حينما خط الشيب رأس أستاذنا احسان عبدالقدوس ابتدع زاوية جديدة يحدث الشباب منها أو علي الأصح الشابات كان عنوانها »يا ابنتي لا تحيرني معك« وهذه الزاوية تستحق الدراسة لأن أستاذنا الذي كان في شبابه يعيش الرفض والغضب إلي حد الشراكة في التغيير هدأ من فورة الشباب واستمد من شيبه الحكمة فكان مضفرا الشباب بالشيب في علاقة جدلية رائعة تواصل معها مع ثلاثة أجيال متصلة نفعها ونفعته واقام منها جسرا رائعا وكأنه معبر لعبور الشباب إلي مرحلة الفكر الهاديء البناء وهدفه نجاح الحياة. هذه المقدمة راودتني وأنا بين الشباب في التحرير فكانت فورتهم الفكرية وثورتهم البناءة التي خلصتنا من هموم رزحت علي كاهل الوطن لأعوام طويلة حتي أن الناس نسيت الإصلاح واستسلمت للفساد حتي أن الفساد وصل إلي أن المسلمين لم يتخذوا من عبدالرحمن بن عوف مليونير الإسلام قدوة لهم وكذلك عثمان بن عفان في استمتاعه بماله واستعماله للسرر المرفوعة والنمارق الموضوعة والفواكه المجلوبة من الشام. ولم يقرأوا جيدا أن عبدالرحمن بن عوف وهب سبعين قافلة لأهل المدينة حينما قال له الرسول صلوات الله عليه انها عفرت طرق المدينة ورآها الفقراء فلم يتخيل عقله الواعي المستثمر لإسلام مستنير كلمة الرسول ووهب قوافله العائدة من التجارة في الشام بالخير لأهل المدينة ولم يعلموا أن عثمان بن عفان كان ينفق علي الغزوات وينفق علي الدعوة فكانت أصول الزكاة ودعائم الصدقات من خزائن مال المسلمين الذين انعم الله عليهم بالعقل والفكر الاقتصادي فنجحت تجارتهم لتكون سندا ماديا في فجر الدعوة. استرسلت ولم أكن أريد ولكنها الكتابة المرسلة والتي تريد إفراغ كل شيء في مساحة ربما ضاقت بما أريد وبتحقيق الأحلام أقول وصل الفساد لبائع الخضار الذي يشتري بالجملة بجنيه ويبيع للناس بأربعة ولا يفهم هامش الربح فقد افتقدنا ثقافة الحلال ورسخت علي عقولنا ثقافة الحرام الذي وصلت بالرشوة إلي قاعدة والاستثناء تأدية العمل بلا رشوة! في التحرير جلست مع أكثر من شاب من ائتلافات مختلفة وكان إجماعهم علي بطء القصاص سواء من الذين نهبوا البلاد أو الذين قتلو العباد من الشباب الغض الذي خرج غاضبا يوم الجمعة الماضي كان الشباب يشعرون مثلنا بأن الثورة في خطر وأن الثورة التي أفادت الصغير والكبير اصبحت قاب قوسين أو أدني من الانفلات والسبب واحد ومعروف وواضح وهو أن الفساد له ملايين الأذرع وملايين الأيادي وملايين الأساليب والضرب من أجل عودة المكاسب التي استحلوها وغريزة حب البقاء وبطء محاكمة رأس الفساد وبطء محاكمة قاتلي الثوار هي أساس الغضب وتغيير الحكومة ليس إلا غضبة لعدم الاسراع في التغيير ناقشت معهم العلاقة بقواتنا المسلحة تلك العلاقة التي يجب أن تكون مزيجا من الأبوة والحنان وأصول العلاقة بين الضبط والربط ذلك الجيش العظيم الذي ندين له بالولاء لانقاذه الثورة والثوار برفضه الضرب في المليان والانتقال من طلب حماية النظام إلي حماية الشعب.. قلت للشباب اننا وقعنا فريسة لعوامل كثيرة اندست ولتضعف من صلابتهم. هذه العوامل خارجية وبعض العوامل داخلية منها الاتجاهات الدينية التي قفزت علي الثورة ومازالت تتخبط وعينها علي الكرسي الكبير كرسي الرئاسة وهذه الاتجاهات الدينية يتم تغذيتها ماليا وفكريا من الخارج ولعل الاصرار علي