مايحدث حولي يجعلني أعيش الحدث بالعبث، وفشلت ان اهدي حبيبتي الكلمة الزنبقة أو اختار لها الكلمة اللائقة ولكن كيف اختار وقد يأتي النهار بالصاعقة.. الصباح يوشك ان يشرق.. ولكن الليل مايزال داخلي بكل اسراره سألت الليل أن يبوح قال لي: الليل له اسرار لا يبوح بها إذا جاء الصباح وصمت.. ومللت من الصمت وأنا من أهل الكلام!! ولكن ماذا أقول.. وقد أمتلأ الرأس بالألغاز والعبث.. وشعرت بأني في سرادق كوني كبير.. سرادق عالمي ليس له مثيل! وقد امتلأ بالمنشدين والدراويش والكذابين والهلافيت..وعندما جاء النهار.. امتلأت الدنيا بالاخبار.. وازداد صمتي واتسعت حيرتي.. ولا أجد من أريد أن اسأله.. ولكنني أردت أن أفتح نافذتي علي نهار جديد.. نهار سعيد.. قادم من الزمن البكر الي زمن بلا تذكرة ولا إذن بالرحيل أوالوصول، وفرحت بوصول النهار القادم من السفر، ويستعد للسفر إلي عالم لا يسأل عن »هوية« أو جنسية حتي يتجنب العذاب في السؤال والتزوير في الجواب بسبب الخوف.. النهار يريد أن يختفي في الليل حتي يهدأ حتي لا يري النظرات التي ترشق جسده بالسهام.. وأصبح النهار يخاف حتي لايقال للنهار القادم من الشرق أنك إرهابي.. ولم يستطع الليل أن يخفي جنسيتي.. أنا المصري.. أنا العربي.. أنا المسلم.. الذي يريد ان يفتح شبابيك العمر علي نهار جديد.. علي نهار بعيد موصول بزمن الحضارة.. موصول بزمن الاستقرار والازدهار والمجد الذي تحقق بالحرية والعدالة.. ولكن يبدو أنني فتحت نافذة.. بليدة.. كسولة لا تعرف معني أن يدخل فيها ضوء الصدق.. القادم من السفر البعيد وكرهت لحظاتي هذه.. وأريد الهروب منها.. والاحتماء بالحب والوصال.. وذهبت إلي بيت محبوبتي.. ورحت أطرق باب المحبوب بطرقات كأنها عزف المغني، وتخيلت الباب والجدار كأنهما العود والوتر وفكرت ماذا أقول؟ والقول في هذا الزمان محظور..وما يحدث حولي يجعلني أعيش الحدث بالعبث!! وفشلت في أن أهدي حبيبتي الكلمة الصادقة أو الكلمة الزنبقة.. أو أختار لها الكلمة اللائقة ولكن كيف أختار.. وقد يأتي النهار بالصاعقة؟ اسمي ليلي ولست بلطجية الأحد: مثلما تصهر الحرارة الحديد وتغير من تكوينه، كذلك يمكن ان تفعل بنا ظروف الظلم والقهر والاستبداد.. في فترة ليست بالطويلة يتم الاعتداء عليّ.. أنا وعلي جميع سكان عقاريّ، فجارنا الذي يتمتع بقدر كبير من الجبروت يتصرف كأنه ملك متوج يمشي في أرضه وهو وحده القادر علي تحديد حدودها!! جاري العزيز.. ابن الناس.. الطبيب بالشهادة، وتاجر وصانع الزجاج بالوراثة قرر فجأة مستغلاً الظروف القاسية التي تمر بها مصرنا الحبيبة أن يستغل ظروف البلد من عدم استقرار وانفلات أمني في أن يزود دور فوق العقار، غير مكتفي أنه استغل بالفعل ثغرات في القانون من قبل لبناء دورين مخالفين وبذلك اصبح عقارنا الوحيد أعلي عقار في المنطقة التي لا تسمح ببناء أكثر من 4 أدوار فوق الارض لانها تعتبر منطقة سياحية ولها طبيعة خاصة، جاري قرر أن يعلو بالدور السابع رغم أنف الجميع، وبما أن سكان العقار ناس محترمة والطرق الملتوية بالنسبة لهم غير مألوفة علي عكسه تماماً، وبناء عليه لم نستطع ان نمنع ظهور الدور السابع الذي بدأ يفرض نفسه بعنجهية وسط طيبة ووداعة الحي الهاديء ولولا تصدي والدي وأمي وبعض السكان في الشارع للوقوف في وجه ظلم واستبداد صاحب الدور السابع.. لما جاء الحي ليعلن هدم الدور الشاذ!! وأثلج صدري - ولاول مرة في حياتي - صوت الهدم!! بعد يومين فقط فوجئنا بعربات ثقيلة تأتي أمام المنزل ومواسير ضخمة يتم