قدر هائل من الطاقة الايجابية أحاطت بي، لحظة التعرف علي قصة الدكتور جمال السويدي، وحكايته في صراعه الرهيب مع المرض، ونداء الإرادة والايمان الذي أطلقه »لا تستسلم». في البداية دعوني أحاول بأكبر قدر من الأمانة والموضوعية، أن انقل لكم ما شعرت به من طاقة ايجابية تغلف المكان، الذي التقي فيه ذلك الجمع الأخوي والودود من المصريين والاماراتيين، الذين التقوا مساء الخميس الماضي، للمشاركة في الندوة الهامة التي اقامها »منتدي أخباراليوم للسياسات العامة»، ومركز الإمارات العربية للدراسات والبحوث الاستراتيجية» حول »رؤية استراتيجية لمواجهة الفكر المتطرف في المجتمعات العربية». الندوة جاءت كباكورة لتعاونهما وعملهما المشترك في اطار بروتوكول التعاون بين المنتدي والمركز، الذي تم الاتفاق عليه وتوقيعه من جانب رئيس مجلس ادارة أخبار اليوم ورئيس المنتدي، الزميل الكاتب »ياسر رزق»، ومدير عام مركز الإمارات الدكتور »جمال السويدي». وبخصوص الطاقة الايجابية التي شعرت بها تسري في المكان، فهي تعود في جزء منها إلي موضوع الندوة حيث أهميته البالغة، ولكنها تعود في أساسها إلي روح الإخوة الخالصة والود والمحبة الصافية، التي تغلف الروابط الانسانية المتفردة بين المصريين والاماراتيين، والتي أصبحت سمة مميزة لكل من الشعبين تجاه الآخر. وقد ساند هذه الطاقة وغذي وجودها وتأثيرها ذلك الحرص الشديد من جانب مجموعة المتحدثين الرئيسيين في الندوة، علي توخي أقصي درجات الموضوعية والعلم والشمولية، في تناول وعرض وجهات نظرهم ورؤاهم لما يجب أن يحتويه ويكون عليه الاطار العام لاستراتيجية المواجهة للفكر المتطرف علي الساحة العربية بمكوناتها المتعددة. وقد ضمت هذه الباقة الدكتور مختار جمعة وزير الاوقاف، والدكتور جابر عصفور وزير الثقافة الأسبق، والدكتور طه عبدالعليم مدير المنتدي واللواء محمد مجاهد الزيات، والعميد خالد عكاشة عضوي المنتدي وخبيري الأمن ومقاومة التطرف والارهاب. المنتدي.. والمركز وكان لافتا للإنتباه ومثيرا للاعجاب في ذات الوقت، ما بدا من شمولية المعرفة ودقة الإحاطة بالقضية المطروحة موضع الحديث والبحث، من جانب المتحدثين الأربعة،..، ابتداء من العالم المتبحر في علوم الدين والشريعة وزير الاوقاف الدكتور مختار جمعة، وكذلك المفكر صاحب الرؤية وزير الثقافة الأسبق الدكتور عصفور، وخبيري الأمن المتخصصين في مواجهة الجماعات الارهابية والفكر المتطرف اللواء الزيات والعميد عكاشة، وصولا إلي الدكتور طه عبدالعليم مدير المنتدي الذي تولي ادارة الندوة والحوار بكل اقتدار وكفاءة. وفي هذا الاطار اتفقت الرؤي علي أن علاج التطرف لابد أن يبدأ بترسيخ الدين الصحيح في مواجهة من يسعون للإفساد في الارض، ومن يستغلون الدين لهدم الدول واشاعة الفتن وتقويض الاستقرار والأمن، والقتل والتخريب. كما تم التوافق علي أهمية التصدي للأفكار المتطرفة وتفكيك أسسها وقواعدها وأركانها، انطلاقا من الايمان بأن مواجهة هذه الافكار وتفكيكها يغلق الباب أمام المحاولات التي تقوم بها الجماعات الارهابية