نموذج تجريبي لمواجهة أزمة كثافة الفصول استعدادًا للعام الدراسي الجديد في المنوفية    شهادة تقدير ودرع المحافظة.. أسوان تكرم الخامسة على الجمهورية في الثانوية الأزهرية    تنفيذي الشرقية يُناقش خطة استثمارية ب1.14 مليار جنيه لتحسين الخدمات بالمراكز والمدن    وزير البترول يلتقي وفدا رفيع المستوى من شركة شل العالمية    5 شركات تركية تدرس إنشاء مصانع للصناعات الهندسية والأجهزة المنزلية في مصر    انقسام بين قادة الاتحاد الأوروبي بعد إعلان ترامب عن الاتفاق التجاري الجديد    أطباء بلا حدود: حالات الإسهال المائي ترتفع مجددا في جميع أنحاء اليمن    «أكسيوس»: مسؤولان إسرائيليان يصلان واشنطن لبحث ملفي غزة وإيران    حجز محاكمة متهمين بوفاة لاعب كاراتيه بالإسكندرية لجلسة 22 سبتمبر للنطق بالحكم    أحمد حسن يكشف مفاجأة بشأن مستقبل حسين الشحات مع الأهلي    دون خسائر.. السيطرة على حريق بمحل مأكولات شهير في المنتزه بالإسكندرية    تكريم 30 طالبًا من أوائل الثانوية العامة في القاهرة بديوان عام المحافظة    انهيار لطيفة بالبكاء أثناء تقديم واجب العزاء ل فيروز في نجلها زياد الرحباني (فيديو)    فى يومه ال 11.. "برنامج اليوم" يتابع فعاليات مهرجان العلمين بدورته الثالثة    "فتح" تُثمن دعوة الرئيس السيسي ومواقف مصر الداعمة لفلسطين    هل ظهور المرأة بدون حجاب أمام رجل غريب ينقض الوضوء؟ الإفتاء تُجيب    هل وجود مستحضرات التجميل على وجه المرأة يُعد من الأعذار التي تبيح التيمم؟ الإفتاء تجيب    في اليوم العالمي لالتهاب الكبد.. الوشم والإبر يسببان العدوى (الأعراض وطرق الوقاية)    الحر الشديد خطر صامت.. كيف تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على القلب والدماغ؟    البحيرة: قافلة طبية مجانية بقرية الأمل وأرياف أبو المطامير ضمن جهود العدالة الصحية غدا    وثيقة لتجديد الخطاب الديني.. تفاصيل اجتماع السيسي مع مدبولي والأزهري    بنك مصر يوقع بروتوكول تعاون مع دوبيزل لدعم خدمات التمويل العقاري    طريقة عمل التورتة بمكونات بسيطة في البيت    اندلاع حريق فى أحد المطاعم بمنطقة المنتزه شرق الإسكندرية    مران خفيف للاعبي المصري غير المشاركين أمام الترجي.. وتأهيل واستشفاء للمجموعة الأساسية    عمار محمد يتوج بذهبية الكونغ فو فى دورة الألعاب الأفريقية للمدارس بالجزائر    توجيهات بترشيد استهلاك الكهرباء والمياه داخل المنشآت التابعة ل الأوقاف في شمال سيناء    موسكو تبدأ رحلات مباشرة إلى كوريا الشمالية وسط تراجع الخيارات أمام السياح الروس    ضعف المياه بشرق وغرب بسوهاج غدا لأعمال الاحلال والتجديد بالمحطة السطحية    قرارات هامة من الأعلى للإعلام ل 3 مواقع إخبارية بشأن مخالفة الضوابط    تجديد حبس متهم بقتل سيدة وسرقة 5700 جنيه من منزلها بالشرقية بسبب "المراهنات"    السيسي: قطاع غزة يحتاج من 600 إلى 700 شاحنة مساعدات في الإيام العادية    لمواجهة الكثافة الطلابية.. فصل تعليمي مبتكر لرياض الأطفال بالمنوفية (صور)    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم فردوس عبد الحميد بدورته ال 41    البربون ب320 جنيهًا والقاروص ب450.. أسعار الأسماك والمأكولات البحرية اليوم في مطروح    وزير الأوقاف: وثِّقوا علاقتكم بأهل الصدق فى المعاملة مع الله    حملات الدائري الإقليمي تضبط 18 سائقا متعاطيا للمخدرات و1000 مخالفة مرورية    الفنان محمد رياض يودع السودانيين فى محطة مصر قبل عودتهم للسودان    ينطلق غدا.. تفاصيل الملتقى 22 لشباب المحافظات الحدودية ضمن مشروع "أهل مصر"    ديمقراطية العصابة..