نقلها بالبلدوزر الي أعلي العقار.. وعرفنا أن جاري العزيز قرر الانتقام بأسوأ وأبشع الطرق وقد أحضر بابا حديديا ضخما لغلق المنافذ في السطح بالاضافة الي وجود كلب حراسة علي السطح.. كلب شرس للفتك بأي شخص يفكر في الصعود لمعرفة ما يحدث!! في النهاية عرفنا أن جاري العزيز أبرم اتفاقا مع شركة اتصالات لعمل محطة تقوية للمحمول فوق رؤوسنا رغم أنفنا، وأحسست أنني هرمت، وحل تعب الاشهر الاخيرة علي أبي وأمي التي تعاني من ضغط الدم المرتفع!! اخترقت كلمات رجال الحي رأسي كأسهم رؤوسها حادة.. مدببة ودامية.. الراجل (صاحب البرج) ورقه سليم ومعه كل الموافقات، جاري قرر أن يصيبنا جميعاً بأنواع السرطان المختلفة.. وأنا أقف في مكاني اشعر بالضياع التام، الغضب والرعب من المرض والألم، بدأت تعصف بي الأفكار وأصوات رجال الحي ترن في أذني »مفيش حاجة في إيدينا نعملها قرار الإزالة اللي فات تنفيذه كان معجزة.. يا آنسة إحنا عندنا قرارات لفوق رأسنا ومعندناش إمكانية لتنفيذها محتاجين قوات من الشرطة تأتي معنا والشرطة مش فاضية، يعني (نيجي) ويترمي علينا زجاجات المولوتوف يعني يرضيكي!! صورة (الحاجة فضة) لم تفارقني طوال استرجاعي للأحداث من المسلسل الرائع (الراية البيضا) والذي أثر في كثيراً زمان.. بس دلوقتي فاكره كل تفاصيله.. فجأة أحسست بشخصية أخري تولد بداخلي ووجدتني أردد: »لست مستعدة لرفع الراية البيضا بعد، لن أعيش في بيئة مسرطنة تقحمني، لن اسمح لمرض بأن يغزوني أنا وأهلي أو سكان عقاري!! شعرت بالغليان وبقوة غريبة تجتاحني وتخيلت نفسي أدخل الي المطبخ لاحضر شاكوشا وكبريتا وسكينة لاحمي نفسي لو قرروا الاعتداء عليّ، وخرجت خارج باب الشقة كالملسوعة غير عابئة بنظرات أمي المتسائلة وقفزت سلالم العقار بسرعة الصاروخ ووجدت نفسي وجها لوجه مع كلب جارنا ووقفت أمام الباب الحديد غير عابئة بنظرات الكلب المتأهبة للانقضاض عليّ، ولا صوت الأقدام المسرعة علي السلم، رفعت يدي بالشاكوش وهويت علي المقبض الحديد بكل قوتي، وفجأة شعرت بألم حاد خلف رأسي وصحوت علي صوت الشرطي في القسم وهو يسألني بلهجة ذات مغزي: لقد تم القبض عليك بتهمة الاعتداء علي أملاك الغير ما قولك؟ وجدتني أتذكر الفيلم الاجنبي: »اسمي خان ولست إرهابياً« ووجدتني أردد بلهجة شاردة: »اسمي ليلي وأنا مش بلطجية«. هذه الصورة ليست صورة من الخيال، بل هي صورة حقيقية سطرتها بقلمها ابنتي (ليلي) لتوضح ماذا يحدث للإنسان عندما يتعرض للظلم والقهر واستباحة خصوصياته من إناس المفترض فيهم أنهم متعلمون وأولاد ناس.. هذه المأساة عشناها نحن وسكان العمارة والشارع ومازلنا وهي مهداة لكل المسئولين عن أمن وأمان المواطن المصري. وبلا تعليق!! قد القول الإثنين: الشاعرة الغنائية الكبيرة آمال شحاته تتمتع بقدر عال من التفاؤل برغم كل ما يحدث حولنا وبرغم الخوف والقلق الذي يجتاح النفوس، ولكنها وبرغم ذلك مازالت تثق في مصر وفي أبنائها الشرفاء من أجل ذلك كتبت قصيدتها التي تقول فيها: شدة يا مصر قوام ح تزول وانتي يا بلدي قد القول مهما الغيم ح يزيد في سماكي ح نطهر بدموعنا هواكي قد القول.. قد القول شدة يا مصر قوام ح تزول ربك دايماً حامي حماكي في شدة ح يكون وياكي أوعي تخافي مهما تعبقي هو الشافي أكيد يا حبيبتي مهما الغيم ح يزيد في سماكي ح نطهر بدموعنا هواكي قد القول.. قد القول شدة يا مصر قوام ح تزول مصر شبابك كله ارادة بيحبوكي حب العبادة هيعدوكي ويخلوكي خيرك هيكفي وزيادة قد القول.. قد القول شدة يا مصر قوام ح تزول