معامل البحث العلمى تحتاج دعماً كبيراً عند اثارة أزمة البحث العلمي في مصر، ينصرف الحديث دائما إلي ضرورة زيادة ميزانيته.. وإذا كانت الميزانية الجديدة التي أقرتها الحكومة المصرية للعام المالي الجديد الذي يبدأ من يوليو 1102 وحتي يوليو 2102 قد شهدت خطوات ملموسة في هذا الصدد، فان العاملين في حقل البحث العلمي يرون انها رغم أهميتها ليست كافية.. فالبعض يري ضرورة اتخاذ خطوات أكثر تقدما في مجال زيادة الميزانية وآخرون يطالبون بعلاج مشكلات أخري تصبح الزيادة بدونها غير مجدية. الدكتور ماجد الشربيني رئيس أكاديمية البحث العلمي ينظر نظرة شديدة التفاؤل لخطوة زيادة الميزانية. يقول رئيس اكاديمية البحث العلمي أن ميزانية الأبحاث في العام الحالي يوليو 2010 يوليو 2011 " كانت 395 مليونا و 572 ألف جنيه، وزادت في العام المالي الجديد إلي 537 مليونا و264 ألف جنيه، بزيادة تقدر بنحو 141 مليونا و692 ألف جنيه مصري. وأوضح الشربيني أن هذه الزيادة تتوزع بين المراكز البحثية وأكاديمية البحث العلمي ووزارة البحث العلمي، حيث ستزيد ميزانية الوزارة من 30 مليونا إلي 90 مليونا، وتقفز ميزانية أكاديمية البحث العلمي قفزة هائلة لتصل إلي 78 مليونا، بعد أن كانت 15 مليونا، وبنسبة أقل قفزت ميزانية معهد البترول من 40 إلي 60 مليونا، وميزانية مدينة الأبحاث العلمية " مبارك سابقا " من 20 إلي 30 مليونا، والمركز القومي للبحوث من 19 إلي 21 مليونا. ورغم أن هذه الزيادة قياسا بالظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها مصر تعتبر قفزة مهمة إلي الأمام، إلا أن الدكتور الشربيني قال: " ليست هذه كل طموحاتنا " . وأعرب عن تطلعه لزيادة أكبر في الميزانية خلال ثلاث سنوات، بحيث تصبح نسبة الإنفاق علي البحث العلمي 2 ٪ من إجمالي الناتج القومي، وقال: " ليس من المقبول ونحن في عام 2011 أن يكون نصيب البحث العلمي من الناتج القومي الإجمالي 3.0٪ ". وأوضح أن هذه الزيادة المأمولة لن تحمل الدولة أعباء مالية لأن هناك خطة لخلق مصادر أخري لدعم ميزانية البحث العلمي تشمل المجتمع المدني ورجال الأعمال. وعن وسائل الاستفادة من زيادة الميزانية قال أن الإنفاق علي الأبحاث العلمية سيكون له الأولوية، وتأتي زيادة الرواتب في المرتبة التالية، في حين أكد أن هناك خطة لتعيين من 40 إلي 50 ألف باحث من أوائل الكليات سيتم تمويلها من الزيادة في الميزانية ودعم المصانع والشركات. وقال أن هذا الدعم سيتمثل في استيعاب نسبة من هؤلاء الباحثين، في إطار التكامل بين البحث العلمي والمصانع، حيث سيعمل الباحثون علي أبحاث من شأنها علاج مشكلات تطبيقية تواجه المصانع في عملها. متفائل ولكن وينظر د.علي حبيش نقيب العلميين هو الآخر نظرة متفائلة لهذه التغيرات التي تشهدها سياسات البحث العلمي بمصر بعد الثورة، والتي تؤكد تجاوزه مرحلة الأقوال إلي الأفعال. إلا أن د.حبيش يري أن الزيادة لابد أن يتبعها إدارة جيدة تحسن استغلالها ، والإدارة الجيدة التي يقصدها تعني وجود إستراتيجية معينة يسير عليها البحث العلمي بمصر. ويقول: " المشكلة في مصر أن الأبحاث تنجز لمصلحة الفرد ومن أجل الترقي فقط، وليس لخدمة البلد". ولا يلوم د.حبيش الباحث، قدر لومه للحكومة التي من المفترض ان تضع خطة قومية اقتصادية واجتماعية، وتسير الأبحاث التي تنجزها المؤسسات البحثية وفق هذه الخطة. ويقول: " فمثلا لو كانت زيادة محصول القمح هي من ضمن أولويات هذه الخطة، لا يصلح أن أجد باحثا يعمل علي محصول الفراولة " . داء المحسوبية " غياب الرؤية " هو اللفظ " الشيك " الذي استخدمه د.حبيش، لمصطلح أكثر قسوة استخدمته د.مشيرة عرفان الباحث بالشعبة الطبية بالمركز القومي للبحوث وهو " المحسوبية". وقالت: د.مشيرة: " للأسف البحث العلمي يدار بالواسطة والمحسوبية بغض النظر عن الفائدة التي ستعود علي المجتمع " . ويتجسد ذلك كما تقول د.مشيرة في توزيع ميزانية المركز القومي للبحوث علي مشروعات بحثية يكون أصحابها من المقربين للرؤساء، وكل رئيس مشروع لا يعمل معه إلي أصدقائه. وتكون النتيجة لهذا الوضع، كما توضح د.مشيرة، أن هناك باحثتين بلا عمل داخل المركز. وتقول: " قسم الأنثربولوجيا البيولوجية الذي أعمل به يعمل علي مشروع بحثي، ستصدقني لو أقسمت لك بالله أني لا أعرف حتي اسم المشروع". وتخرج د.مشيرة من هذه القصة بنتيجة مؤداها انه لا تغيير حتي لو تضاعفت الميزانية أكثر وأكثر بدون القضاء علي مرض الواسطة والمحسوبية في إدارة البحث العلمي. وتشير د.أليس عبد العليم بقسم الوراثة البشرية بالمركز القومي للبحوث إلي مشكلة أخري وهي ضياع وقت الباحثين في " المشاحنات ". وتقول: "هذه مشكلة لا علاقة لها بالميزانية لكنها موجودة ونعيشها بشكل دائم في المركز القومي للبحوث". والسبب في حدوث هذه المشكلة، هو ما أرجعته د.أليس إلي غياب " النظام " الذي يسير عليه الجميع. وتقول: "هذا النظام من المفترض أن يرسمه المكتب البحثي في المؤسسة، لكن لا يوجد مثل هذا النظام في المركز القومي للبحوث". وتكون وظيفة هذا المكتب منع التداخل في الموضوعات، وتحديد أولويات استخدام الأجهزة، وهما مشكلتان يؤديان للمشاكل والمشاحنات. فمثلا في قسم الوراثة البشرية تجد معمل »الخلية« يطلب شراء أجهزة معمل »الجينات«، وعندما يطلب معمل الجينات هذا الجهاز يقال له أن معمل الخلية سبقه لذلك، فلو وجد المكتب الذي أدعو له لن تحدث هذه المشكلة التي تسبب مشاحنات بين الباحثين. ويتكرر نفس الأمر عندما يعمل باحثان علي نفس الموضوع، فيحدث تنازع علي استخدام جهاز واحد، وهي مشكلة - أيضا - لا يمكن أن تتكرر إذا وجد مكتب الباحثين.