سها جندي: مشروعات وزارة الهجرة بموازنة 24-25 بناء على توصيات مؤتمر المصريين بالخارج    رسامة قمص بكنيسة الأنبا شنودة بقرية بهجورة في قنا    خطة النواب تثير أزمة انخفاض موازنة الاستخدامات بالتنمية الصناعية    وزير العمل: لدينا عِمالة ماهرة ومُدربة جاهزة لسوق العمل الخارجي    رئيس جهاز القاهرة الجديدة يجتمع بسكان حى الأندلس بالتجمع الثالث لبحث مطالبهم    توريد 208 آلاف طن قمح لشون وصوامع البحيرة    «مواني البحر الأحمر»: تصدير 27 ألف طن فوسفات من ميناء سفاجا ووصول 742 سيارة لميناء بورتوفيق    الأردن: اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى خرق للقانون الدولي    حقيقة مفاوضات الزمالك مع أحمد الشناوي    جوارديولا: أود مشاركة جائزة أفضل مدرب بالدوري الإنجليزي مع أرتيتا وكلوب    جوميز: كنت قريبا من تدريب الأهلي.. وهذا شرط منافستنا على الدوري    موعد مباراة ريال مدريد ضد بوروسيا دورتموند في نهائي دوري أبطال أوروبا.. والقنوات الناقلة    تقارير: ماكرون يفشل في إقناع بيريز بالتخلي عن مبابي من أجل الأولمبياد    تأجيل محاكمة طبيب الإجهاض و3 آخرين في الجيزة    الداخلية: ضبط 480 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة    أحمد حلمي يتبرع بخاتم عسل أسود في مزاد خيري بأستراليا    بروتوكول تعاون بين نقابة السينمائيين واتحاد الفنانين العرب والغردقة لسينما الشباب    مصادر: توافر الأدوية الناقصة في السوق بزيادة 25% من أسعارها يونيو المقبل    الصحة: برنامج تدريبي لأعضاء إدارات الحوكمة بمديريات الصحة في 6 محافظات    مساعد وزير الصحة يكشف تأثير تغير المناخ على الأمراض المعدية    وزير العمل: لدينا عمالة ماهرة جاهزة لتصديرها للسوق الخارجية    الأكبر سنا والمربع السكني.. قرارات هامة من «التعليم» قبل التقديم للصف الأول الابتدائي 2024    للمرة الأولى منذ "طوفان الأقصى".. بن جفير يقتحم المسجد الأقصى    إقامة صلاة الجنازة على رئيسي وعبداللهيان في طهران    عاجل.. رفض طعن سفاح الإسماعيلية وتأييد إعدامه    انتقال النيابة لمعاينة مسرح العثور على جثة عامل بمغسلة عين شمس    هيئة شئون الأسرى: قوات الاحتلال تعتقل 12 فلسطينيا بالضفة الغربية    رئيس حزب الجيل: فخور بموقف مصر الحاسم تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة    لمواليد برج القوس.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024    في محو أمنية .. مصطفى خاطر مؤلف روايات    فدوى مواهب تخرج عن صمتها وترد على حملات المهاجمين    بإجمالي 37.3 مليار جنيه.. هيئة قناة السويس تكشف ل«خطة النواب» تفاصيل موازنتها الجديدة    الأزهر يطلق صفحة مستقلة بفيس بوك لوحدة بيان لمواجهة الإلحاد والفكر اللادينى    تراجع جديد.. سعر الريال السعودي اليوم الأربعاء 22-5-2024 مقابل الجنيه المصري بمنتصف التعاملات    التكييف في الصيف.. كيف يمكن أن يكون وسيلة لإصابتك بأمراض الرئة والتنفس؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 22-5-2024 في المنيا    طلاب جامعة الإسكندرية في أول ماراثون رياضي صيفي    قمة عربية فى ظروف استثنائية    تعديلات جديدة على قانون الفصل بسبب تعاطي المخدرات    رئيس مياه القناة: استخراج جذور الأشجار من مواسير قرية الأبطال وتطهير الشبكات    دار الإفتاء توضح أفضل دعاء للحر.. اللَّهُمَّ أَجِرْنِى مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ    سيدة «المغربلين»    طلاب جامعة القاهرة يحصدون المركزين المتميز والأول فى مسابقة جسر اللغة الصينية    هكذا تظهر دنيا سمير غانم في فيلم "روكي الغلابة"    استطلاع رأى 82% من المواطنين:استكمال التعليم الجامعى للفتيات أهم من زواجهن    جامعة عين شمس تحصد 3 جوائز لأفضل رسائل ماجستير ودكتوراه    دبلوماسي سابق: الإدارة الأمريكية تواطأت مع إسرائيل وتخطت قواعد العمل الدبلوماسي    عباس أبو الحسن بعد دهسه سيدتين: أترك مصيري للقضاء.. وضميري يحتم عليّ رعايتهما    قرار جديد من الاتحاد الإفريقي بشأن نهائي أبطال إفريقيا    رئيس نادي إنبي يكشف حقيقة انتقال محمد حمدي للأهلي    طريقة صنع السينابون بالقرفة.. نكهة المحلَّات ولذَّة الطعم    مأساة غزة.. استشهاد 10 فلسطينيين في قصف تجمع لنازحين وسط القطاع    شاهد.. حمادة هلال ل إسلام سعد: «بطلت البدل وبقيت حلاق»    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    الأرصاد: الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار تدريجياً يوم الجمعة    جوميز: عبدالله السعيد مثل بيرلو.. وشيكابالا يحتاج وقتا طويلا لاسترجاع قوته    ذبح مواطن في الطريق العام.. النقض تنظر طعن سفاح الإسماعيلية على حكم إعدامه    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كل هذا الغضب
نشر في الأخبار يوم 17 - 06 - 2011

بير ملوش قرار ، غارت مياهه بعيدا ، تكدرت بقاياه ، في ظلام القاع العميق تبرز صخور مسنونة، تسكن القاع أشباح مجنونة ، ياما جرحت ناس ، وأذلت ناس ، وكسرت نفس ناس ، امتلأت البئر غضبا .
ثلاثون عاما ظلوا يلقون في البئر بما في نفوسهم من كره أسود ، أحالوه ظلاما لا يسر الناظرين ، هل امتلأت ،تقول هل من مزيد ، طفحت البئر غضبا ، وفاضت علي الحواف ، أغرقت الأخضر واليابس بطوفان غضب .
غضب علي غضب ، كل هذا الغضب المخبوء تحت غطاء شفيف ، انفجر الغضب في الوجوه ، بركان الغضب قديم ، ثار من جديد ،ثورة الغضب ، ثورة البركان ، حمم تشوي الوجوه ، شاهت وجوه، وتشوهت وجوه ، وعبست وجوه ، وتكدرت وجوه.
بئر الحرمان ، لقد أورثوا فقرا ، فقرا علي فقر، الفقر يولّد غضبا ، غضبا علي غضب ، كانت القدور في الليالي السوداء تغلي بماء قراح ، كان الأطفال يصرخون ، والرجال يئنون ، والنساء ثكلي في قعور البيوت الطينية في انتظار رحمة من السماء ، تحسبهم أغنياء من التعفف .
بئر النسيان ، نسوا أنفسهم ، كانوا لا يرحمون ولا يتركون رحمة ربنا تتنزل بالعباد ، قلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة ، قدت من حجر ، ظنوا أنهم ورثوا الأرض ومن عليها ، وهذه الأنهار تجري من تحتي ، وماهم إلا عبيد إحساناتنا .
صاحب البئر كان شحيحا ، يشبعه ذل السؤال ، لم ينزل البئر أبدا ، كانوا يغطونها من تحته بإحكام ، يلقون بجواهر التاج في غيابات الجب ليخلو لهم وجه أبيهم ، كان لا يطيق رائحة البئر ، مياهه آسنة ، الناس عفنت في البئر وهو قاعد علي رأس البئر يبتسم للكاميرات ، ظنا أنه لن يموت ، لن يلقي في غيابات الجب .
بئر الحسرة ، كانوا في البئر يتحسرون علي عمر ضاع ، شاب الوليد في اللفة ، وهرم الصبي في شرخ الشباب ، ضاع رجال في لجات البئر ، ومات رجال في قعر الجب ، مرضهم لا تداويه قرارات علاج ، في البئر كانوا يستعذبون العذاب ، يعالجون جروحهم بالنسيان ، كانت الأغاني تشعل جروحا وتند عنهم آهات ، وتصرخ في أحشائهم آلام ، كانت الأيام في قلبي دموع بتجري وأنت تحلالك دموعي وهي عمري.
