بين مطالب المعتصمين وتبريرات »الإدارة الانتقالية« يسقط المرء في دوامة الحيرة. من حق أهالي شهداء الثورة القصاص من القاتلين، ومعاقبة الرموز الفاسدين، والمطالبة بإعادة الأمن إلي الشارع. .. أما الإدارة الانتقالية الممثلة في المجلس العسكري وحكومة شرف فلديها تلال من المهام والمسئوليات، وتسوق تبريرات سير المحاكمات بأن الأمر متروك للقضاء الطبيعي، الذي يتعامل مع القضايا بحسب الأوراق والحيثيات، وهو أمر لا يرضي أهالي الضحايا، لأنهم يرغبون في القصاص بأي شكل، وعلي أساس من الموروث التاريخي بأن للثورات محاكم، أطلق عليها المؤرخون محاكم الثورة، وهي ما رفضه الجميع قبل الخوض في المحاكمات، بل وطالب الجميع بمحاكمات طبيعية عادلة، سواء لقتلة المتظاهرين أو للفاسدين، وأيد الفكرة خبراء القانون، باعتبار أن القضاء الطبيعي يصدر أحكاما غير مشبوهة وغير موصومة بالتعسف. .. قد يكون تخصيص محاكم بعينها لنظر قضايا الثورة أمرا يحل الإشكالية، أما الذي لا يوجد له حل فهي الأزمة الاقتصادية، وهي ناجمة عن المعضلات السياسية والحالة الأمنية وغياب هيبة الدولة.