الأوقاف تطلق قوافل دعوية موسعة إلى مختلف محافظات الجمهورية    برلمانية: اتفاقية الملاحة مع السعودية نقلة نوعية لدعم التجارة بين البلدين    «التنظيم والإدارة» يعلن توقف الامتحانات بمركز تقييم القدرات.. لهذا السبب    وزير الشؤون النيابية: الحكومة تقدم أجندة تشريعية مرنة كل دورة برلمانية    قفزة كبيرة في سعر الذهب اليوم الجمعة 22-8-2025 بعد تصريحات الفيدرالي    محمود فوزي: الحكومة جادة في تطبيق قانون الإيجار القديم وحماية الفئات الضعيفة    «القوي العاملة بالنواب» تشيد بزيارة الرئيس السيسي للسعودية    المجاعة تهدد نصف مليون في غزة.. كيف يضغط المجتمع الدولي على إسرائيل؟    حماس تطالب بوقف الحرب وفتح المعابر بعد إعلان الأمم المتحدة المجاعة في غزة    حماس: تصريحات كاتس «اعتراف بجرم يرقى للتطهير العرقي»    «الجيل الديمقراطى» يحمّل الولايات المتحدة مسئولية غطرسة نتنياهو    وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يدينون خطة إسرائيل الاستيطانية الجديدة    نقل مباراة الزمالك أمام فاركو إلى ستاد السلام    فليك يرفض رحيل لوبيز إلى البريميرليج    بروكسي يتعادل مع مالية كفر الزيات في افتتاح مباريات دوري المحترفين    أسطورة ليفربول: إيزاك لا يستحق هذه القيمة المالية.. والأفضل التعاقد مع مبابي    «حماة الوطن» ينظم حلقة نقاشية حول تعديل قانون الرياضة    رقص فتاة على منصة المحكمة وسقوط تاجر شابو في بث مباشر.. قضايا احتلت التريند هذا الأسبوع    وداع على غير العادة.. بيان مهم بشأن حالة الطقس: انخفاض 6 درجات مئوية    ضبط سائق لاستيلائه على سيارة ومبلغ مالي من شركة بالسلام    بعد مداهمة وكر التسول.. حملات مكثفة لغلق فتحات الكباري بالجيزة| صور    بالأسماء.. إصابة 6 أشخاص في تصادم سيارتين على صحراوي البحيرة    إقبال جماهيري على معرض السويس الثالث للكتاب    الوادي الجديد تبحث إنشاء منصة إلكترونية للمواقع السياحية والأثرية    الفائزون بجوائز المهرجان القومي للمسرح يتحدثون ل«الشروق»: حققنا أحلامنا.. والتتويج من الوطن له طعم خاص    «انتهى دوري».. محامي شيرين عبدالوهاب يناشد وزير الثقافة التدخل لمتابعة حالتها    التفاؤل ماليهم.. ما هي الأبراج التي لها نظرة إيجابية ؟    خطيب الجامع الأزهر: أعداء الأمة يحاولون تزييف التاريخ ونشر اليأس    الحبس عامين ل تارك صلاة الجمعة في ماليزيا.. أحمد كريمة يكشف الحكم الشرعي    تدريب مشترك لمواجهة الأمراض الوبائية بالمنوفية ..صور    عميد طب القصر العيني يتابع جاهزية البنية التحتية استعدادًا لانطلاق العام الدراسي    محافظ مطروح ورئيس جامعة الأزهر يفتتحان كلية البنات الأزهرية بالمحافظة    "درويش" يحقق قفزة كبيرة ويتخطى 20 مليون جنيه في 9 أيام    ضبط لص حاول سرقة حقيبة من شخص فى العمرانية    الكشف الطبى على 276 مريضا من أهالى قرى البنجر فى قافلة مجانية بالإسكندرية    حقيقة حرمان خريجي البكالوريا من الالتحاق بعدد من الكليات    فورين بوليسي: منطقة "دونباس" مفتاح الحرب والسلام في أوكرانيا    مصر تحصد فضية الريشة الطائرة بالبطولة العربية