لنشرها والترويج لها، وهو ما يؤدي لفشل هذه الجماعات والقضاء علي فكرها. وفي ذات السياق أكد المتحدثون علي ضرورة البدء بتحقيق التنمية الشاملة، كوسيلة فعالة لمواجهة التطرف والقضاء علي الارهاب، وضرورة أن تتضمن الاستراتيجية الخاصة بمواجهة التطرف والارهاب، سعيا جادا للتنمية بشقيها وجناحيها الناعمة في الفنون والآداب والثقافة، والصلبة المتمثلة في القوة الاقتصادية والعسكرية والأمنية. وفي ذلك لابد أن تقوم كل مؤسسات الدولة والمجتمع المدني بالمشاركة الفاعلة والايجابية في هذه المواجهة الشاملة، وأن للتعليم والمؤسسات التعليمية دورا كبيرا لابد أن يفعل. كما تمت الاشارة بوضوح إلي ماطرأ علي التنظيمات الارهابية من تطور في أسلوب عملها الإجرامي والتنظيمي بما جعلها أكثر خطورة وهو ما يفرض علي المؤسسات والباحثين والمعنيين بمواجهة ومكافحة الارهاب والتطرف مواكبة هذا التطور النوعي والتغلب عليه. لا تستسلم والآن.. وقد بينت لكم ما أحاط بنامن طاقة ايجابية خلال مناقشة الرؤية المقترحة لمواجهة الفكر المتطرف علي المستوي الاستراتيجي،..، إلا أن الأمانة والموضوعية تقرضان أن أصارحكم القول بأن قدر ما شعرت به من طاقة ايجابية خلال متابعتي اليقظة لهذه المناقشة رغم كبره واتساعه، إلا أنه لايبلغ علي الاطلاق ذلك القدر الهائل والتيار المتدفق من الطاقة الايجابية التي احاطت بي وغمرتني بالكلية خلال البدء في التعرف علي قصة الاستاذ الدكتور جمال السويدي، وحكايته مع المرض الذي نجا منه بقدرة الخالق عزوجل، وما أحاط بهذه القصة وما تخللها من مقاومة صلبة وصراع رهيب ينم عن ارادة حديدية ونفس مطمئنة راضية بما قسمه الله له، ومؤمنة ايمانا هائلا وقويا بعظمة الخالق سبحانه وتعالي. واصارحكم القول، واصارح نفسي من قبل ومن بعد انني لو لم أقابل الرجل صاحب هذا النداء ومطلق تلك الصرخة »لا تستسلم» التي جعلها عنوانا لكتابه الضخم الذي أودعه خلاصة تجاربه في الحياة وقصة كفاحه ومقاومته للمرض القاتل الذي أبتلي به، وقصة تحديه لنبوءة أو حكم الطبيب الذي فاجأه.. بل صدمه بالقول »ستموت بعد أسبوعين»،..، لو لم التق به واجالسه واسمع منه وأتحدث اليه، لكنت قد اسلمت نفسي لمشاعر مقلقة راودتني للحظات مع بداية الخوض في قراءة ماكتبه عن سيرته،..، مشاعر تحاول دفعي للتشكك في بعض ما خطته يداه، وما احتواه كتابه وما تقول به حكايته، التي رأيتها لفرط غرابتها يصعب تصور أو توقع حدوثها في المألوف من حياة البشر ومايلاقونه من تصاريف القدر المؤلمة إذا ما وقعوا فريسة للمرض الخبيث، واللعين، بمثل هذه الصورة التي تعرض لها صاحبنا. الإرادة.. والإيمان ولمزيد من الصراحة والمكاشفة، اقول أنني كدت بالفعل أن أترك نفسي لهذه المشاعر، واسلم نفسي لها بعد وقت قصير من تصفحي المتعجل للكتاب الضخم، لولا أن داهمني أحساس قوي بمصداقية الرجل، التي كانت تشع من الحروف والكلمات والجمل التي صاغ بها حكايته وكتب بها روايته للوقائع والأحداث التي تعرض لها منذ تلك اللحظة التي عصف به فيها ذلك الزلزال المروع، حين زف اليه الطبيب في بلادة مروعة خبر وفاته، من خلال نبوءته بموته المحقق بعد أربعة عشرة يوما، أي أسبوعين فقط لاغير. والمؤكد أننا جميعا نعي وندرك أننا سنلقي الموت يوماما وفي لحظة ما محددة وفقا لما هو مقدور لنا بإرادة الله سبحانه،..