» شرق المتوسط» يشعل المنافسة الدولية علي المنطقة تركيا ترتكب جريمة وتخالف القانون الدولي وتتحرش بقبرص إسرائيل ولبنان وحكاية الكتلة رقم9 الحائرة بينهما لفتت الأحداث في البحر الأبيض المتوسط الانتباه إلي قضية حقول الغاز في هذا البحر، خاصة مع تدشين انتاج حقل ظهر المصري العملاق، وتحرشات تركيا بالمنطقة الاقتصادية المصرية التي تقع فيها احتياطيات الغاز المصري بالمخالفة للقانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة، فضلا عن الحرب في سوريا، وأيضاً النزاع اللبناني الإسرائيلي الراهن علي ترسيم حدودهما البحرية وسباق التسلح البحري الذي تمارسه تل ابيب بحجة حماية حقولها ومياهها الاقتصادية، ودخول تركيا علي خط النزاعات بسياسات مماثلة للممارسات الإسرائيلية حفاظا علي مصالح مشتركة بينهما.. وقد دفع ذلك كله وسائل الإعلام الغربية إلي وصفها بأنها »حرب الغاز الأولي في الشرق الأوسط».. ويفسر جمال القليوبي، أستاذ هندسة البترول والطاقة في الجامعة الأمريكيةبالقاهرة، لموقع »المونيتور» أسباب اهتمام القوي الدولية بالنزاع الدائر علي غاز شرق المتوسط بأن »هذه الاكتشافات سوف تغير معادلة الطاقة في آسيا الوسطي وأوروبا، حيث إن الاحتياطيات ستفي باحتياجات المفاعلات النووية لإنتاج الكهرباء. ويؤكد الخبير المصري »إن احتياطي الغاز في منطقة البحر الأبيض المتوسط ليس مطمعا فقط من قبل دول المنطقة، بل أيضا من قبل شركات النفط والغاز العالمية. ويتفق المسح الجيولوجي الأمريكي مع هذه الرؤية، إذ يقر بوجود احتياطيات ضخمة من الغاز في شرق البحر المتوسط تقدر بحوالي 122 تريليون قدم مكعب. الأمر الذي يجعل منطقة شرق البحر المتوسط من أكثر المناطق الواعدة لاستثمار الغاز ». المشكلة الحقيقية يحذر منها حامد قرقر، نائب رئيس دائرة تخطيط الطاقة في وزارة التخطيط، في تصريح لموقع »المونيتور»: هي ان ترسيم الحدود لن يكون كافيا لوضع حد للصراع حول اكتشافات الغاز في البحر الأبيض المتوسط، حيث تقع خزانات النفط في هذه المنطقة في أعماق متفاوتة وبعض الاحتياطيات تمتد إلي الحدود الدولية. وتقتضي هذه المسألة إقامة شراكات واتفاقات لتوزيع حصص الغاز في الخزانات المشتركة بين أكثر من بلد واحد، وتحديد الحدود بدقة لمنع أي خرق بين الدول المعنية».. وسنعرض في السطور القادمة تفصيلاً لأبعاد الصراعات والمنافسات الدائرة بين أطراف هذا النزاع، وأيضا الاتفاقات والتحالفات المعقودة بينهم. برزت أحدث مؤشرات الصراع الإقليمي في الأسبوع الماضي مع التحرشات التركية بإعلان وزير الخارجية التركي أن مشاريع التنقيب عن النفط ستبدأ فورا في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط تحديدا في المنطقة التي تقاسمت قبرص ومصر الحقوق فيها بالفعل. وتواصل التحدي بإعلان الوزير التركي عدم اعتراف بلاده بالاتفاق الذي عقدته القاهرة مع نيقوسيا! وقد حذرت مصر علي لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية أنقرة من اي انتهاك لحقوقها