انتخابات مجلس شيوخ السيسي المقاعد موزعة قبل التصويت وأحزاب المعارضة تشارك فى التمثيلية    وزير الصحة: مصر الأولى عالميا في الحصول على التصنيف الذهبي بالقضاء على فيروس سي    محافظ المنيا: إزالة 744 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة    على خلفية وقف راغب علامة.. حفظ شكوى "المهن الموسيقية" ضد 4 إعلاميين    السّم في العسل.. أمين الفتوى يحذر من "تطبيقات المواعدة" ولو بهدف الحصول على زواج    الشرطة التايلاندية: 4 قتلى في إطلاق نار عشوائي بالعاصمة بانكوك    المجلس الوزاري الأمني للحكومة الألمانية ينعقد اليوم لبحث التطورات المتعلقة بإسرائيل    الهلال الأحمر المصري يواصل دعمه لقطاع غزة رغم التحديات الإنسانية    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    شوبير يدافع عن طلب بيراميدز بتعديل موعد مباراته أمام وادي دجلة في الدوري    هل ستفشل صفقة بيع كوكا لاعب الأهلي لنادي قاسم باشا التركي بسبب 400 ألف دولار ؟ اعرف التفاصيل    متحدثة الهلال الأحمر الفلسطيني: 133 ضحية للمجاعة فى غزة بينهم 87 طفلًا    رئيس جامعة القاهرة يشهد تخريج الدفعة 97 من الطلاب الوافدين بكلية طب الأسنان    مفوض حقوق الإنسان يدعو لاتخاذ خطوات فورية لإنهاء الاحتلال من أراضى فلسطين    «تغير المناخ» بالزراعة يزف بشرى سارة بشأن موعد انكسار القبة الحرارية    طرائف الانتقالات الصيفية.. الزمالك وبيراميدز كشفا عن صفقتين بالخطأ (صور)    هدى المفتي تحسم الجدل وترد على أنباء ارتباطها ب أحمد مالك    بالأسماء.. 5 مصابين في انقلاب سيارة سرفيس بالبحيرة    الكرتي يترك معسكر بيراميدز ويعود للمغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الاخبار
تداعيات من بعيد
نشر في الأخبار يوم 14 - 06 - 2011

يقوم تقدم المجتمعات الديمقراطية علي قواعد أساسية، منها الشفافية والمصداقية وإدانة الكذب
عندما اقتربنا من المقهي الذي أعرفه، يقع علي ناصية شارعين متقاطعين، أبطأ صديقي الشاعر فرانسوا باسيلي من سرعة سيارته تمهيدا للتوقف علي مقربة، لمحت اماكن خالية تتسع للعربة، اقترب غير أنه قال: لا يمكن توجد حنفية مطافيء. لمحت ماسورة اسطوانية واضحة تبرز من الارض، تنتهي بدرجات القلاووظ واضحة، محددة، جاهزة لتركيب الخرطوم المتصل بعربة الاطفاء التي تفسح لها الشوارع وتعطي أولوية مطلقة في المرور كذلك عربات الاسعاف، لاحظت وجود حنفيات الحريق علي مسافات متقاربة، معني ذلك ان الانتظار غير مسموح، اخيرا وجدنا مسافة، بعد توقف العربة اتجه فرانسوا الي عمود نور حوله لافتة، عاد ليقول انها لا تحوي تعليمات تمنع من الانتظار، اذن.. يمكننا التوقف والمشي الي المقهي، احترام التعليمات هنا شبه مقدس، راسخ، لا يمكن الالتفاف عليه أو تجاوزه، واذا جري ذلك يظهر البوليس علي الفور ويكون عقاب القانون ايا كان المخالف، للشرطة هنا هيبة قوية، لاحظت احجام افرادها الضخمة سواء كانوا رجال أو نساء، ونوعية التسليح، حول خصر كل منهم حزام يتدلي منه مسدس سريع الطلقات، وعصا كهربائية، وانبوبة تحوي سائلا يشل المهاجم، وقيود حديدية، ترسانة متحركة، واضح المستوي المادي الجيد الذي يكفله راتب يفي باحتياجات الفرد، كل ما أراه في الخارج احيله الي المقارنة بما نحن عليه، اتذكر وضع الشرطة حتي الثمانينيات، كانت الشرطة شرطة، تعمل من أجل الأمن بأنواعه، ولكن عندما بدأت تتحمل أعباء النظام وينفذ إليها المغامرون المتطلعون الي لعب ادوار سياسية وجري هذا علي نطاق واسع في حقبة حبيب العادلي، وكانت الذروة انهيار الشرطة وفقا لتخطيط مسبق وهذا لم يكشف اسراره بعد، لابد من تحقيق واسع في الظروف التي ادت الي انهيار احد الاعمدة الاساسية للدولة، تلك هي الجريمة الهائلة ضد الشعب المصري وأمنه، ارتكبها القادة الاراعن للحزب الوطني الذين كانوا ينفذون مشروع التوريث والوصول في حالة فشله الي الحد الذي يتم فيه تدمير الدولة، أتأمل شرطة نيويورك بردائها الازرق وحضورها القوي، كانت شرطتنا اكثر هيبة، الشرطة المصرية اعرق جهاز في العالم، وصور رجالها الذين ضبطوا النظام منذ آلاف السنين علي جدران المعابد، كان جندي البوليس يتجول ليلا حاملا عصا قصيرة حتي اذا لمح من يستريب فيه يطلق صيحته »مين هناك« عندئذ يفر المجرم المدجج بالسلاح، لا يفر من الجندي الفرد الذي اطلق الصيحة، بل من النظام المتكامل الكامن خلفه، من حضور الدولة والقانون وهذا ما غاب خلال السنوات الماضية عندما انشغل اهل الحكم بتأمين أنفسهم ومن يمتون اليهم أولا وكان ذلك مقدمة لانهيار النظام، أعود الي رفقة فرانسوا باسيلي وصحبته وهموم مصر التي ترافقنا في الغربة.
باسيلي
فرانسوا باسيلي شاعر مصري درس الهندسة في جامعة القاهرة، ابن لشخصية قبطية مرموقة، القس باسيلي الذي كان عضوا في مجلس الشعب عن دائرة شبرا منذ الستينيات، وتوفي منذ عامين، هاجر فرانسوا الي الولايات المتحدة منذ حوالي اربعين عاما، لكنه يبدو لمن يلتقي به كأنه وصل منذ يومين من الكنانة، متابع دقيق لما يجري وله عبر الانترنت تعليقات شديدة الحيوية، سألته عن الوضع قبل الانترنت والفيس بوك فقال لي: انقطاع كامل، كان الخطاب يستغرق حوالي شهر والهاتف يحتاج الي ساعات طويلة من الانتظار، الان.. الوضع اختلف تماما بسبب الوسائط الحديثة، يسكن في نيوجرسي، ويعقد في بيته صالونا ثقافيا كل شهر يحضره نخبة من المثقفين العرب في المهجر، وقد استمعت فيه الي صوت عذب وعازف متمكن علي العود، الفنان عادل مليكة وهو مؤدي جيد لاغاني محمد عبدالوهاب مثل صديقنا محمد الخولي الذي لم يخرج صوته الي الناس وهو جميل بكل المقاييس سواء عند تلاوة القرآن أو الغناء. مع اتساع معدلات الهجرة من مصر والاقطار العربية، يتزايد الانتاج الادبي والفني، وبعكس بدايات القرن الماضي الذي كان المبدعون ينتجون مؤلفاتهم بالانجليزية ولعل جبران اوضح واقوي مثال، وهو مقروء في الغرب مثل كبار الادباء الكلاسيكيين، كان يكتب بالانجليزية، الآن كثيرون يكتبون باللغة العربية وينشرون في مصر ومنهم اسماء اصبح لها حضور، ثمة أدب مهجر جديد باللغة العربية لعلنا نلتفت إليه.
علي المقهي الايطالي تحدثنا عن حادثتي الاغتصاب الشهيرتين، الاولي للفرنسي نائب رئيس البنك الدولي والتي حاول فيها اغتصاب خادمة افريقية اصولها من غانا، مسلمة، والثانية لمسئول بنكي مصري تجاوز الخامسة والسبعين، والضحية زنجية أيضا.
القانون هنا صارم فيما يتعلق بالتجاوز مع الاخرين، بدءا من لمس المتحدث اليه بالاصبع أثناء الحديث،، هذا يعتبر اعتداء علي الاخر وله عقاب، واذا جري اعتداء باللفظ، أو مطاردة غزلية بالالفاظ فهذا يعد اختراقا للقانون وله عقاب، وعند التواجد في الاماكن العامة لابد من وجود مسافة لا تقل عن ذراع بين الشخص والاخر، اي محاولة للاعتداء علي حرية الاخرين بالعنف الجسدي أو اللفظي يعاقب عليه القانون، تلك منظومة من العلاقات استقرت في سلوك الناس هنا، مثل ادانة الكذب »جريمة كلينتون انه كذب ولكن الفعل كان برضاء الطرف الاخر«، كذلك التهرب من الضرائب، تلك جرائم تسقط الشرف وتفقد الانسان هيبته ومكانته، مجموعة صارمة من القواعد الاخلاقية منها الشفافية الكاملة في ثروة الرئيس وكبار المسئولين وحزم في تلقي الهدايا اثناء تولي المنصب بحيث لا تزيد عن خمسين دولارا، الاكثر من ذلك الي خزينة الدولة رأسا وهذا بعكس الوضع في مصر حيث نفتقد للشفافية علي كل المستويات.
الاثنين:
في كل المتاحف التي أزورها ابرز البطاقة الصحفية الدولية، بمجرد ان يلمحها الموظف المسئول يشير بيده »تفضل«، لا يفتح البطاقة ولا يتأكد من مطابقة الصورة لحاملها، الأصل في هذا تجسد القوانين في المعاملات اليومية للبشر، واحترامها، وعدم التجاوز، من ناحيتي استخدم حقا كفلته النظم المعمول بها هنا، لذلك احرص علي حمل بطاقة تاريخها صالح وجميع معالمها، المفترض انه توجد ثقة، تبدأ المشكلة اذا كان ثمة تجاوز، مثل ان تكون البطاقة غير صحيحة وبالتالي يكون هناك واقعة كذب والمفترض ان الكذب هنا جريمة كبري تطارد صاحبها طوال حياته، هذا أحد أهم اسرار المجتمع، الوضوح والصدق وترسيخ القيم من أهم الأسس التي يقوم عليها المجتمع، ولم نكن بعيدين عن ذلك من قبل، في النصف الأول من القرن الماضي وحتي بداية السبعينيات، غير ان الفرق بين المجتمع المصري والمجتمعات الغربية هو تأثير الفرد في مصر علي بنية نظام الحكم والمجتمع، هذا موضوع يجب أن يراعي عند وضع الدستور الجديد وليس له حل إلا تحديد وتقليص صلاحيات الرئيس المنتخب الي اقل حد ممكن، ان خبرة مصر في صناعة الطغاة مثالية ولا نظير لها، وانسب وضع لمثل ظروف مصر وطبيعة النظام المركزية ان يكون الوضع الرئاسي برلمانيا، وان يكون الدستور واضحا، وان يضمن الجيش عدم تغيير أو تعديل الدستور علي هوي الحاكم، يجب ان ينص علي ذلك صراحة، اضافة الي تحديد صارم للمدة بحيث نضمن التجدد وهذا يؤدي الي الحيوية في البنية كلها، يحتفل الرئيس اوباما بعيد ميلاده الخمسين قريبا اما انه تولي قيادة القوة الاعظم في العالم وهو اقل من نصف قرن عمرا، في ذروة وهج الشباب، اتمني ان يقود مصر من هم في هذا العمر، مطلوب النزول بسن الرئاسة ليس من باب اضطهاد المتقدمين في العمر ولكن لتجديد الدولة التي تكلست واصبح متوسط المناصب العليا يدور حول الثمانين، ومن عجائب الوزارة الأخيرة التي جاء رئيسها من ميدان التحرير انها في معظمها تضم اعمارا تجاوزت الثمانين، ما جري في مصر سواء بالنسبة لما ترتب علي البقاء الطويل في السلطة، أو اندلاع الثورة التي قامت علي مجهودات الشباب الذي نجح فيما لم تنجح فيه كافة القوي المعارضة خلال العشر سنوات الاخيرة وهو التحام القيادة بالاغلبية العظمي للشعب، كان من المنتظر ان تكون النتائج متسقة مع مسار الثورة وتكوينها، ولكن ما جري نقيض ذلك لعدم وجود اطار يوازي دور حزب الوفد في قيادة ثورة 9191 أو قيادة تماثل دور ومكانة سعد زغلول، ان الاحوال المستمرة في انتقالها من سييء الي اسوأ يجب ألا تدفعنا الي اليأس، في المقابل توجد رغبة المصريين في الحياة، وعوامل الاستمرار المناقضة لاسباب التفكك، المهم الاقتداء بالتجارب الديمقراطية الكبري في العالم وتطبيق اعظم ما فيها، المصداقية والشفافية.
