للجهاز ، وهو التماس غير جائز قانونا ، قبل يناير الماضي ، فما عذره بعد يناير وحتي الآن ؟ وإذا لم يكن الجهاز قد أدرك ما يحدث في مصر منذ نهاية يناير الماضي ، فهل لم يقرأ أحد في الجهاز مقالاتي هذه عن إدارة مكتبة الإسكندرية التي بدأت في 7 يونيو الماضي ؟ يجب أن يفحص الجهاز الموضوعات التي تناولتها وكل مستندات المكتبة في كل أبواب الميزانية علي مدي السنوات السابقة ، ويصدر لنا تقريرا واضحا بما إذا كانت إدارة المكتبة ارتكبت مخالفات أم لا . من حق القراء الذين تابعوا مقالاتي علي مدي الأسابيع الماضية أن يعرفوا رأي الجهاز فيما نشرته من وقائع محددة . وإذا كانت لدي مستندات هذه الوقائع فمن الواجب أن تكون كل المستندات تحت تصرف مفتشي الجهاز . أم أن إدارة المكتبة ترفض اطلاع المفتشين علي كل مستنداتها ؟ أم تشعر الإدارة أنها لا تحاسب وبخاصة بعد أن استخدمت السيد / أشرف مهدي رئيس الشعبة السابق بالجهاز المركزي للمحاسبات ؟ من حق القراء أن يعرفوا هل يوافق الجهاز المركزي للمحاسبات علي استثناء المكتبة من تطبيق القوانين المصرية ؟ وهل يوافق علي العقد الذي نشرت مواده مع مدير المكتبة ؟ وهل يوافق علي الرواتب الاستثنائية للعاملين فيها وإعفائهم من الضرائب ؟ وهل يوافق علي إهدار الملايين من الجنيهات التي أنفقتها الدولة علي مشروع " مدينة العلوم " ؟ وإذا لم يكن يوافق فماذا فعل الجهاز إزاء كل هذا ؟ هل كتب مفتشو الجهاز كلمة في أي من هذه الموضوعات؟ طيب : وإذا افترضنا أن جهاز المحاسبات يوافق علي مواد العقد مع المدير خلال مدتيه ، فهل يوافق علي أن تسدد الدولة قيمة مكالمات التليفونات المحمولة للمدير ، رغم أن عقده لم ينص علي ذلك ، والتي بلغت ، علي سبيل المثال ، 91888 جنيها خلال عام 2010 فقط ؟ أي حوالي 7657 جنيها في الشهر! بل وسددت الدولة فوق هذا مبلغ 3676 جنيها قيمة الضرائب علي مكالمات المحمول السابق ذكرها! هل يعرف الجهاز مثل هذه المعلومات أصلا ؟ ولماذا يكون مدير المكتبة هو الوحيد من بين كبار العاملين في الدولة الذي تسدد له الدولة تليفوناته المحمولة وبلا حد أقصي؟ وبمناسبة عقد المدير لم ينص أي عقد معه علي زيادة راتبه عما تم الاتفاق عليه أثناء سريانه. ومع ذلك قرر مجلس الأمناء بقراره رقم 359 لسنة 2010 زيادة الراتب من 11500 دولار شهريا إلي 20 ألف دولار شهريا . بل إن مجلس الأمناء جدد عمل المدير لخمس سنوات ثالثة ابتداء من مايو الماضي بدون إبرام عقد جديد معه كما تم في المرتين السابقتين . أي أن المدير يمارس سلطاته حاليا في المكتبة بدون عقد ! فما رأي الجهاز ؟ يبدو أن العجب قد انتقل بالعدوي من عقد المدير إلي ما أبرمه من عقود مع العاملين . مثل إعفاء العامل من سداد الضريبة علي أجره . هذا حدث مع كثير من العاملين من بينهم علي سبيل المثال التعاقد الذي أبرمه المدير مع أ.د يحيي زكي حليم أحمد زكي للعمل رئيسا لقطاع الشئون الأكاديمية والثقافية ، وهو بالمناسبة طبيب أشعة معروف ويمارس عمله في مركزه الطبي بمحطة الرمل بالإضافة إلي عمله في المكتبة . فقد نص عقده علي ما يلي : " تتحمل موازنة المكتبة المبالغ الخاصة بالضرائب المستحقة عن هذا الأجر". ولا يقتصر الإعفاء الضريبي علي المتعاقدين ، بل يشمل أيضا المنتدبين من جهات أخري علي مقابل ندبهم ، مثل قرار ندب الدكتورة شادية حمدي عبد العزيز كمستشار بقطاع المكتبات الذي وقعه الأخ يحيي منصور. وأحزنني أن يخطئ قرار في المكتبة في اللغة العربية حيث نص " لمدة عامان " بينما الصحيح "لمدة عامين " . وأوراق المكتبة تمتلئ بالأخطاء اللغوية العربية بالمناسبة ، وهي مكتبة !! وبينما نص عقد المدير علي اللجوء للتحكيم التجاري الدولي في المنازعات حول العقد ، نصت عقود عاملين فيها علي اللجوء إلي " أحكام لائحة شئون العاملين الخاصة بالمكتبة "! أي أن المكتبة هنا خصم وحكم ! بينما ينص قانون دولة مصر علي اللجوء إلي قضاء مجلس الدولة الإداري، فما رأي جهاز المحاسبات ؟ وما رأي الجهاز في دولة المستشارين داخل دولة المكتبة ؟ هل يعرف عددهم وماذا يتقاضون وماذا يفعل كل واحد منهم بالضبط وبالفعل.