الاقتصادية في شرقي المتوسط الواردة بموجب اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي وقعتها في 2013 مع قبرص والتي تسمح باستكشاف الغاز في المنطقة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد أبو زيد في بيان يوم 7 فبراير أن موقف الأتراك سوف يواجه بالرفض. لا تخفي علي المراقبين انعاكاسات الموقف الأيديولوجي التركي المتعاطف مع الإخوان المسلمين وعداء أنقرة للشعب المصري وأن ذلك دافعها إلي تحرشاتها بها في مجال الغاز، وقد أشارت إلي ذلك بوضوح عدة دراسات اكاديمية وتقارير صحفية أجنبية. كانت أنقرة قد أعربت في مناسبات عديدة عن معارضة لأعمال التنقيب عن الغاز والهيدروكربون في شرق البحر الأبيض المتوسط. في الظاهر يبدو أن معظم الاعتراضات التركية موجه إلي قبرص,وقد طالبت تركيا بنصيبها في غاز المنطقة باعتبارها جزءا من شرق البحر المتوسط، بحجة انها تقع علي ما تعتبره الجرف القاري وأن تنمية موارد المنطقة يجب أن تقررها جميع بلدان المنطقة. علي أساس أن الحكومة القبرصية لا تمثل القبارصة الأتراك ولذلك تطالب بوقف الاستكشاف إلي حين التوصل إلي تسوية للجزيرة القبرصية. المعروف ان تركيا لا تعترف بقبرص كدولة ذات سيادة وتعترف فقط بالمنطقة الإدارية القبرصية الشمالية أوقبرص التركية التي احتلتها القوات التركية منذ عام 1974. المؤكد أن هذه الادعاءات التركية كفيلة بإطلاق العنان لحزم كاملة من المشاكل بينها وبين قبرص واليونان، وبين اسرائيل ولبنان اللتين تديران معركة مماثلة علي حقول الغاز بينهما وتلعب تركيا فيها دوراً مؤثرا لصالح تل ابيب. فمزاعم تركيا في المنطقة البحرية التي تنشدها تتداخل مع ذات المنطقة التي حددتها قبرص كمنطقة اقتصادية خالصة لها وفقا لاتفاقية الأممالمتحدة لقانون البحار والتي عقدت اتفاقها مع القاهرة بناء عليها في فبراير 2003 ووقعها الجانبان في 2013. وقد أدت هذه الاتفاقية إلي إبرام اتفاقات محورية اقتصادية مع لبنان في عام 2006 وإسرائيل في عام 2010. وبعد تأمين حدود جنوب شرق وجنوب شرق المنطقة الاقتصادية الخالصة، قسمت قبرص منطقتها الاقتصادية الخالصة إلي 13 قطعة، ومنحت شركة نوبل الأمريكية للطاقة حقوق استخراج الغاز الطبيعي. وكان أهم تطور حدث في ديسمبر 2011، عندما أعلنت نوبل اكتشاف الغاز الطبيعي في الكتلة 12، والمعروفة باسم »أفروديت». وقد أدي القرب الجغرافي لأفروديت من حقول الغاز الطبيعي »ليفياثان» و»تمار» الغنية إلي تعزيز أهمية هذه الكتلة. رفضت تركيا الاعتراف بالتغير الكبير في توازن القوي، والاعتراف بالمناطق الاقتصادية الخالصة للقبارصة اليونانيين والاتفاقات الثنائية مع دول شرق البحر المتوسط الأخري. وبدلا من ذلك، نشرت جمهورية شمال قبرص التركية خريطتها الخاصة بالمنطقة الاقتصادية الخالصة مع كتل F وG المتداخلة مع كتل 1 و2 و3 و8 و9 و12 و13 من روك (انظر الخريطة1). المناطق الاقتصادية الخالصة تجدر الإشارة إلي ان »المناطق الاقتصادية الخالصة » تم النص عليها في