تحقيق المطالب والوقوف موقف الفورة الشبابية يكون أحد العوامل المساعدة لاستقرار أساليب حزب الثورة من فلول الفساد وهاتفني أحمد الشوربجي أحد شباب الثورة الثلاثاء 21 يوليو وقال لي انهم ضبطوا ثمانية من البلطجية يقتحمون الميدان وطارودهم ولكن اثنين منهم افلتوا فحدثت مشادة سقطوا فيها بين أيدي الثوار. الشباب متعجل ويحتاج لخبرة المشيب ليتمهل وينظف الساحة بمقدرة وهدوء والسرعة غير مطلوبة في البناء للتأكد من صلابة البنيان وبالرغم من هدوء بيان رئيس الوزراء د. عصام شرف إلا ان علينا ان ننتظر لنري كيف تكون النتيجة. قلت للشباب انهم محقون في طلب تطهير الوزارة من رموز النظام السابق ولكن هناك أشخاصا في الوزارة لا يمكن ان يحسبوا علي النظام السابق وانما يحسبون علي مصر مثل القديرة فايزة أبوالنجا التي تمسك بيديها العلاقات الدولية في ذكاء غير مسبوق بحس اقتصادي عال بحيث تتعاون الدول معنا بكرامة وبلا خفض لرأس مصر وهي في مهمتها هذه منذ سنوات وهي لا يهمها المنصب بل يهمها كيف يقف الاقتصاد المصري وتقف مصر شامخة ولا يكون لديها الاحساس بمهانة الاستدانة وبعبقرية دبلوماسية تدير الحوار الاقتصادي مع الدول فمن لا يستطيع الدفع لمصر يؤازر مصر من اجل دولة اخري مستطيعة فلا يمكن ان تحسب هذه السيدة العظيمة إلا علي مصر ومصر فقط. وكذلك وزير الكهرباء المهندس حسن يونس الذي لم يتوقف طموحه عن المطالبة بدخول مصر النشاط النووي ومازال يحارب سواء في النظام السابق أو الان.. كذلك وزير البيئة ماجد جورج انه من الذين يبدعون في العمل من اجل اظهار الاماكن الرائعة في مصر لعرضها للاستثمار البيئي حول العالم كأماكن نادرة مثل سواحل البحر الاحمر وغيرها من الجزر النادرة في المياه الاقليمية. ويعتبر الدكتور سمير فرج من الكفاءات النادرة في كل مواقعه ولعل الانتفاع بقدراته من الامور المهمة لانه قام بثورة في اثار الاقصر احسنت وضع مصر القديمة واقنع الشباب بأن من يعمل لمصر يحسب علي مصر وليس علي النظام. أجد ان الشباب محق في بطء كل شيء يخص التخلص من النظام السابق سواء اقتصاديا أو سياسيا. ولكن لعل أهم ما في الاحداث اننا نعيش جزرا سياسية لا التئام بينها ولابد من جمع الشيب والخبرات بالشباب لتكون العلاقة بينهما ويجب ان يخرج الشيب من عقولهم ان هؤلاء الشباب لا خبرة لهم بل علي العكس انهم الخبرات الحديثة الساخنة النابضة لعصر قادم هو عصرهم ولكن يجب اللقاء بين الشيب والشباب والخبرة والعنفوان والثورة والفكرة هام جدا ان يلتقي الجيش بكل ائتلافات الشباب هام جدا ان يعود رئيس الوزراء الي الميدان ولا يصر علي التحدث اليهم من خلف شاشات التليفزيون، هؤلاء الشباب، هم الدماء الجديدة وهي التي طردت الدم الفاسد من عروق الوطن فيجب ان ندعمهم ويجب ان يستمعوا الينا.. ولكن ليكن الاجتماع بين الخبرات والشباب في غرفة ولادة الثورة في ميدان التحرير فهل ينزل المشير والمجلس الأعلي ليلتم الشمل وتفتح العقول والقلوب؟ قبل الطبع أنا لا أفهم ان تكون الثورة التي قامت لإعادة بناء وطن ان يخفض من رأسها تفاهات تنشر هنا وهناك بقصد تخليص خلافات قديمة وينتج عنها ظلم للأحفاد والاولاد.. يجب ان تربأ الصحافة الحرة البناءة بنفسها عن نشر ما يؤذي الانسان في شرفه وفي عرضه مهما كان وضعه لأهل الثورة.