اذا كان الاقتصاد المصري بعد ثورة 52 يناير قد تأثر بالأحداث التي اعقبت الثورة، إلا ان هناك فئة من التجار تحرص علي ان يكون عائدها دائما في الطالع والوصول به الي درجة التربح وليس الربح.. فالقائمون علي هذا الجزء من الاقتصاد لايعرفون قانونا او رقابة، ولكنهم يتعاملون من منطلق »التجارة شطارة« حتي لو كانت هذه التجارة علي حساب ميزانية المواطن البسيط.وقد شهدت جمعيات حماية المستهلك تراجعا ملحوظاً في دورها في حماية المواطنين من جشع التجار لتصبح »حبراً علي ورق « وقد قام الخبراء و المتخصصون بترجمة ارتفاع الاسعار الي لغة الأرقام وقدروا تكلفة الوجبة المتوازنة لاسرة مكونة من 5 أشخاص ب 80 جنيهاً للأفطار و20 للسحور. الصورة داخل الاسواق الشعبية والراقية تؤكد ارتفاع الاسعار فالبضاعة والسلعة الغذائية واحدة، ولكن السعر مختلف ومتغير!!. ولكن اذا كان هناك اختلاف في الاسعار الا ان هناك تشابها في امور كثيرة كالاسعار الجنونية التي لا يصدقها عقل، وسيطرة حالة من الركود والكساد علي الاسواق رغم ما اعتدنا عليه قبل شهر رمضان، فمن المعروف ان هذ الشهر هو الشهر الاكثر استهلاكا للسلع الغذائية ولكن انفلات الاسعار جعل المواطن يحدد اولوياته ويقتصر علي سلع محددة. سوق الياميش بداية جولتنا كانت داخل سوق الياميش بمنطقة روض الفرج، فمعظم شوادر الياميش يجلس امامها فقط اصحابها في انتظار الزبون.. اقتربنا اكثر داخل احد الشوادر وسألنا مازن عيسي صاحب الشادر عن الزبائن.. فقال ان الاسعار هذا العام بالنسبة لياميش رمضان اصيبت بالجنون مقارنة بأسعار العام الماضي، حيث بلغت نسبة الزيادة اكثر من 03٪ وبالطبع مع الازمة الاقتصادية التي تشهدها مصر حاليا وضع المواطن قائمة اولويات في سلع رمضان وانعكس ذلك علي سوق الياميش، فالمواطن الذي اعتاد علي شراء كمية معينة في رمضان الماضي اصبح يشتري نصف الكمية في رمضان الحالي، واقتصر الشراء علي الياميش الاساسي في وجبة الافطار، فمعظم المواطنين اصبحوا يشترون البلح وقمر الدين والعرقسوس وجوز الهند، وابتعدوا عن الياميش الذي يمثل نوعا من الرفاهية ويشمل القراصيا والتين والمشمشية والمكسرات مثل الفسدق والبندق واللوز. ومن جانبه اكد حسين سالم صاحب احد شوادر الياميش، ان ارتفاع اسعار السكر القي بظلاله علي سلع الياميش، فكيلو السكر وصل الي اكثر من 6 جنيهات، وبالتالي زاد سعر كيلو المشمسية الي 53 جنيها، والقراصيا الي 82 جنيها وجوز الهند الي 03 جنيها، واللوز الي 86 جنيها، والبندق ب 87 جنيها، والبلح ارتفع سعره ايضا ليتراوح من 7 الي 52 جنيها، وقمر الدين يتراوح من 5 الي 7 جنيهات. جنون البروتين انتقلت بعد ذلك الي سوق اللحوم والدواجن، فالمفاجأة التي شاهدناها في سوق الياميش من ارتفاع الاسعار جعلتنا نشعر ان ارتفاع الاسعار في سوق اللحوم امر طبيعي، فاللحوم طوال العام اسعارها مرتفعة، والمواطن ينأي عنها بطبيعة الحال، وفي شهر رمضان يكون الامر مختلفا قليلا حيث تشهد محلات الجزارة اقبالا ورواجا في هذا الشهر رغم ارتفاع الاسعار. وفي داخل محل جزارة حسن فلفل بمنطقة الساحل، وجدنا التسعيرة المعلقة علي باب المحل تشير الي 25 جنيها لكيلو اللحم البلدي، وعندما سألنا حسن عن اسعار اللحوم البلدي قال الكيلو ثمنه 56 جنيها!!. وواصل حسن حديثه عن الاسعار قائلا الكيلو الضآن وصل الي 06 جنيها وكيلو البتلو المشفي ارتفع الي 001 جنيه، اما البتلو بعظم وصل الي 07 جنيها. وعن اسباب الجنون في اسعار اللحوم، نفي حسن تماما القاء التهمة علي الجزارين والمربين في