اتفاقية الأممالمتحدة لقانون البحار عام 1982. وهي مناطق تمتد بموجب الاتفاقية الدولية مسافة 200 ميل بحري بدءا من خط الأساس الذي يقاس منه البحر الإقليمي للدولة الساحلية. كما حددت الاتفاقية ذاتها مواصفات »الجرف القاري» بأنه قاع البحر وباطن المناطق المغمورة الملاصقة للساحل والكائنة خارج منطقة البحر الإقليمي علي عمق 200 متر او ابعد من ذلك إلي النقطة التي يسمح فيها عمق المياه التي تعلوها باستغلال الموارد الطبيعية لتلك المناطق. هنا لابد من التأكيد علي أن كلاً من اسرائيل وتركياوالولاياتالمتحدة لم يوقعوا علي هذه الاتفاقية مع ذلك لجأت اليها تركيا واسرائيل عند الحاجة. وفي الحقيقة تعتبر قواعد تلك الاتفاقية عموما ملزمة لأي دولتين متنازعتين باعتبارها قانونا دوليا عرفيا حسب دراسة نشرتها الجمعية الأمريكية للقانون الدولي حول النزاع البحري بين لبنان واسرائيل. وسيتبين في السطور القادمة أهمية هذه الإشارة وأثرها علي النزاع الدائر الآن بين أطراف المنطقة فقد استخدمت تركيا هذه المبادئ التوجيهية لتحديد إقليمها الخارجي، كما لجأت اسرائيل اليها في نزاعها الدائر حاليا مع لبنان حول مناطق غاز شرق المتوسط. تدابير عسكرية يتركز النزاع الحالي علي ال »بلوك 11» الموجود في المياه الإقليمية لقبرص. حاولت تركيا نزع الشرعية عن برنامج الغاز الطبيعي لقبرص عبر التصريحات السياسية واستعراض القوة البحرية في شرق البحر الأبيض المتوسط، في حين أرسلت السفينة الزلزالية »بيري ريس» للبحث عن احتياطيات الغاز الطبيعي الإقليمية وقد أرسلت تركيا، التي تتحدث أيضا باسم الجمهورية التركية لشمال قبرص، فرقاطة، تسغ غوكيدا، إلي المنطقة. وأمر قائد الفرقاطة باستخدام أي تدابير ضرورية لمواجهة النشاط »غير المرغوب فيه» حول الجرف القاري. وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلي أنه في عام 1993 اعتمدت اليونان وقبرص مبدأ الدفاع عن المنطقة المشتركة بينهما، بما يعني الرد معا علي عدوان بلد آخر. و علي الجانب الآخر تظهر إسرائيل وليبيا وحتي مصر اهتماما متزايدا باحتياطاتها في المناطق التي تعتبر كل منها امتدادا لجرفها القاري. ويجري تعزيز هذا الاهتمام بتدابير عسكرية ملموسة. فعلي سبيل المثال، وقعت وزارة الدفاع الإسرائيلية عقدا بقيمة 420 مليون دولار لتزويد البحرية بأنظمة خاصة للدفاع عن حقول الغاز والممرات المائية الملاحية. وتهدف الصفقة إلي تكملة عملية شراء سابقة لاربع سفن حربية من طراز ساعار ستستخدم لحماية المياه الاقتصادية الاسرائيلية في البحر المتوسط. مع ذلك خرج احد قيادات البحرية الإسرائيلية بتصريح غريب يتعلق بالغواصات المصرية الرابضة في البحر المتنامية - حسب قوله - بشكل كثيف فوق الماء وتحت الماء. تعكس هذه التعليقات القلق والترقب الإسرائيليين من تدابير مصر لحماية ثروتها البحرية لا سيما بعد أن اضاف الضابط الإسرائيلي الكبير الذي لم يفصح عن اسمه او رتبته ما نصه:» من الواضح ان هذا امر غير جيد كنت افضل عدم وجودها هنا كما انني لا ارغب في وجود أساطيل الآخرين. واضاف ان الأسطول المصري لا يقع في دائرة تهديداتنا ولكنه موجود. لذلك لا يمكننا التخلي عن قوتنا البحرية التقليدية». وقد ظهر عدم الارتياح الإسرائيلي لتكثيف القوات البحرية المصرية من شراء الفرقاطات وحاملات المروحيات وزوارق الاستطلاع الدورية في السنوات الأخيرة خلال هذا الرصد الذي قدمه الضابط الكبير للقوات البحرية المصرية.