رغم كل أنواع البلطجة، والاستفزاز الذي استخدمته أمريكا من خلال تهديد المندوبة الأمريكية للأعضاء كما رأيناها في الفضائيات داخل مجلس الأمن بدون استحياء، وبغشم لافت، وأيضا من قبلها كلمات رئيسها ترامب التي أراد بها إرهاب العالم :: انتصرت الأممالمتحدة، وتحدت قنابل ترامب اللفظية، ومندوبته بكلماتها العنترية، وصوت المجلس ضد قراره الغاشم تجاه القدس الشريف بأغلبية 128- دولة والتي ظن الرئيس الأمريكي أنه يملكها، ويملك العالم، ولا صوت فوق صوته، وقد كانت مصر الكنانة هي السبّاقة في الدعوة لهذا الاجتماع، ولم ترهبها كلمات ترامب ولا غيره،وأن رزقها بيد الله تعالي لا بيد أمريكا كما يتوهم البعض، ولقد ظنت أمريكا أن العالم ألعوبة في يدها، وأنها تملك الكون وحدها، ولا إله دونها، ولها الأمر من قبل ومن بعد، وهي تبيع وتشتري وتفرض، وتنتهك كما تشاء، وكيفما تشاء، وهذا غرور ينبئ ببداية النهاية لكل جبار عنيد، وما التاريخ عنا ببعيد والقرآن الكريم يقص علينا قصص الجبارين المغرورين من أمثال الفرس، والروم، وعاد وثمود وأصحاب الأيكة، وقوم تُبّع، والمغول والتتار وعُبّاد النار، والصليبيين فما أغنت عنهم أموالهم، ولا أولادهم من الله شيئا، بل أصبحت سيرتهم وحضاراتهم كالصريم، لا ذكر لهم في التاريخ الإنساني إلا باللعنات، وسوء الكلمات، وبقي أهل الحق بحقهم، ومات الباطل مع ذويه. وهكذا يعيد التاريخ نفسه لنري : عادا، وثمود العصر الحديث متمثل في أمريكا، ونمروز إبراهيم عليه السلام متمثل في رئيسها المغرور عاشق ألعاب المصارعة كما يحكي تاريخه، فظن أنه وحده هو الذي يُحيي الدول، ويميت، ويقرر المصير للبشر، والحجر، ويصدر ما يشاء، ويريد، ولكن سنة الله لن نجد لها تبديلا، ولاتحويلا ( فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا) ويعودوا لرشدهم، ويعلموا : ( أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ) تحية تقدير للأزهر وإمامه الأكبر الذي قاد مسيرة الرفض لتهويد القدس الشريف، وبين أنها خط أحمر للمسلمين والمسيحيين في العالم،وأن اليهود هم عليها دخلاء، والتاريخ يؤكد ذلك، وتحية للعظيمة مصر التي ساندت الأزهر من خلال مواقفها الجريئة في مجلس الأمن، ومعها كل المخلصين الرجال في العالم، وليس الذكور، فهناك فرق شاسع بين الرجولة والذكورة كما هو معروف. . ونحن علي يقين أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده،وأن الكون يسيّره خالق البشر هذا خلق الله، وليس ترامب وأن العالم حقا ليس للبيع،وأنه لا يقع في ملك الله إلا ما أراد الله، والسؤال الذي يفرض نفسه :بعد أن صوت العالم ضد قرار ترامب : هل يمكن أن يتحلي ترامب الذي يدعي أنه حامي الحريات والديمقراطية في العالم : بالشجاعة الأدبية ليعتذر للعالم المتحضر الذي وقف مع الحق،وبين عدم قانونية قرار ترامب،وأجمع علي ذلك ؟. أم سيظل متشبثا بما يمليه عليه اليهود الصهاينة، ويعادي العالم، ويركب ( دماغه ) كما يقال ؟ اعتقد أن الأمر الأخير هو ما سينتهي إليه ترامب وصدق من قال : ( ومن يضلل الله فماله من هاد ). • استاذ العقيدة والفلسفة جامعة الأزهر: