الكتابة هي حالة عشق يمارسها الكاتب بشغف ولكن معاناة تسبق الولادة هذا البلد يتحرك رغم ظروف شديدة تعوقه. اعداؤه في الداخل والخارج يتمنون كسر شوكته، بيد أن مصر عصية علي الانكسار. هذا البلد يحارب قتلة لا يعرفون الله ويستوي عندهم في القتل »المصلين، الساجدين لله» في مسجد أو كنيسة. هذا البلد لايتوقف عن البناء رغم ما يحيط به. ففي جينات المصريين، جين البقاء والمقاومة. هذا البلد فيه رئيس لاينام سوي ساعات تعد علي اصابع اليد الواحدة وربما أقل. عندنا حكومة تبذل أقصي جهد لارضاء شعب شكاء بكاء ولعله علي حق. فعندما اضطرت الحكومة لتعويم الجنيه. رفعت »أم محاسن» بائعة الجرجير ثمن »الربطة». عندنا وزراء يتراوحون بين العمل صمتا وبين الظهور اعلاما. عندنا مشاريع كبري عائدها غدا وليس اليوم وان زنجر البعض انها تتكلف مليارات وهم ليسوا بخير واولادهم يهربون علي ظهر مراكب شراعية ويموتون علي سواحل الدول. عندنا اعلام »خاص» يتراوح اداؤه بين الصراخ والبرود الفاتر والهدوء الزائف وعندنا »ماسبيرو» الرابض علي النيل. صامت كما صمت أبوالهول. ولا أعرف كيف تفكر فيه القيادة السياسية التي أثق في رشدها. ولست أول من يكتب عن ماسبيرو، فلو جمعنا كل ما كتب عن ماسبيرو منذ لحظة انكساره حتي الآن لأصدرنا مجلدا ضخما من عدة فصول، لكني اختلف عن كثيرين ممن كتبوا عن ماسبيرو. فأنا »لحم أكتافي» من ماسبيرو وتربيت فيه وصادفت وزراء روادا. منهم عبدالقادر حاتم وهويدي ومحمد فائق وكمال ابوالمجد وجمال العطيفي وأحمد أنيس وأنس الفقي ودرية شرف الدين والمايسترو الذي ألحقنا بنادي الفضاء وانشأ مدينة الاعلام هوليوود الشرق التي يرأسها الآن وزير الاعلام السابق اسامة هيكل وقاد سفينة الاعلام في عز تألق ماسبيرو وازدهار قنواته واعلاناته حتي آل إلي هذا الحال رغم انه فتح الباب للقنوات الخاصة وبعد الثورة أصاب ماسبيرو كل امراض الدنيا: الجدب والفقر. ورغم كل ما يكتب عن ماسبيرو فلم اقرأ او اسمع شيئا عن »نية» الدولة تجاه ماسبيرو، فهو يبدو وحيدا لقيطا حزينا رغم حماس شبابه للعمل، لا اعرف ما »تضمره» الدولة لماسبيرو صاحب الامجاد والتاريخ. لو كانت النية تتجه إلي البناء كان ذلك تم في سنوات الرئيس السيسي فإن لم تكن النية كذلك. فالأولي ان تعدموه وتستريحوا، الا اذا كانت النية ان يموت ماسبيرو بالشيخوخة المتأخرة. فالأموال والخبرات والتكنولوجيا الحديثة من نصيب القنوات الخاصة التي وجدت فيها الدولة »اعلاما بديلا». هل تري الدولة ان اعلام ماسبيرو متخلف مع ان معظم نجوم فضائياتها هم من مدرسة ماسبيرو. ان احدي القنوات الخاصة نجحت ان تكون الراعية حصريا لمهرجان القاهرة السينمائي الذي انهي وقائعه منذ ساعات. وكان ماسبيرو »اللقيط» يتفرج ويكتفي بالدموع وبالشكوي المكتومة في الصدور. ان عشرات الاقتراحات قدمت للاخذ بيد ماسبيرو ولكنها تتبخر بعد قليل ولا احد يعلم ما مصير ماسبيرو شأنه شأن امور مؤجلة تموت اكلينيكيا بمرور الوقت. هل يستعيد ماسبيرو نجومه؟ الاجابة: لا. كيف تصف الذين يعملون ولاينتظرون؟ أصفهم بالفدائيين، هل لماسبيرو مستقبل؟ الاجابة: يعلمها الله. ما وجهة نظر الرئيس الذي يتكلم إلي شعبه في خطاباته الرسمية من ماسبيرو؟ لماذا لاتسأله بنفسك في منتدي الشباب وهو رجل له أذنان يسمع بهما نبض أمة؟ مشروع مقال! من المهم أن يعرف القارئ حجم المعاناة التي تسبق الكتابة وتكون المهنية هي الحاكمة. فبعض القراء يتصورون ان الكتابة هل ملء مساحة ما بالكلام. لهذا وجب التفرقة بين كاتب تعتصره اهداف كبيرة وكاتب »يؤدي واجبا». فالكتابة هي حالة عشق يمارسها الكاتب بشغف ولكن معاناة تسبق الولادة. كان هيكل يكتب في الاهرام في سكون شديد توفره نوال المحلاوي مديرة مكتبه. لا زوار ولا تليفونات. وكان أحمد بهاء الدين ينشط ذهنه بحوارات جانبيه مع كتاب اصدقاء ولكنه اذا دخل مكتبه يتحرك ذهابا وايابا بحثا عن الفكرة، فاذا عثر عليها افرغها فوق الورق دون توقف. وكان موسي صبري يحتسي عددا من فناجين القهوة ويدخن ويطارد فكرة يحاصرها بقلمه. كان احسان عبدالقدوس يختار الليل لكتابة قصصه ومقالاته. وعرفت ان الاستاذ التابعي لايكتب إلا بعد ارتداء ملابسه كاملة واختيار العطر وكأنه ذاهب لموعد غرامي. اما أنيس منصور فساعات الفجر هي وقت العلاقة بينه وبين الكتابة. ولست اقارن نفسي بمن سبقوني في التجربة ولكن ليس لي طقوس في الكتابة سوي ان تصدح فيروز في الخلفية. واكتب بقلم جاف وليس باقلام غالية الثمن واكتب علي ورق ابيض ساعة العصاري بعد ساعات نوم القيلولة. صوت فيروز يعبق غرفة مكتبي بعطر خاص لا اسم له ولكنه يأخذني بعيدا ويحلق ثم يهبط بي فكرت ان اكتب عما يتداوله البعض عن المليارات التي تتكلفها المشروعات العملاقة وغالبية المصريين يعانون بعد تعويم الجنيه. اكتشفت اني أواجه »النظرة الضيقة» للاشياء.. فالناس غير مؤهلين لفهم ان رئيسا جاء مصر يعطي أهمية لعلم المستقبليات وانه بعد قليل يعيش اولادنا واحفادنا أفضل منا. فكرت ان اكتب عن ضرورة »النفس الطويل» اثناء الحرب الشرسة مع القتلة خصوصا شرطة مصر. واظن اني لست بحاجة للتأكيد علي ذلك والبلد كله في حالة استنفار. فكرت ان اكتب عن مرض شريف اسماعيل واهمية »محطة الراحة» لتفكير أفضل وليس للارهاق العصبي أي عائد سوي الندم. في الصين يقولون »الوزير عند البحيرة» كناية عن انه ابتعد عن مكتبه وصافح الطبيعة فكرت أن اكتب عن معاناة طارق شوقي وزير التعليم مع عقول داخل وزارته ترفض التطوير وتقف ضد التغيير وقلت ان طارق شوقي مناضل في سبيل تعليم تنويري. فكرت في الكتابة عن اموال الدعاية المهولة في سياق انتخابات الاندية الرياضية. ووجدت أني سأدخل عش دبابير، فحجم الاموال اكبر مما أتصور. فكرة التصدي للتكدس المروري في العاصمة ووجدت ان الامر يحتاج إلي استيراد شوارع اكبر، وهذا هذيان، فكرت ان اكتب عن شادية ولكن الذكريات عصفت بي وزرعت في قلبي حزنا جعلتني استأذن في الصمت. ان رحيلها هو رحيل رمز مصري اعطي حتي الرمق الأخير. رحلت البهجة غناء وتمثيلا وحضورا. رومانسيات ياسيدتي: لا أحد يعرف عمرك سواك. أنقصت عشر سنوات بضياء يملأ وجهك