الكذب.. ثم الكذب
بين التسجيلات النادرة التي أهداها لي صديقي الفنان احمد جمال الدين، تسجيلات نادرة لحفلات أم كلثوم، وغناء كوكب الشرق أمام الجمهور مغاير تماما للاداء في غرف التسجيلات، انه الفرق بين الزهور المتفتحة، المنطلقة مع الطبيعة، والزهور المجمدة، في الغناء الحي تتحول أم كلثوم الي حالة لعلها الاكثر فرادة وثراء في الغناء، اتوقف أمام حفل اقيم في عام سبعة واربعين ويبدو انه كان قريبا من احد اعيادنا، شدت فيه بأغنية »يا ليلة العيد انستينا«، المطلع رائع والاداء غير متشابه مع جميع تسجيلات الاغنية التي اصغيت إليها، فجأة يعلن المذيع بصوت متهدج
»شرف الحفل حضرة صاحب الجلالة..«
ثم يسكت بينما يتواصل الغناء، انني اولي اهتماما اثناء سماع الاغاني القديمة للاصوات المجهولة التي تردد اسماء العازفين للتعريف بهم »الله.. الله يا سامي افندي« المقصود طبعا سامي الشوا اشهر عازف كمان في القرن العشرين بالعالم العربي وليس في مصر فقط، ايضا تعليقات الجمهور في قاعات الاحتفالات الحية، وبقدر ما أهيم باداء ام كلثوم لأغنية »هلت ليالي القمر« بقدر ما اتوقف عند تعليق أحد افراد الجمهور، يقول بصوت فيه النشوة »كده برضه كده..« أي يعاتبها علي شدة ما اثارته من مشاعر ومتعة، يستوقفني الصوت المجهول، من هو؟ من صاحبه؟ هل مازال يسعي؟
أعود إلي »ليلة العيد« بعد دقائق من الاعلان عن وصول جلالة الملك، يبدأ الهتاف:
»يعيش جلالة الملك فاروق الأول
يعيش جلالة الملك المفدي
يعيش جلالة الفاروق حبيب الشعب..«
ينتهي ويتواصل التصفيق وتستأنف أم كلثوم، الهتاف ظاهرة عربية ماتزال باقية، فنحن لا نسمع عن أحد أعضاء البرلمان الفرنسي يقف هاتفا بحياة الرئيس ساركوزي، أو أحد أعضاء الكونجرس، حتي من حزب الرئيس، الهتاف عندنا أحد صور ممارسة الكذب العلني، الكل يكذب، المسئول الأعلي يكذب في كلماته أو تلويحاته أو وعوده، ومن يتولي الهتاف يكذب ومن يردد وراءه يكذب، والمجالس المنتخبة أو المعينة كاذبة لانها لم تنتج عن عملية اختيار حقيقية، الغريب أن من يصغي الي الهتاف يصدق، ولا ينتبه الحاكم الذي يعقبه الي الهتافات التي ترددت من قبل حتي مع اختلاف الصيغ، وتستمر حالة الكذب.
رد
وصلني من السيد اللواء مروان مصطفي مدير الادارة العامة للاعلام والعلاقات الرد التالي حولي ما أثرته عن سوق الفسطاط .