وتأكيده علي ان القلق الإسرائيلي يكمن في الأساس من شراء مصر للغواصات حيث حصلت في ابريل 2017 علي اول غواصة ضمن صفقة ضخمة تشمل شراء اربع غواصات من حوض بناء السفن في ميناء كييل شمال ألمانيا وهو نفس الحوض الذي يتولي بناء الغواصات للجيش الإسرائيلي وسيتم تسليم الغواصة المصرية الثانية خلال العام الحالي. الشاطئ الآخر علي الشاطئ الشرقي من البحر المتوسط استيقظ مؤخرا نزاع آخر بين لبنان واسرائيل حول المناطق البحرية شرق المتوسط. حين أعلنت بيروت عن 9فبراير الجاري موعدا لتوقيع اتفاقية لاستكشاف وإنتاج الغاز مع كونسورتيوم مكون من شركات توتال الفرنسية وإيني الإيطالية ونوفاتك الروسية للبحث في كتلتين من الكتل الخمس التي سبق ان طرحتها في مناقصة.علي أن يبدأ التنقيب في منتصف عام 2019، والإنتاج في 2021-22. المعروف ان لبنان تطل علي حوض الشام في شرق المتوسط حيث تم اكتشاف حقول غاز ضخمة تحت مياه المتوسط منذ 2009 التي تشمل خقلي تامار وليفاثان الإسرائيليين الواقعين فيما يسمي وفق القانون البحري الدولي »منطقة اقتصادية خالصة» لإسرائيل وهي مجاورة للمنطقة المتنازع عليها. اما موضع النزاع فهو الكتلة البحرية رقم 9 وهي واحدة من بين خمس كتل أعلنت لبنان طرحها بين الشركات العالمية المشهورة في مجال البحث عن الغاز، وهي عبارة عن مثلث تبلغ مساحته حوالي 860 ميلا مربعا يمتد بطول حافة الكتل الثلاث الأخري الملاصقة. اعتبر افيجدور ليبرمان وزير دفاع الاحتلال ان قيام لبنان بطرح مناقصة للبحث عن الغاز والبترول في منطقة حدود بحرية تابعة لإسرائيل –حسب زعمه- إجراء استفزازيا، ودعا الشركات الدولية إلي عدم التقدم للمناقصة محذرا الشركات »المحترمة» من ارتكاب مثل هذا الخطأ الجسيم الذي يتعارض من وجهة نظره مع كل القواعد والبروتوكولات المعمول بها في حالات مماثلة. ردا علي ذلك صرح الرئيس اللبناني ميشيل عون بأن تعليقات ليبرمان تعد بمثابة إعلان حرب علي بلاده وتهديدا لحقّها في السيادة علي مياهها الإقليمية. تزامنت هذه المشاحنات الاقتصادية مع حملة تهديدات اسرائيلية ممنهجة ضد لبنان وحزب الله وايران تشارك فيها الولاياتالمتحدة بشكل سافر، فبات من الصعب الفصل بين الأغراض الإسرائيلية المتنوعة من التشاحن مع لبنان والتحرش بها دولياً. يقظة متأخرة جدير بالذكر أن الصراع الراهن بين لبنان واسرائيل علي مناطق الغاز في المتوسط ليس وليد اليوم. ففي اغسطس 2010 بدأت الإرهاصات حين قامت ادارة المحيطات وقضايا المياه التابعة للامم المتحدة بنشر بيان رسمي حول ترسيم الحدود