المدرسية بالأردن    بنسبة تخفيض تصل 30%.. افتتاح سوق اليوم الواحد فى مدينة دهب    ضبط 400 قضية مخدرات وتنفيذ 83 ألف حكم قضائي خلال يوم    إمام مسجد بكفر الشيخ: لابد أن نقتدى بالرسول بلغة الحوار والتفكير المنضبط.. فيديو    العين مرآة العقل.. وهذه العلامة قد تكشف مرضًا عقليًا أو اضطراب نفسي    محافظ مطروح يستقبل رئيس جامعة الازهر لافتتاح مقر لكلية البنات الأزهرية    مصلحة الضرائب تنفي وجود خلاف بين الحكومة وشركات البترول حول ضريبة القيمة المضافة    صحيفة عبرية: نتنياهو يشجع بن جفير وسموتريتش على تقويض فرص التوصل إلى اتفاق    وزارة التخطيط ووكالة جايكا تطلقان تقريرا مشتركا حول 70 عاما من الصداقة والثقة المصرية اليابانية    «التسامح والرضا».. وصفة للسعادة تدوم مدى الحياة    ناقد رياضي: بن رمضان اللاعب الأكثر ثباتًا في الأهلي.. ومواجهة المحلة صعبة    رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية تؤكد انحيازها التام لحرية الإعلام    الاقتصاد المصرى يتعافى    ثائرٌ يكتُب    تهيئة نفسية وروتين منظم.. نصائح هامة للأطفال قبل العودة إلى المدارس    محافظ أسيوط يسلم جهاز عروسة لابنة إحدى المستفيدات من مشروعات تمكين المرأة    غدًا.. إعلان نتيجة التقديم لرياض أطفال والصف الأول الابتدائي بالأزهر| الرابط هنا    «خير يوم طلعت عليه الشمس».. تعرف على فضل يوم الجمعة والأعمال المستحبة فيه    سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025    أزمة وتعدى.. صابر الرباعى يوجه رسالة لأنغام عبر تليفزيون اليوم السابع    نجم الأهلي السابق: أفضل تواجد عبد الله السعيد على مقاعد البدلاء ومشاركته في آخر نصف ساعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سوق سوداء للدم .. بعلم الحكومة !!
المشروع السويسري أغلق بنوك الدم الحكومية واحتكر توريد احتياجات المستشفيات ولم يقدم شيئا
نشر في الأخبار يوم 03 - 07 - 2011

سيارات التبرع التابعة لوزارة الصحة وعلامات استفهام بالجملة ! في دولة مثل مصر، كل شيء له وجهان، وجه براق يظهره المسئولون في وجه الناس، يتفاخرون بإنجازاتهم الوهمية، وآخر معتم يبذلون كل الجهد لإخفائه عن العيون . في مصر كل شيء يبدأ مثاليا، لامعا، براقا، ثم سرعان ما يتحول بفعل سوس الفساد، وديدان الفوضي، وعصابات أصحاب المصالح إلي كارثة حقيقية تلتهم البسطاء والأبرياء الذين لا ذنب لهم سوي أنهم مرضوا في وطن لا يقدر معاناة المريض، وإنما يعتبره البعض سلعة أو زبونا يباع ويشتري!!
هذه هي الحقيقة المؤلمة التي تكشف عنها وقائع سوق الدم في مصر، الذي تحول إلي سوق سوداء بعلم الحكومة، بل وبسبب قراراتها، وتحت شعار خادع هو تطوير خدمات الدم في مصر، أو ما عرف بالمشروع المصري السويسري.
وقصة المشروع المصري السويسري بدأت عام 1999 بهدف تطوير خدمات نقل الدم في مصر من خلال قرض حسن بشروط ميسرة ودعم تقني و فني سويسري من خلال اتفاقية تعاون بين وزارة الصحة المصرية والحكومة السويسرية.. وفي هذا الوقت كانت خدمة نقل الدم في مصر تعاني من التشتت الإداري والتخلف العلمي والفني الشديد.