سبق أن نشرت صحيفة »الأخبار« بعددها الصادر بتاريخ 4 مايو الماضي مقالاً تناولتم خلاله الوضع الحالي لمنطقة الفسطاط وماري جرجس بالقاهرة وذلك تقديراً منكم وحرصاً علي تلك المنطقة السياحية والتي تعد مزاراً عالمياً.
نود أن نؤكد لسيادتكم حرص الاجهزة الأمنية والمعنية علي تأمين تلك المنطقة السياحية بما يناسب أهميتها، ودون اي مضايقات للسائحين.. وان الحاجز الحديدي الذي أشرتم اليه في مقالكم هو حاجز متحرك وغير ثابت لمرور الحافلات السياحية وإنزال السائحين بمداخل المجمع والعودة مرة أخري خارج المجمع الي الجراج السياحي والمؤمن بخدمات أمنية مكثفة بحثية ونظامية.
كما نود ان نحيطكم ان سوق الفسطاط يقع خارج مجمع الكنائس ولا علاقة له بالحاجز المتحرك ويقوم السائحون عقب إنتهاء جولاتهم داخل المجمع بالتوجه لسوق الفسطاط دون أي عائق.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام
لواء/ مروان مصطفي
مدير الإدارة العامة للإعلام والعلاقات
من ديوان الشعر العربي
قال المتنبي:
خيل
وَيَوْمٍ كَلَيْل العاشِقِين كَمَنتّه
أراقب فيهِ الشمس أيَان تَغْرُبُ
وعيني إلي أذنيْ أغَرَّ كأنَّهُ
مِن اللَّيلِ باقٍ بين عينيه كوكبُ
له فَضْلَةُ عَنْ جِسْمِهِ في إهَابِه
تجيء علي صَدْر رحيب وتُذهَبُ
شَقَقَتُ به الظلماءَ أدْنيِ عِنَانَهُ
فيطغي وأرخيه مرارا فيلعبُ
وأصرع أيَّ الوحش قَفَّيته به
وأنزل عَنْهُ مثلهُ حين أركب
وما الخيلُ إلا كالصديقِ قليلة
وإن كَثُرتْ في عيَنْ من لا يُجِّربُ
مسلمة، والثانية لمسئول بنكي مصري تجاوز الخامسة والسبعين، والضحية زنجية أيضا.
القانون هنا صارم فيما يتعلق بالتجاوز مع الاخرين، بدءا من لمس المتحدث اليه بالاصبع أثناء الحديث،، هذا يعتبر اعتداء علي الاخر وله عقاب، واذا جري اعتداء باللفظ، أو مطاردة غزلية بالالفاظ فهذا يعد اختراقا للقانون وله عقاب، وعند التواجد في الاماكن العامة لابد من وجود مسافة لا تقل عن ذراع بين الشخص والاخر، اي محاولة للاعتداء علي حرية الاخرين بالعنف الجسدي أو اللفظي يعاقب عليه القانون، تلك منظومة من العلاقات استقرت في سلوك الناس هنا، مثل ادانة الكذب »جريمة كلينتون انه كذب ولكن الفعل كان برضاء الطرف الاخر«، كذلك التهرب من الضرائب، تلك جرائم تسقط الشرف وتفقد الانسان هيبته ومكانته، مجموعة صارمة من القواعد الاخلاقية منها الشفافية الكاملة في ثروة الرئيس وكبار المسئولين وحزم في تلقي الهدايا اثناء تولي المنصب بحيث لا تزيد عن خمسين دولارا، الاكثر من ذلك الي خزينة الدولة رأسا وهذا بعكس الوضع في مصر حيث نفتقد للشفافية علي كل المستويات.