المائية بين لبنان واسرائيل وفق الصيغة اللبنانية. تضمن البيان مخططات وقوائم الإحداثيات الجغرافية للحدود الجنوبيةللبنان مع إسرائيل وحدودها الجنوبيةالغربية مع قبرص وفق الاتفاق الذي كانت لبنان توصلت اليه مع قبرص. قامت لبنان بإيداع خرائطها المتفق عليها مع قبرص لدي الأممالمتحدة بناء علي المادة 74 من الاتفاقية الدولية التي تنص علي أنه:» يتعين علي الدول ذات السواحل المتقابلة أو المتاخمة أن تحدد منطقتها الاقتصادية الخالصة بتطبيق القانون الدولي للتوصل إلي حل منصف. كما يجب علي الدول أن تودع الأمين العام للأمم المتحدة مخططات وقوائم الإحداثيات الجغرافية للمنطقة الاقتصادية الخالصة رأت إسرائيل ان بنود البيان الذي تبنته الأممالمتحدة لا تتفق مع الرؤية الإسرائيلية ولا مع الاتفاق الذي وقعته هي نفسها مع قبرص في ديسمبر 2010، وزعمت تل ابيب ان الخط اللبناني المقترح الذي تبنته الأممالمتحدة يبتعد جنوبا بشكل جوهري ويتعارض مع علامات الحدود التي اتفقت عليها لبنان ذاتها مع قبرص.. بعد ان اودعت لبنان خرائطها في الأممالمتحدة سارعت اسرائيل في المقابل بعقد اتفاق مع قبرص في ديسمبر 2010 حول حدودهما البحرية وقعته قبرص في فبراير 2011 اقرت فيه بحدود المياه الخالصة لإسرائيل وهرولت تل ابيب لإيداع الاتفاق في الأممالمتحدة وقالت انها التزمت في اتفاقها مع قبرص بالحدود التي سبق ان اتفقت مع لبنان عليها. احتجاجات متبادلة في يونيو 2011 احتجت لبنان علي الاتفاق البحري بين إسرائيل وقبرص في الأممالمتحدة واشتكت من أن المنطقة المحددة في اتفاق إسرائيل - قبرص 2010 تستوعب أجزاء من المنطقة الاقتصادية الخالصة في لبنان. واعتبرت ان الاتفاق البحري بين إسرائيل وقبرص يشكل هجوما سافرا علي حقوق لبنان السيادية علي تلك المنطقة، التي يمكن أن تهدد السلام والأمن الدوليين، حسبما أكد وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور في رسالة للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خطأ لبناني في الخريطة اللبنانية المشتركة مع قبرص تظهر ما يسمي النقطة 1، التي وضعت كنقطة تقسيم مشتركة بينهما في عام 2007، لكن حين اودعت لبنان خرائطها في الأممالمتحدة عام 2010 ظهر انها تستخدم نقطة تنسيق مختلفة، علي بعد سبعة عشر كيلومترا جنوب غرب النقطة 1 وتتداخل مع المنطقة التي تطالب بها إسرائيل. تختلف التكهنات حول السبب الذي جعل لبنان يضع النقطة 1 في البداية كنقطة فاصلة. أحد الأسباب المنطقية هو أن لبنان ببساطة ارتكب خطأ دبلوماسيا في عام 2007 وأرادت إصلاحه. وهناك تفسير آخر هو أن الحكومة اللبنانية آنذاك أرادت تجنب المزيد من الصراع مع إسرائيل؛ إذ تم التوقيع علي الاتفاق مع قبرص بعد نصف عام من الحرب بين إسرائيل ولبنان 2006. من وجهة النظر اللبنانية، لا تعبر الإحداثيات في اتفاق قبرص- لبنان عام 2007 إلا عن حل مؤقت، ريثما يتم التوصل إلي حل بين لبنان وإسرائيل، لذلك قامت بالاحتجاج امام الأممالمتحدة وأكدت لبنان مجددا أن