هذه كلمة حق، لابد أن نقولها الآن، وفي هذا الوقت بالذات، ولا خير فينا إن لم نقلها، وبوضوح، ودون تردد. أقول،..، كان الله في عون قضاة مصر العدول، فهم يعملون الآن في ظل انفعالات صاخبة، ومشاعر ملتهبة، وأجواء مفعمة بكل ما من شأنه أن يعكر صفو الحيدة، والموضوعية، التي هي شروط لازمة ومن الواجب توافرها حول جميع القضايا المعروضة أمام المحاكم للبت فيها بضمير القاضي، وميزان عدالته القائم علي نصوص القانون وروحه دون ميل أو هوي. وكان الله في عون قضاء مصر الشامخ، وهو يتعامل مع مئات بل آلاف القضايا التي يحتاج كل منها الي متسع من الوقت للدراسة والبحث والتعامل في جميع التفاصيل وكل المعطيات المتصلة من بعيد أو قريب بالقضية موضع النظر، في الوقت الذي يتعجل فيه أصحاب القضايا الحكم فيها، ويطالبون بالإسراع في البت، ويتضررون من التأني، ولا يدركون ان تلك ضرورة لازمة لسلامة الحكم، وإقرار العدالة، وإعطاء كل ذي حق حقه، دون زيادة أو نقصان. وكان الله في عوننا جميعا، وقد جعل كل منا من نفسه وكيلا للنائب العام، يوجه الاتهام لكل من يتصور أو يري انه مستحق لذلك، ويظل يردده ويشيع أسانيد الاتهام ومبرراته من وجهة نظره، ووفقا لرؤيته، ثم لا يكتفي بذلك، بل يعتلي كل منا منصة القضاء، ويضع نفسه في موضع القاضي، ليحكم علي الشخص الذي وضعه هو موضع الاتهام،...، وعادة ما يكون الحكم خاضعا لأهوائنا، ومتناسبا مع رؤيتنا التي سبق ووجهنا بها الاتهام. وكان الله في عون مصر، وقد كدنا جميعا أو أغلبنا علي الاقل أن ننسي ان كل متهم بريء حتي تثبت إدانته.
أقول ذلك وأنا أعلم قدر الألم والفجيعة التي يحس بها كل من وقع عليه ظلم، أو غبن، في السنوات الماضية، وينتظر العدالة،..، وأقوله وأنا أشعر وأقدر كم وحجم الفجيعة والقهر الذي يسكن قلب كل من فقد ابنا أو أخا أو أبا من الشهداء، وينتظر القصاص العادل،..، ولكن الحق أحق أن يتبع، وعلي الله قصد السبيل.