وقامت خطة المشروع علي إقامة شبكة تتكون من مركز قومي لنقل الدم ومراكز اقليمية بالمحافظات المختلفة تكون هي المسئولة عن خدمة نقل الدم التي تبدأ بجمع الدم من المتبرعين والفحص والفصل للمشتقات والحفظ والتخزين في الظروف المناسبة ثم التوزيع الأسبوعي للمستشفيات حيث يتواجد المرضي المحتاجون للدم حسب الاحتياجات التي يحددها المستشفي علي أن تتم جميع هذه الخطوات وفقا للمعايير والضوابط المعتمدة لتحقيق أعلي مستوي من الجودة، علي أن يقتصر دور بنوك دم المستشفيات علي الحفظ والتخزين قصير المدي للدم ومشتقاته واجراء فحوصات الفصيلة والتوافق قبل صرف الدم.
ويقوم النظام علي الاعتماد علي المتبرع المتطوع بدون مقابل كمصدر وحيد لإمدادات الدم مع الاستغناء تدريجيا عن التبرع العائلي بالمستشفيات، علي أن تكون هذه الشبكة موازية لبنوك دم المستشفيات وتبدأ بأن تحل محلها تدريجيا مع ارتفاع أعداد المتبرعين المتطوعين واقامة قاعدة من المتبرعين المنتظمين وهم الأكثر أمانا وحجر الزاوية الذي تقوم عليه خدمات نقل الدم.
وكانت خطة التطوير بالمشروع السويسري بمثابة الأمل في إحداث نقلة نوعية في خدمات نقل الدم من حيث رعاية المتبرع والاهتمام به واستخدام أحدث الوسائل العلمية لضمان سلامة الدم وفعاليته وتدريب العاملين وفقا لأحدث الأبحاث في مجال طب نقل الدم الذي شهد طفرات كبري في العقود الثلاثة الأخيرة منذ بداية الثمانينيات
وبالفعل ازداد نشاط المركز وتوسع في الحملات بالميادين العامة مع نسبة من الحملات المنظمة في الجامعات والشركات منذ عام 2003-2004 وظل المركز القومي وفروعه بالمحافظات تعمل كمراكز دم موازية للنظام القديم ببنوك دم المستشفيات.
وقاوم المسئولون بإدارة بنوك الدم رغبة المركز القومي في البدء بتنفيذ خطة تحويل بنوك دم المستشفيات لبنوك دم تخزينية ( لا يتم التبرع بها) ويتكفل المركز القومي أو أقرب مركز إقليمي بتوفير احتياجاتها من الدم وظلت هذه الخطة متعثرة ومتوقفة حتي عام 2007 الذي كان بمثابة بداية النهاية لهذا المشروع مع تفجير قضية هايدلينا الشهيرة التي تورط فيها أهم مسئولي الإدارة العامة لبنوك الدم بوزارة الصحة، وقام وزير الصحة الأسبق حاتم الجبلي كمحاولة للتخلص من ملف الدم الشائك وما ارتبط به من لغط طال الوزير نفسه وكبار مساعديه بإسناد الاشراف علي الادارة العامة لبنوك الدم إلي الدكتورة فاتن مفتاح مدير عام المركز القومي لنقل الدم فصارت بذلك المسئول الأول والوحيد عن ملف الدم بوزارة الصحة ولا زالت بالرغم من تعيين مدير جديد للإدارة، وكانت هذه هي الفرصة الذهبية التي جاءت للمركز وفروعه لتطبيق الخطة المتعثرة لتحويل بنوك دم المستشفيات إلي بنوك دم تخزينية والحد من التبرع العائلي، وهو ما ادي الي حدوث كوارث حقيقية في قطاع خدمات نقل الدم في السنوات الاخيرة.
