غضب الشباب القبطي الذي انفجر في وجوهنا جميعا كان اقسي علينا من تلك العبوة الخسيسة التي انفجرت في كنيسة القديسين بالإسكندرية, لاتثريب علي الغاضبين إن تمسكوا بالعروة الوثقي, جادة السبيل في التعبير عن غضبهم, يسبق الحلم الغضب دوما في نفوس المؤمنين, يصمت الغضب مفسحا طريقه للحلم, والحلم سبيل العقل, أفلا تعقلون. قطعا هناك فائض غضب عام, غضب مكبوت, مايلبث أن ينفجر مخلفا جراحا عميقة في جسم الوطن, تزلزل ثوابته, وتشوه معانيه, لايتبقي بعد الغضب سوي نفوس منهكة, كسيرة, وحروف شائهة متكسرة, الغضب أعمي, لايبقي ولا يذر, الغاضبون قطيع مفلوت لا تمنعه ولا تردعه قوات أمن, تردعه كلمات طيبات تتسلل للآذان المصمتة, تفتح كوة في حائط الصد, تخرقه, ترشده إلي الطريق القويم, تدفعه إلي مراجعة النفس, إلي التوبة وخير الخطائين التوابون. مصر حبلي بغضب سفاح, هناك من اغتصبوا الحلم, احتكروه لأنفسهم, تركوا الشارع فريسة للغضب, لكتابات الغضب, لفضائيات الغضب, لمنابر الغضب, الأقباط غاضبون, والمعارضون غاضبون, والموظفون غاضبون, والعاطلون غاضبون, والعوانس غاضبات, غار ماء الرضا في بئر الوطن, مال هذا البلد صار غضبا علي غضب, ما لهذا ينفجر تحطيما وانتقاما, وما تحمله البطن المصرية غضبا مروعا نلمسه في الأعصاب الشايطة في اشارات المرور, والكتابات الناقمة علي شاشات الحاسوب, التفاعلي في الصحف صار نهرا من الغضب, غاضبون.. غاضبون.. غاضبون.. بأيكم المجنون الذي يتصدي لغاضب إذا انفجر. ما تعانيه مصر الآن فائض غضب, الغضب ملأ النهر وفاض, سيغرقنا جميعا, غضب الشباب القبطي لولا حكمة البابا وعقلاء الأقباط والتفاف المسلمين من حول الأقباط مطببين مربتين ماسحين علي الرءوس مطيبين الخواطر لتحول إلا مالا يحمد عقباه, كلنا في الغضب قبط, كلنا غاضبون, لا أحد يرضي, شاهت علامات الرضا وغارت من الوجوه, وجوه عليها غبرة, ترهقها قترة, كلمات الرضا والحمد لاتنبت علي الشفاه, ما تلفظه الأفواه الغاضبة فظيع, لا احترام لقيمة, ولا اعتبار لموهبة, ولا امتنان لصاحب فضل, إنكار, تشكيك, تقزيم, تخوين, عمالة, لايعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو فضل, صار العالم فينا بلا مقام, وصار الكبير فينا بلا احترام, وصار الموهوب فينا مطاردا, وصار الوطني خائنا, وصار المصري مهانا بين أهله وناسه. هان الوطن علينا فصرنا نبيعه كل ليلة وعلي الهواء مباشرة بالقطعة, يتعرون ويرقصون علي جثة الوطن مقابل دراهم معدودة, بئس ما يبيعون وما يشترون, ثمن بخس, هانت مصر فصاروا يقلبون ووجوههم في السماء, تحولوا عن القبلة التي كانوا إليها يتوجهون, تحسبهم جميعا وقلوبهم شتي, يلغون في دماء الوطن, نفر منهم يتجسسون علينا, نفر منهم يفجرون الكنيسة والمعبد والمسجد, نفر منهم باعوا أنفسهم للشيطان, ومن يتبع خطوات الشيطان. فائض الغضب هو مانواجهه الآن, فائض قلة القيمة, فائض عدم التحقق, فائض جلد الذات, تنويعات علي غضب, عزف علي أوتار الغضب, إنهم غاضبون بجد, بحق وحقيق, لايمثلون غضبا, بل ينفثون غضبا, حمما تحرق الأخضر واليابس, نارا تشوي الوجوه, أخشي فائض الغضب, أخشي ارتفاع موج الغضب, مرعوب من تفشي الغضب, لا أحد يرضي, لا أحد يشكر, لا أحد يحمد, الكل يشكو, مزاج الوطن متعكر, مود البلد غاضب, فائض الغضب حالة غبية تلفنا من كل جانب, عندما يتمنطق البعض بالغضب, عندما يعتمل الغضب في النفوس, تصير قنابل بشرية تمشي علي قدمين, أن رأت نارا تصب من نفوسها بنزينا, وإذا رأت حادثا تشمت فينا, تفح كرها, وإذا لمست نجاحا أهالت عليه تراب حقد وغل, وإذا شاهدت إنجازا حطمته في نفوسها ونفوس من تبعها, أهالة التراب علي كل نجاح حالة مرضية تستبد بالوطن, تعبير كاره عن غضب مستطير.. لا يفرق كثيرا عن الشرر المستطير نيران الغضب شرر لو تعلمون.