الاثنين:
في كل المتاحف التي أزورها ابرز البطاقة الصحفية الدولية، بمجرد ان يلمحها الموظف المسئول يشير بيده »تفضل«، لا يفتح البطاقة ولا يتأكد من مطابقة الصورة لحاملها، الأصل في هذا تجسد القوانين في المعاملات اليومية للبشر، واحترامها، وعدم التجاوز، من ناحيتي استخدم حقا كفلته النظم المعمول بها هنا، لذلك احرص علي حمل بطاقة تاريخها صالح وجميع معالمها، المفترض انه توجد ثقة، تبدأ المشكلة اذا كان ثمة تجاوز، مثل ان تكون البطاقة غير صحيحة وبالتالي يكون هناك واقعة كذب والمفترض ان الكذب هنا جريمة كبري تطارد صاحبها طوال حياته، هذا أحد أهم اسرار المجتمع، الوضوح والصدق وترسيخ القيم من أهم الأسس التي يقوم عليها المجتمع، ولم نكن بعيدين عن ذلك من قبل، في النصف الأول من القرن الماضي وحتي بداية السبعينيات، غير ان الفرق بين المجتمع المصري والمجتمعات الغربية هو تأثير الفرد في مصر علي بنية نظام الحكم والمجتمع، هذا موضوع يجب أن يراعي عند وضع الدستور الجديد وليس له حل إلا تحديد وتقليص صلاحيات الرئيس المنتخب الي اقل حد ممكن، ان خبرة مصر في صناعة الطغاة مثالية ولا نظير لها، وانسب وضع لمثل ظروف مصر وطبيعة النظام المركزية ان يكون الوضع الرئاسي برلمانيا، وان يكون الدستور واضحا، وان يضمن الجيش عدم تغيير أو تعديل الدستور علي هوي الحاكم، يجب ان ينص علي ذلك صراحة، اضافة الي تحديد صارم للمدة بحيث نضمن التجدد وهذا يؤدي الي الحيوية في البنية كلها، يحتفل الرئيس اوباما بعيد ميلاده الخمسين قريبا اما انه تولي قيادة القوة الاعظم في العالم وهو اقل من نصف قرن عمرا، في ذروة وهج الشباب، اتمني ان يقود مصر من هم في هذا العمر، مطلوب النزول بسن الرئاسة ليس من باب اضطهاد المتقدمين في العمر ولكن لتجديد الدولة التي تكلست واصبح متوسط المناصب العليا يدور حول الثمانين، ومن عجائب الوزارة الأخيرة التي جاء رئيسها من ميدان التحرير انها في معظمها تضم اعمارا تجاوزت الثمانين، ما جري في مصر سواء بالنسبة لما ترتب علي البقاء الطويل في السلطة، أو اندلاع الثورة التي قامت علي مجهودات الشباب الذي نجح فيما لم تنجح فيه كافة القوي المعارضة خلال العشر سنوات الاخيرة وهو التحام القيادة بالاغلبية العظمي للشعب، كان من المنتظر ان تكون النتائج متسقة مع مسار الثورة وتكوينها، ولكن ما جري نقيض ذلك لعدم وجود اطار يوازي دور حزب الوفد في قيادة ثورة 9191 أو قيادة تماثل دور ومكانة سعد زغلول، ان الاحوال المستمرة في انتقالها من سييء الي اسوأ يجب ألا تدفعنا الي اليأس، في المقابل توجد رغبة المصريين في الحياة، وعوامل الاستمرار المناقضة لاسباب التفكك، المهم الاقتداء بالتجارب الديمقراطية الكبري في العالم وتطبيق اعظم ما فيها، المصداقية والشفافية.