حقائق صادمة
ولكي ندرك حجم المصيبة التي أحدثتها ادارة المركز القومي لخدمات نقل الدم تحت ستار المشروع السويسري، لابد ان نعرف أولا واقع مشكلة نقل الدم في مصر، فبحسب دراسات منظمة الصحة العالمية يتعين علي كل بلد جمع أكياس دم بنسبة تتراوح بين 1٪ - 5٪ من عدد السكان لتوفير الدم للمرضي المحتاجين بها (حسب مستوي الرعاية الصحية المتوافرة للمواطن)
بمعني انه كلما ارتفع مستوي الرعاية الصحية بالبلد ازدادت احتياجاتها من الدم ومشتقاته لارتفاع مستوي المعيشة وزيادة نسبة المسنين ومايرتبط به من أمراض واصابات وكذلك ازدياد فرصة علاج مرضي الأورام وإجراء عمليات جراحية معقدة مثل عمليات القلب المفتوح وجراحات العظام وزراعة الأعضاء.
وتعاني مصر من عجز كبير في كميات الدم المجمعة،ويؤدي هذا العجز إلي معاناة المرضي وذويهم وتعرض حياة آلاف المصريين يوميا للخطر من مصابي الحوادث ومرضي أمراض الدم المزمنة والأورام والفشل الكلوي والكبدي.
لمصلحة من ؟!
تخيلوا كل هذه الامراض والاحتياجات في مواجهة نقص كبير في اعداد أكياس الدم التي تجمع سنويا، الأمر الذي أدي إلي رواج سوق الدم السوداء للاتجار بالدم واستغلال النقص الحاد في المستشفيات الحكومية لجني الارباح وتكديس الاموال،وقد بدأ ذلك ببنوك الدم الخاصة ثم سارعت عدة جهات حكومية للمشاركة في الأرباح وتحويلها لتجارة مربحة، وللأسف الشديد كانت خطط وزارة الصحة سببا في انتشار وازدهار تلك التجارة وزيادة لجوء المواطنين إليها.. ولم يكن هناك بديل لتعويض النقص الواضح في التبرع المنتظم بالدم سوي اللجوء الي التبرع العائلي، بحيث يتم الحصول علي متبرعين من اقارب المريض، مقابل صرف احتياجه من الدم، وكانت هذه هي الوسيلة المقبولة والشائعة لتعويض نقص الدم.
لكن وللغرابة،وعلي عكس المنطق، سارت وزارة الصحة ممثلة في المركز القومي لنقل الدم، حيث توسعت خطة المشروع السويسري في اغلاق بنوك الدم بالمستشفيات الحكومية،ومنعت التبرع العائلي بالمستشفيات، دون ان تقدم بديلا مقبولا لتعويض النقص الحاد في كميات الدم، الأمر الذي أنعش تجارة الدم في السوق السوداء، وضاعف معاناة المرضي للحصول علي الدم وتهديد حياتهم وحدوث وفيات بسبب نقص الدم .
بل الاغرب ان المركز ألزم جميع المستشفيات الحكومية التي يتوافر بها الدم بعدم صرفه لأي مستشفي أخري مما يعرض حالات بعض المرضي للخطر ولا يمكن انقاذهم بالرغم من توافر الدم بمكان قريب.
وحتي لا يسيء البعض الفهم، أو يحاول البعض الاخر الصيد في الماء العكر، فإنني اؤكد ان ما سبق ليس دعوة الي وقف التبرع بالدم، وانما لابد من الاستمرار في التبرع، بل وزيادة معدلاته، لكن الأهم هو تغيير السياسات الفاشلة التي يتبعها المركز القومي لنقل الدم، والتي ادت الي النتائج الحالية، وادخال الاف المرضي في دوامة البحث عن كيس دم، والوقوع فريسة لمافيا السوق السوداء، وهو ما يعرض حياة عشرات وربما مئات الابرياء البسطاء للخطر، ويدفع مستشفيات الغلابة في مصر الي الأنين من الشكوي من عدم توافر الدم، وهذا ما سنكشفه بالمستندات في الحلقة القادمة من هذه الحملة المستمرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.