وحمرة خجل عذراء. كذبت علينا ولكننا نصدقك. عيناك تلمعان ببريق من تنتظر فارسها. قرأنا الشوق في شفتيك للقادم بعد غياب، تهدج صوتك عبر الموبايل يكذب عمرك الحقيقي. كيف تخلصت من اللحم والشحم فصار ميزانك يرقص طربا. ماذا تأكلين أم تراك اضربت عن الطعام من أجل قوام يتسابق إليه مصممو الازياء. هل تمارسين رياضة شاقة ليجري الدم في عروقك ويمنح بشرتك هذا اللون النادر. هل تشربين الماء بكثرة وكأنه نبيذ مقطر. فصارت خطواتك خطوات انثي واثقة من نفسها. هل نفضت الهموم عن نفسك وادمنت الضحك من القلب. قولي لي ما السر، فنصف نساء الارض يبحثن عن عقار يعيدهن سنوات إلي الوراء. تفضل المرأة أن تبقي طويلا في محطة الشباب والانوثة، فاذا مر قطار العمر قالت انها لاتحمل تذكرة سفر. يغادر القطار وتبقين تنطين الحبل وتلعبين الحجلة وترتدين مقاس 12 بسعادة. يحب الرجال- ياسيدتي- امرأة تحمل في ثناياها عدة نساء يبدو بينهن شهريار فلايحزن ولايحمل هماً اكتمي عدد سنين عمرك، فنحن لانبالي بها. مايهمنا هو تلك الحيوية المتدفقة في صوتك المثقف وذوقك المرهف. يحب الرجال سيدتي المرأة العاقلة ويهيمون بها عندما يكتشفون جنونها المختبئ في صدرها. نعم، انه صادر عن ذكاء لاتخبو شعلته. يفضل الرجال سيدتي المرأة الذكية علي المرأة الجميلة بلاروح. ان في الذكاء جمالا من نوع خاص. ان المرأة الذكية تريدك دائما منتظرا، تواقا، مشتاقا! صح. غلط! ربط التعليم الصناعي باحتياجات البلد. صح سخرية مدرس من موهبة تلميذ. غلط عدم توقير الكبار كمنهج لبعض الشباب. غلط لوثة الفرح تماما مساوية لوثة الحزن. غلط العتاب محطة قبل الصدام مع صديق. صح الصحافة الورقية باقية بقاء الراديو. صح غربلة التراثيات بعقول ناضجة. صح ترديد كلمات الكفر والتكفير أمام الأطفال. غلط الحوار مع قاتل بتحضر مزيف ومضروب. غلط الغلاء يكوي الفقراء وطال حتي الأغنياء. صح الانحناء الطويل علي الفيسبوك يضرب العمود الفقري. صح عدم وجود خطة للاقتراض أذي للغد. غلط ما أحوجنا إلي كرباج الكاتب أحمد رجب. صح ظهور شخصيات بالترتيب علي القنوات. غلط اختزال عبقرية سعاد حسني في حكايتها مع العندليب. غلط أجزم بأن لدي الناس جوعا إلي الفكر. صح مهرجان القاهرة السينمائي صار لقيطا. صح يتحمل أحمد زويل جزءا من عدم انصافه. صح بعض احكام القضاء المهمة تنتظر القضاء والقدر. صح التحلية بالفاكهة عقب الغداء مباشرة طبيا. غلط المحجوب محافظ اسكندرية زمان حرم الكلاكسات. صح المقلدات لريهام سعيد لاينجحن بالضرورة. صح المصالحة الفلسطينية بدور مصر جننت بؤر الارهاب. صح سمير صبري أفضل مقدم للمنوعات في مصر. صح كان للقطن عيد وأفراح وملكة جمال، ولم يعد كذلك. غلط المسافة بين نجوم الكوميدي وعادل امام طويلة. صح اعلنوا عن جائزة لمن ينقذ القاهرة من تكدسها مروريا. صح البابا مريض ورئيس الوزراء شريف اسماعيل مريض، هموم مصر كبيرة. صح غريبة، فلا مزار لأم كلثوم ولا مزار لعبدالوهاب. غلط مشاريع الجيش منضبطة عملا وتوقيتا وانفاقا. صح شاشات مصر التليفزيونية نسخة واحدة. غلط