جاء الإسلام ليحض علي كل ما يوحد ويؤلف القلوب ويحث علي الوحدة وينبذ الفرقة، فدعا إلي كل وجه للخير من شأنه تحقيق المودة والمحبة بين الناس. وإطعام الطعام سنة فيها من أوجه الخير الكثير من تطهير لنفس المُطعِم من البخل ونفس الفقير من الحقد والغل علي غيره من ميسوري الحال وتجسيد للمودة والترابط اللذين يجب أن يكون عليهما أبناء المجتمع المسلم. ولعظيم أثره وفضله جعله سبحانه وتعالي تذكرة مضمونة لدخول الجنان. يقول تعالي: »وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَي حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا؛ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا؛ إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا؛ فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا؛ وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا» »الإنسان:5-12». كما حث عليها الرسول أصحابه ورغبهم في اتباعها فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : »َأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ» (رواه الترمذي)، وقال : »خِيَارُكُمْ مَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ» (رواه أحمد). وكان جوادا يطعم الطعام طوال العام لكنه كان أجود ما يكون في شهر رمضان فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: »كان النبي أجود الناس بالخير، وأجود ما يكون في شهر رمضان»، وعندما قدم وفد ثقيف ليبايعوه علي الإسلام استقبلهم الرسول وبني لهم خياماً لكي يسمعوا القرآن ويروا الناس إذا صلوا، فكانوا يفدون عليه كل يوم وكانت ضيافتهم عليه فأقام لهم المآدب والولائم.. كما بين لأصحابه فضل إطعام الطعام وإفطار الصائمين في رمضان وبين لهم ولنا عظيم أجره فقال : »من فطر صائمًا كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء»، فامتثلوا لأمره وساروا علي خطاه وهديه فها هو حال ابن عمر فيما وصفه ابن رجب الحنبلي: »كان ابن عمر يصوم ولا يفطر إلا مع المساكين، فإذا منعه أهله عنهم، لم يتعشَّ تلك الليلة، وكان إذا جاء سائل وهو علي طعامه أخذ نصيبه من الطعام وقام فأعطاه السائل، فيرجع وقد أكل أهله ما بقي في الجفنة، فيصبح صائمًا ولم يأكل شيئًا».