التسبب في الارتفاع واعتبر ان ارتفاع اسعار الاعلاف هي السبب الرئيسي في زيادة اسعار اللحوم، وكشف حسن عن سبب اخر لارتفاع الاسعار قائلا: ان تهريب اللحوم الي غزة سبب اخر للارتفاع، فأصحاب المزارع يرفضون بيع الماشية للجزارين ويفضلون بيعها الي بدو سيناء لانهم يدفعون اكثر من ثمن تلك الماشية، فاذا كان العجل علي سبيل المثال يصل ثمنه قائم للجزار الي 62 جنيها، فان ثمنه يصل الي 03 جنيها الي البدو الذين يقومون ببيع الماشية الي الفلسطينيين في غزة. وحتي تكتمل دائرة ارتفاع الاسعار فان اسعار الدواجن هي الاخري شهدت ارتفاعا كبيرا، فمنذ ثلاثة شهور تقريبا علي حد قول معتز محمود صاحب محل دواجن ان كيلو الدواجن كان يباع ب 11 جنيها اما الان فوصل الي 51 جنيها، اما الدواجن البلدي فقد وصلت الي 5.71 بعد ان كانت تباع ب 31 جنيها. ومن ناحية اخري شهدت اسعار الخضروات والفاكهة ارتفاعا كبيراً فالمانجو وصل إلي 21 جنيها والتفاح 01 جنيهات والموز الي 21 جنيها والطماطم 2 جنيه، والبطاطس 3 جنيهات والفلفل 2 جنيه اما الليمون وصل الي 8 جنيهات والجزر 4 جنيهات والبصل 2 جنيه ويتوقع ارتفاع الاسعار خلال شهر رمضان. وعن اسعار الالبان اكد رأفت انها هي الاخري شهدت ارتفاعا ملحوظا، فقد وصل سعر كيلو اللبن الي 056 قرشا، وعلبة الزبادي وصلت الي 051 قرشا. جمعيات حماية المستهلك غابت جمعيات حماية المستهلك، ومازال البحث جاريا عن دورها في حماية الموطنين التي اصبحت (الشبح المجهول) بالنسبة للمواطن مما جعل العديد من الاسئلة تتبادر الي ذهنه..ماذا تفعل تلك الجمعيات لتقوم بدورها الحقيقي ليحصل المواطن البسيط علي حلمه في الحصول علي سلعة و بسعر مناسب؟ يقول رشاد عبده- الخبير الاقتصادي-انه حتي الان لم تتم جمعيات حماية المستهلك بدورها المعني،فعلي الرغم من وجود اكثر من 13 الف جمعية ا لا ان المواطينن لا يشعرون بها حتي الان..فهي تحمل اسم (حماية المستهلك) ولكنها حتي الآن لم تحمه بالشكل الكافي و لم تسانده بشكل واضح،و يضيف انه يجب الا يقتصر دورها علي الظهور في الازمات فقط،بل يجب ان يشعر المستهلك بها طوال الوقت، فدورها الفعال لم يظهر حتي الآن بشكل واضح، فالجمعيات حبر علي ورق. تكلفة وجبة الأفطار الخبراء والمتخصصون يترجمون الارتفاع الجنوني في اسعار السلع الغذائية خلال شهر رمضان، الي لغة الارقام ويحسبونها " بالورقة والقلم "، فالاسرة المكونة من 5 افراد تنفق ما يعادل 80 جنيها علي وجبة الافطار، و20 جنيها في وجبة السحور.. حيث اكد الدكتور سمير نيروز استاذ تغذية بكلية طب جامعة عين شمس ان الوجبة الغذائية الصحية المتوازنة في شهر رمضان يجب ان تحتوي علي عناصر غذائية متوازنة تعوض الجسم ويجب ان تتكون من طبق شوربة وخضار او شوربة عدس وبروتين مشوي فراخ اولحمة اوسمك وطبق سلطة وعيش مصنوع من الحبوب الكاملة الغامق اما وجبة السحور تتكون من طبق فول كوب زبادي طبق سلطة عيش غامق واضاف ان وجبة افطار الاسرة البسيطة المكونة من 5 افراد تتكلف 80جنيها اما وجبة السحور 20جنيها وتختلف من طبقة الي طبقة اخري. ويوضح انه بطريقة حسابية بسيطة نستطيع ان نقوم بمعرفة التكلفة فكل فرد يتناول 100جرام لحمة أي 500 جرام يوميا للاسرة المكونة من 5 أفراد بتكلفة 40جنيها، بالاضافة الي الخضراوات وطبق السلطة والفواكه والحلويات بتكلفة 40 جنيها ليصبح الاجمالي 80جنيها..اما وجبة السحور فتشمل طبق الفول او البليلة بسعر 3 جنيهات والزبادي 7.5 والعيش 1.50 جنيه والجبن 5.00 جنيه وطبق سلطة 2.5 جنيه ليصبح الاجمالي 20جنيها.