بئر الألم ، كان الناي الحزين سلوي المجروحين ، وعد الجروح يا ألم ،وفر دواك أحسن يا طبيب ، بعضهم ولف علي الأم ،كان يمضي ليله يغني علي ليلاه ، الحزن كما هو معلوم يعلم البكاء ، بكوا بدل الدموع دما ، كان البعض يهذي ألما ، تحسبه مخبولا ، وماهو بمخبول ، لكن الألم قاس ، مريع الغضب يمزق الأحشاء ، سم زعاف يسري يمزق ، كانت الناس تكلم نفسها في الطرقات ، كان بعضهم يتهيج من قسوة الغضب ،يتشظي ، يستحيل شظايا في كل الأرجاء ، كثير منهم كانوا أموات وهم أحياء ، علي قيد الحياة ولكنهم خلوا من الحياة ، كان الألم طاغيا ،والغضب مكتسحا، مقتحما ، سهادا لا ينامون من قسوة الألم ، الألم طعامهم ،شجر الزقوم طعام الأثيم ، كالمهل يغلي في البطون ، لا يسمن ولا يغني من جوع .
بئر الجحود والنكران ، جحود بشعب طيب الأعراق، بأمة خير أمة أخرجت للناس ،بوطن لا تري الشرق يرفع الرأس بعده ،كانوا يسومنهم ْسوء العذاب، يذبحون مواهبهم ، ويستحيون حرماتهم ، وفي ذلك بلاء عظيم ، كان سفاك المواهب يجول في المدينة كل عام ، يستأصلهم من شأفتهم ، كل الموهوبين فروا ، كل النافعين فسدوا ، يذبحون أبناءهم ، حتي لا يرث أحدهم العرش ، كان صرحا من خيال فهوي .
بئر تسع وطن ، وطن في بئر، وبئر في وطن ، سقط الوطن من حالق ، سقط في غيابات الجب ، لم يكن هناك سيارة يلتقطونه ، تعفرت لحية الوطن ، أهالوا علي وجهه الكريم من تراب نفوسهم المتصحرة ، ألقوا علي رأسه الشريف من سناخ صدورهم المهببة ، وسخوا وجه الوطن ، قيدوا الأسد الهصور من قدميه بحجر ثقيل وألقوه في الغيابة ، كان الوطن يصرخ وهو يهوي ، كان يهدر وهو يذوي ، لا مجيب في غيابات الجب ، ثقيلة هي الحجارة كانت تسد فوهة البئر .
طفح الكيل ، طفح البئر ، فار التنور ، لاعاصم اليوم ، غضب علي غضب ، الوطن غاضب ، يدمدم ، بركان غضب ، عندما يثور البركان لاتنتظر قريبا أن يهدأ ، لن تهدأ فورة الغضب ، لن يسكن الألم ، لن يتعافي الوطن ، الغضب صار وطن ، الوطن صار غاضبا ، لن يهدأ الوطن ، لن يسكن الغضب .
ليس غضب ساعة ، غضب كل ساعة ، غضب السنين ، غضب العقود ، غضب العمر ،غضب مركب ، غضب متسلسل ، تأصل في النفوس ، غضب كاسر ، كسر كل القيود ، الكل غاضب ، نفر منهم يكسر أشارة المرور غضبا ، يقطع السكك الحديدية غضبا ، يعتصم غضبا ، يقتل غضبا ، يشتم غضبا ، يسب غضبا ، يغضب من نفسه وعلي نفسه وعلي الأقربين ، علي من يحب وعلي من يكره ، غضب أعمي ، لايميز ، الغضب صار أقرب إليهم من الحلم ، الحلم بضاعة لم يعد لها سوق في شارع الغضب ، بضاعة الحلم بارت ، سوق الحلم غلقت أبوابها ، والكاظمين الغيظ ، والعافين عن الناس ، رحماء بينهم ، ثلة من الأولين ، ثلة من الآخرين ، طائفة منقرضة ، عملة ليس لها وجود في أسواق الغضب .
بورصة الغضب صارت تجتذب كل الأطياف والطوائف والفئات ، الغاضبون كثر ، الأقباط غاضبون ، الاخوان غاضبون ، السلفيون غاضبون ، الليبراليون غاضبون ، الأزهريون غاضبون ، المهندسون غاضبون ، الاطباء غاضبون ،القناوية غاضبون ، السكندرية غاضبون ، التكسجية غاضبون ، المعاشات غاضبون ، الطلاب غاضبون ، صرخات الغضب المجنونة تعوي في وطن الغضب ، لو زرعوا الوطن ببذور الغضب ماكانت نضجت كل هذه الثمار المرة ، أرض الوطن حبلي ، حمل سفاح ، شيطان الغضب الأعمي أختلي ليلا بالمحروسة فأورثها الغضب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.