الكذب.. ثم الكذب
بين التسجيلات النادرة التي أهداها لي صديقي الفنان احمد جمال الدين، تسجيلات نادرة لحفلات أم كلثوم، وغناء كوكب الشرق أمام الجمهور مغاير تماما للاداء في غرف التسجيلات، انه الفرق بين الزهور المتفتحة، المنطلقة مع الطبيعة، والزهور المجمدة، في الغناء الحي تتحول أم كلثوم الي حالة لعلها الاكثر فرادة وثراء في الغناء، اتوقف أمام حفل اقيم في عام سبعة واربعين ويبدو انه كان قريبا من احد اعيادنا، شدت فيه بأغنية »يا ليلة العيد انستينا«، المطلع رائع والاداء غير متشابه مع جميع تسجيلات الاغنية التي اصغيت إليها، فجأة يعلن المذيع بصوت متهدج
»شرف الحفل حضرة صاحب الجلالة..«
ثم يسكت بينما يتواصل الغناء، انني اولي اهتماما اثناء سماع الاغاني القديمة للاصوات المجهولة التي تردد اسماء العازفين للتعريف بهم »الله.. الله يا سامي افندي« المقصود طبعا سامي الشوا اشهر عازف كمان في القرن العشرين بالعالم العربي وليس في مصر فقط، ايضا تعليقات الجمهور في قاعات الاحتفالات الحية، وبقدر ما أهيم باداء ام كلثوم لأغنية »هلت ليالي القمر« بقدر ما اتوقف عند تعليق أحد افراد الجمهور، يقول بصوت فيه النشوة »كده برضه كده..« أي يعاتبها علي شدة ما اثارته من مشاعر ومتعة، يستوقفني الصوت المجهول، من هو؟ من صاحبه؟ هل مازال يسعي؟
أعود إلي »ليلة العيد« بعد دقائق من الاعلان عن وصول جلالة الملك، يبدأ الهتاف:
»يعيش جلالة الملك فاروق الأول
يعيش جلالة الملك المفدي
يعيش جلالة الفاروق حبيب الشعب..«
ينتهي ويتواصل التصفيق وتستأنف أم كلثوم، الهتاف ظاهرة عربية ماتزال باقية، فنحن لا نسمع عن أحد أعضاء البرلمان الفرنسي يقف هاتفا بحياة الرئيس ساركوزي، أو أحد أعضاء الكونجرس، حتي من حزب الرئيس، الهتاف عندنا أحد صور ممارسة الكذب العلني، الكل يكذب، المسئول الأعلي يكذب في كلماته أو تلويحاته أو وعوده، ومن يتولي الهتاف يكذب ومن يردد وراءه يكذب، والمجالس المنتخبة أو المعينة كاذبة لانها لم تنتج عن عملية اختيار حقيقية، الغريب أن من يصغي الي الهتاف يصدق، ولا ينتبه الحاكم الذي يعقبه الي الهتافات التي ترددت من قبل حتي مع اختلاف الصيغ، وتستمر حالة الكذب.
رد
وصلني من السيد اللواء مروان مصطفي مدير الادارة العامة للاعلام والعلاقات الرد التالي حولي ما أثرته عن سوق الفسطاط .
سبق أن نشرت صحيفة »الأخبار« بعددها الصادر بتاريخ 4 مايو الماضي مقالاً تناولتم خلاله الوضع الحالي لمنطقة الفسطاط وماري جرجس بالقاهرة وذلك تقديراً منكم وحرصاً علي تلك المنطقة السياحية والتي تعد مزاراً عالمياً.
نود أن نؤكد لسيادتكم حرص الاجهزة الأمنية والمعنية علي تأمين تلك المنطقة السياحية بما يناسب أهميتها، ودون اي مضايقات للسائحين.. وان الحاجز الحديدي الذي أشرتم اليه في مقالكم هو حاجز متحرك وغير ثابت لمرور الحافلات السياحية وإنزال السائحين بمداخل المجمع والعودة مرة أخري خارج المجمع الي الجراج السياحي والمؤمن بخدمات أمنية مكثفة بحثية ونظامية.
كما نود ان نحيطكم ان سوق الفسطاط يقع خارج مجمع الكنائس ولا علاقة له بالحاجز المتحرك ويقوم السائحون عقب إنتهاء جولاتهم داخل المجمع بالتوجه لسوق الفسطاط دون أي عائق.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام
لواء/ مروان مصطفي
مدير الإدارة العامة للإعلام والعلاقات
من ديوان الشعر العربي
قال المتنبي:
خيل
وَيَوْمٍ كَلَيْل العاشِقِين كَمَنتّه
أراقب فيهِ الشمس أيَان تَغْرُبُ
وعيني إلي أذنيْ أغَرَّ كأنَّهُ
مِن اللَّيلِ باقٍ بين عينيه كوكبُ
له فَضْلَةُ عَنْ جِسْمِهِ في إهَابِه
تجيء علي صَدْر رحيب وتُذهَبُ
شَقَقَتُ به الظلماءَ أدْنيِ عِنَانَهُ
فيطغي وأرخيه مرارا فيلعبُ
وأصرع أيَّ الوحش قَفَّيته به
وأنزل عَنْهُ مثلهُ حين أركب
وما الخيلُ إلا كالصديقِ قليلة
وإن كَثُرتْ في عيَنْ من لا يُجِّربُ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.