هل كان من باب الخديعة أن ترتب الإدارة الأمريكية مواعيد لنائب الرئيس الأمريكي »مايك بنس» أثناء زيارته القادمة للمنطقة مواعيد مع الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور الطيب، والبابا تواضروس رأس الكنيسة القبطية الوطنية.. وأن يتم ذلك قبل أيام من خطاب »ترامب» الذي أعلن فيه قراره المشئوم بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها؟؟ وهل كان المطلوب أن يأتي نائب الرئيس الأمريكي (وهو الأكثر صهيونية في الإدارة الأمريكية) فيكون لقاؤه بالإمام الأكبر والبابا تواضروس شهادة تصديق علي قرار الرئيس الأمريكي بأن يكون شريكا في اغتصاب القدس، ووضع المقدسات الإسلامية والمسيحية في قبضة النازيين الجدد في إسرائيل؟! لم نعد نستبعد شيئا من إدارة تربط مصيرها بمصير آخر احتلال استيطاني عنصري في العصر الحديث، وتعادي في سبيل ذلك العالم كله!! لكن المهم أن قرار الإمام الأكبر ثم قداسة البابا (أتم الله عليه نعمة الشفاء) بعدم لقاء نائب الرئيس الأمريكي قط قطع الطريق علي أي محاولة لتخفيف آثار جريمة »ترامب»، ولقن الإدارة الأمريكية درسا في أن القدس لن تكون أبدا موضع مساومة، وأن فلسطين ستبقي قضية العرب جميعا حتي يعود الحق لأصحابه.. مهما طال الزمن ومهما كانت التضحيات. تستنفر القدس كل مشاعرنا (مسلمين ومسيحيين) لكنها تبقي العنوان للقضية الأساسية وهي فلسطين. تهفو قلوبنا إلي المسجد الأقصي وكنيسة القيامة، لكنها لا تنسي أي شبر مغتصب من أرض فلسطين، يقف »ترامب» بقراره المشئوم حول القدس في خندق واحد مع الدواعش ومع المستوطنين الصهاينة، يريدونها حربا دينية تعصف بالمنطقة والعالم، بينما يتأكد يقينا كل يوم بأن حربنا هي حرب تحرير وطن ضد احتلال نازي، يرتكب - تحت راية الصهيونية - أبشع الجرائم العنصرية ضد العرب وضد الإنسانية. لم تكن معركتنا يوما ولن تكون ضد اليهودية، وإنما هي ضد صهيونية أدخلت الإرهاب إلي المنطقة. وضد احتلال استيطاني استباح أرض فلسطين العربية. وضد من دعموا هذه الجريمة المستمرة علي مدي سبعين عاما، لينتهوا الآن إلي توهم قدرتهم علي »إهداء!!» القدس العربية إلي النازيين الجدد من الصهاينة دون أن يلحقهم العار، ويلاحقهم غضب المصريين جميعا، والعرب والعالم كله الذي لن يهدأ إلا بتحرير القدس من أسرها، واستعادة فلسطين لشعبها. مصيبة السيد »ترامب» أنه يتحدث بمنطق »الصفقات».. بينما الأرض والعرض والأوطان لها منطق آخر لايعرفه.. ولن يعرفه!!