كنت أتمني دائماً لأصدقائي من بين ثوار 25 يناير أن يضعوا لأنفسهم قاعدة ذهبية وهي إعطاء الأهمية القصوي للاعتماد علي "المعلومات...والمعلومات ...والمعلومات" قبل اتخاذ أية مواقف ضد اختيار الوزراء. وليسمح لي أصدقائي من عقلاء ثوار 25 يناير أن أضع أمامهم بعض أمثلة لاختيار الوزراء في حكومة د. عصام شرف الأخيرة والتي أثارت لدي البعض رفضاَ علي أساس أنهم خدموا مع النظام السابق ، وكما قلت لهم في مقال سابق أرجو عدم التعميم في الأحكام والتقييم. وعملا بقاعدة المعلومات أود أن أضع أمامكم في السطور التالية بعض المعلومات عن ثلاثة وزراء في الحكومة الجديدة. أولاً الوزيرة فايزة أبو النجا سأطرح أمامكم بعض المعلومات التي يعرفها جيداً المشير طنطاوي رئيس المجلس العسكري بحكم تجربته الطويلة في مجلس الوزراء ومتابعته للحياة العامة والدولية. فهذه السيدة منذ أن عملت مع الدكتور بطرس بطرس غالي في وزارة الخارجية تعلمت ومارست الاهتمام بالعلاقات مع إفريقيا ، وأصبحت خبيرة في موضوع بالغ الحيوية لوطننا لا سيما مع دول حوض النيل ، وكانت نكسة كبري لسياستنا الإفريقية حينما أهملت القيادة السياسية ملف القارة السوداء وركزت كل اهتمامها علي أوروبا وأمريكا. وكنت شاهد عيان في أوروبا علي استقلال شخصيتها في التعامل مع رئيسها وعشت وسمعت آراءها الصريحة وهي تنصح د. بطرس غالي بعدم الترشح للجولة الأخيرة لمنصب سكرتير عام للأمم المتحدة لأنه لن ينجح ، وذهبت بنفسي علي طائرة الكونكورد من باريس إلي نيويورك وعدت إلي باريس في نفس اليوم لألتقي مع الدكتورة فايزة أبو النجا في نفس الرأ ي والنصيحة التي أثبتت الأيام فيما بعد أنها كانت نصيحة خالصة وثاقبة. معلومة ثانية عن فايزة أبو النجا... أثناء قيامها بمهام وظيفتها كممثلة لمصر بالأمم المتحدة بجنيف ، وحضورها مؤتمرات التجارة الدولية .. اصطدمت بشجاعة نادرة مع الدكتور يوسف بطرس غالي الذي كان وقتها من أكبر مراكز القوي بمصر والصديق والحليف لجمال مبارك. ولم تخش مما يمكن أن يسببه ذلك من تهديد لمنصبها ، ونجحت في أن تنتصر لوجهة نظرها. معلومة ثالثة عن أسلوب ممارستها لعملها كوزيرة للتعاون الدولي بصدق وأمانة وكفاءة ، خلقت الدكتورة فايزة أبو النجا نظاماً يفرض علي المستفيدين من المعونات والمنح الأجنبية أن يلتزموا بتقديم الأدلة المادية عن حسن استعمالهم لهذه المعلومات والمنح ، وعن البرامج التنفيذية لتطبيقها ، وهذا ما جعل كل الجهات الأجنبية تثق في إدارتها الأمينة والفعالة لهذه الأموال ، وتصون لمصر ولاقتصادها ما تحصل عليه في هذا السبيل .. ثانياً: الوزير العيسوي معلومة أساسية عن أسلوب إدارته للإصلاح داخل جهاز أمن الدولة ، فلعلمه بأهمية اختيار القادة في هذا النوع من المهام ، فقد اختار الوزير العيسوي شخصية يشهد لها بالكفاءة والموضوعية وهي "اللواء حامد عبد الله". بفكر مشترك مع الوزير وبذل أقصي الجهد في إصلاح واختيار قيادات جديدة لجهاز أصابه كثير من العطب والخروج عن مهمته الأصلية والقانونية ، وأدي بإخلاص إلي آخر يوم في منصبه السابق قبل أن يحل محله الرجل الثاني لبلوغه سن المعاش. مرة أخري أعطي معلومة لمن يهمهم الأمر من ثوار 25 يناير كيف أن اللواء حامد عبد الله قد اتخذ قراراً بنقل ابنه وصهره خارج الجهاز خوفا من شبهة المجاملات رغم أن الكثير كانوا يشهدون لأبنه بحسن السمعة. ثالثاً: وزير الإسكان حملة ظالمة كادت أن تطال الوزير البرادعي وزير الإسكان قبل أن يستقر رأي القيادة السياسية علي اختياره. معلومة عن تجربة الوزير كمحافظ لدمياط قاد هذا الرجل معركة مشرفة للحفاظ علي البيئة في محافظة دمياط وقت الهجمة الشرسة لشركة "أجريوم" التي كانت ستهدد صحة أهل هذه المنطقة . ولمن فقدوا الذاكرة أقول أن هذه الشركة كان لها حلفاء أقوياء ، ولهم أنياب في رئاسة لجنة السياسات وفي شخص رئيس الوزراء ، وسمعت وقتها من اثنين من الوزراء قولهم أن المحافظ سيهدم مستقبل الاستثمار في مصر وكأن الاستثمار فوق صحة البشر ! وناضل الرجل في هدوء ووعي وكرامة وبجانبه شعب دمياط الذكي والمنظم ، وانتصر المحافظ وأهل دمياط ولم يأبه الرجل بالتهديدات المباشرة التي تلقاها عن احتمال إقالته من منصبه . باختصار "الرجل الحقيقي هو حيث يختار أن يكون في أداء واجبه .. واحترامه لنفسه.." نصيحة مخلصة للقيادة السياسية رجاء مخلصاً عند مواجهتكم مع ثوار 25 يناير في الخلاف حول اختيار القيادات أن تضعوا أمامهم وأمام الرأي العام المصري: "المعلومات..كل المعلومات..ولا شيء غير المعلومات ليتأكد الناس من حسن النوايا" وأقول لثوار 25 يناير مثل الأخ العزيز طارق زيدان والأختين العزيزتين دعاء عبد السميع ودميانة رشدي "ليتكم تختارون من زملائكم خلية ، ولتسمونها "خلية معلومات الثورة" تكون قاعدتها أن نعلم أولاً ، ثم نفكر ثانياً ، ثم نتكلم ثالثاً.