من الضروري أن نرجع للتاريخ ونحن نكتب عن الإرهاب المعاصر، لأن هذه ليست المرة الأولي التي يظهر فيها الإرهاب في المنطقة. المعروف أن أخطر فرقة إرهابية ظهرت في التاريخ الإسلامي هي فرقة الباطنية، التي أسسها الحسن الصباح، وهي فرقة من الشيعة الإسماعيلية الغلاة، استمرت حوالي قرن ونصف القرن، لكنها في النهاية انتهت علي يد الظاهر بيبرس. وقد تأثرت جماعة الإخوان الإرهابية، وسائر جماعات الإسلام السياسي، بهذه الفرقة، وهذه أبرز نقاط تأثرهم بها : - الدعوة السرية: كان الحسن بن الصباح يعتمد في دعوته علي السرية التامة، وعلي الخلايا التي لا يعرفها أحد، ويقيم بذلك تنظيماته في سائر البلاد دون أن يشعر به أحد، وهكذا يفعل الإخوان حالياً. وقد فوجئنا بعد ظهور الإخوان للعلن في 2012 بعدد من الناس يعلنون أنهم من الإخوان، وسمعنا لأول مرة عن الخلايا النائمة، التي تؤمن بأفكار الإخوان سراً، حتي يأتي الوقت المناسب فيعلنون عن هويتهم. - السمع والطاعة: أرسل أحد السلاطين ذات يوم رسولاً ليفاوض الحسن بن الصباح، وأراد الحسن أن يدخل الرعب في قلبه وقلب السلطان الذي أرسله، فاستدعي رجلاً من أتباعه وأمره أن يغمد الخنجر في قلبه، فأخرج الرجل خنجره وقتل نفسه في الحال، ثم استدعي تابعاً آخر وأمره بأن يلقي بنفسه من القلعة التي يسكنونها، وكانت هذه القلعة علي قمة جبل شاهق الارتفاع، فألقي الرجل نفسه دون مناقشة. وقد أخذ الإخوان وغيرهم من التنظيمات المتأسلمة هذه السمة من الباطنية. فمن مبادئ الإخوان أن يكون الواحد منهم بين يدي مرشده مثل الميت بين يدي المغسل، وهم يقسمون علي الطاعة عند انضمامهم للجماعة، وأظن أن الجميع سمعوا الإرهابي المقبوض عليه في عملية الواحات وهو يقول إنه أقسم هو وزملاؤه لرئيس التنظيم علي السمع والطاعة. - العنف: كان الباطنية يسمون أيضاً بالخناقين، لأنهم يخنقون خصومهم، ويسمون أيضاً بالفداوية، لأنهم كانوا يقومون بأفعال فدائية لتصفية من يقف في طريقهم. والثابت تاريخياً أنهم تجمعوا في بعض الأماكن ليحاربوا الدولة، كما يتجمع الإرهابيون الآن في سيناء، وليبيا، وكما كان الدواعش يتجمعون في سوريا والعراق، ويحاربون لكي يقيموا دولة. ومن مظاهر العنف لديهم : القيام بتصفية الحكام والرؤساء، وأول قتلاهم من الحكام هو الوزير نظام الملك، مؤسس المدارس النظامية المشهورة في التاريخ، كما حاولوا اغتيال صلاح الدين الأيوبي علي يد رجل يقال له الشيخ سنان ( يقيم الباطنية للشيخ سنان مقاماً في سوريا ويعتبرونه شخصية مقدسة حتي الآن ) ولذلك فإن محاولات الاغتيالات التي قام بها الإرهابيون بعد أن أزال دولتهم، ومحاولة قتل وزير الداخلية، وقتلهم للنائب العام، كل هذا له سوابق في تاريخ الباطنية. - التعاون مع أعداء الأمة: تعاون الباطنية مع الصليبيين ضد المسلمين، كما يتعاون الإخوان وغيرهم من الجماعات المتطرفة والإرهابية الآن مع أمريكا وإسرائيل وانجلترا وتركيا وقطر ضد مصالح وطنهم، من أجل الوصول للسلطة. - الجنة مصيرهم: يعتقد الإخوان وغيرهم من الجماعات المتأسلمة أن مصيرهم الجنة، حيث الحور العين وأنهار اللبن والعسل المصفي، وبهذه الأفكار كان الحسن بن الصباح يقنع أصحابه لكي يقبلوا علي الموت، وإن كان الحسن قد زاد علي الإخوان والجماعات المعاصرة فأنشأ جنة لأتباعه بمعرفته، إذ اختار مكاناً يفيض بالخضرة والزهور والجداول، ووضع فيه الجواري الجميلات، وكان يدخل أتباعه لهذه الجنة لفترات يحددها، وذلك بأن يجعلهم يتعاطون الحشيش حتي يغيبوا عن الوعي فينقلهم في غيبوبتهم إلي الجنة، وبعد انقضاء المدة الموعودة يخرجهم منها بنفس الطريقة. ما يهمنا الآن هو أن هذه الفرقة التي بثت الرعب في قلوب الناس زمناً طويلاً انتهي أمرها، والتي تعلمت منها كل الفرق الإرهابية المعاصرة قد انتهت، وصارت بقاياها الآن مواطنين سوريين عاديين. ولذلك أؤكد بالرجوع للتاريخ أن الإرهاب المعاصر إلي زوال.