النقطة 1 لا تمثل الطرف الجنوبي النهائي للمتوسط بين الجمهورية اللبنانية وجمهورية قبرص التي تفصل المنطقة الاقتصادية الخالصة لكل بلد. ولا يمكن النظر إلي الإحداثيات إلا كنقطة مشتركة بين لبنانوقبرص، وليست نقطة انطلاق بين قبرص وأي بلد آخر. ونظرا لعدم وجود اتفاق بين لبنان وإسرائيل، فإنه يمكن للمنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان أن تتجاوز هذه النقطة. المحور التركي- الإسرائيلي في الوقت الذي تطالب لبنانقبرص بتعديل اتفاقها مع اسرائيل ليتماشي مع مصالحهما المشتركة مازالت نيقوسيا ترفض تلبية الطلب اللبناني. قبرص تنظر بكثير من الريبة نحو المحور التركي – الإسرائيلي. فتل ابيب تضغط عليها –من جهة- للتخلي عن اتفاقها مع لبنان، وفي ذات الوقت تعزز من جهة أخري- من علاقتها مع خصيمها التركي إن التنافس حول حقول الغاز في الجرف المتوسطي قد يعني أن إمكانية بناء أحد أطول خطوط أنابيب الغاز في العالم بين إسرائيل وتركياوقبرص واليونان وإيطاليا (أكثر من 2000 كيلومتر). وتقدر التكلفة التقديرية للمشروع بأكثر من 6 مليارات دولار، ويعتزم المشاركون في المشروع الحصول عليها من أموال المفوضية الأوروبية كجزء من »تنويع» إمدادات الطاقة. في هذا المشروع، يأتي الجزء الأكبر من الغاز من حقل غاز ليفياثان في إسرائيل، الذي تبلغ خزاناته حوالي 613 مليار متر مكعب من الغاز و39.4 مليون برميل من مكثفات الغاز. »نحن واثقون من أن أوروبا ستشتري في المستقبل الغاز المنتج في شرق البحر الأبيض المتوسط»، صرح بذلك وزير البنية التحتية الوطنية والطاقة والموارد المائية في إسرائيل، يوفال شتاينيتز. »تجري حاليا محادثات مكثفة حول إنشاء خطين للأنابيب. واحدة من هذه تمتد إلي تركيا ثم إلي أوروبا. وسوف يمر خط الأنابيب الآخر عبر قبرصالجنوبية ومن المرجح أن خط الأنابيب الإسرائيلي-اليوناني-اليوناني-الإيطالي سيزيد من تحصين موقف قبرص ضد الجمهورية التركية لشمال قبرصوتركيا. بالإضافة إلي ذلك، فإن تغيير التحالفات يوفر لاسرائيل نفوذا هاما علي الجزيرة. علي المدي القصير، هذا الجو الجديد قد دفع بالفعل لإسرائيل. علي سبيل المثال، في 28 مارس، استضافت القوات الجوية اليونانية القوات الجوية الإسرائيلية في تدريبات عسكرية مشتركة. وفي وقت لاحق، في 10 يونيو، فتحت جمهورية قبرص »التضاريس الجبلية» التي تشبه لبنان »لتدريب الجيش الإسرائيلي» أطراف دولية ما يبدو علي السطح ان النزاع الراهن ينحصر بين دول المنطقة، لكن الواقع غير ذلك، فثمة اشتباك حقيقي بين عدة أطراف ضالعة فيه علي المستويات القانونية والسياسية والبحرية. فهناك الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي كأطراف دولية تعرض جهودها لتقريب وجهات النظر والوساطة بين الأطراف المتخاصمة مثل لبنان واسرائيل، أو تركياوقبرص، او حتي تركيا واسرائيل حين تدهورت العلاقات بينهما في فترة سابقة فكاد التدهور يطيح بالاتفاقات الثنائية المعقودة بينهما بشأن تصدير الغاز والبحث عنه.