، ولكن من منا لديه الصلابة التي تعينه علي مواجهة واحتمال مثل هذا الذي نطق به الطبيب »ستموت بعد اسبوعين»،..، كان الله في عونه وهو في هذا الامتحان العسير. وقد لفت انتباهي بقوة أن الرجل لم ينهر فورسماعه هذه النبوءة المشئومة، بل علي العكس من ذلك،..، فقد برز أمامي فعل متلازم ومرتبط بالمصداقية المنبعثة من ثنايا الكلمات والجمل التي تحكي وتروي وقائع ما جري للرجل وما ابتلي به، وهو ذلك القدر الهائل من الايمان بقدرة الله عز وجل وأيضا الرضاء والقبول بقضائه،..، مع اليقين الكامل بأن الله سبحانه قادر علي كل شيء، ومن عنده الشفاء والبرء من كل داء عضال، وهو الذي يدعونا لعدم اليأس علي الاطلاق، في قوله تعالي »...ولا تيأسوا من روح الله». ومن هنا فقد ترسخ في وجداني.. ووقر في قلبي انني أمام رجل اراد له الله سبحانه أن يكون دليلا حيا علي صحة وسلامة الايمان الكامل بقدرته سبحانه وضرورة عدم الاستسلام لليأس مهما كانت الظروف والدواعي، بل استنهاض الارادة والهمة وقوة المقاومة التي أودعها الله فينا،..، وان ذلك هو صحيح الايمان بقدرة الله،...، كما وقر في قلبي أيضا أن الله كتب له الشفاء والبراء علي قدر إيمانه الهائل بقدرة الخالق. نداء.. ورسالة وفي هذه اللحظات كانت عبارة الطبيب ونبوءته هي المحرك والدافع لاستنفار ارادة الحياة عند الدكتور جمال السويدي، وهي المحرك والدافع للمقاومة والصمود في المعركة مع السرطان والاصرار علي الانتصار فيها بعون من الله.. وكانت قوة الإرادة لدي الرجل بالقطع هي العامل المؤثر في المعركة لكنها كانت مسبوقة ومتلازمة في ذات الوقت بالايمان المطلق بالله عزوجل. وفي هذا الاطار وجد الرجل أن من واجبه أن يطلق نداءه لكل انسان ورسالته لكل من يتعرض لمثل ما ابتلي به.. »لا تستسلم» بل قاوم متسلحا بإرادتك في الحياة وبالايمان الكامل بالله. رسائل شرم الشيخ وسط الزخم المتسارع للاحداث الجارية في »مدينة السلام» شرم الشيخ، حيث المنتدي العالمي للشباب يواصل أعماله وفاعلياته بمشاركة اكثر من ثلاثة آلاف شاب يمثلون ما يزيد عن مائة دولة من دول العالم المختلفة، ينخرطون حاليا في حوار ايجابي وتواصل انساني رائع علي كل المستويات الثقافية والفكرية، ويتبادلون الرؤي والافكار حول كافة القضايا والموضوعات التي تهم الشباب في كل مكان من العالم، وفي مقدمتها بالقطع الرؤي الخاصة بصياغة المستقبل الذي يحقق طموحات وآمال الأجيال الشابة. وسط ذلك كله هناك عدة رسائل هامة يبعث بها المنتدي للعالم كله، في مقدمتها بالقطع أن مصر تؤمن بشبابها ايمانا كاملا، وتثق في قدرته علي صنع المستقبل، وانها انطلاقا من هذه الثقة وذلك الايمان تفتح الباب واسعا وعلي مصراعيه أمام شبابها للمشاركة الفاعلة والايجابية في بناء وطنهم، وتوظف كل طاقتها لإتاحة الفرصة الكاملة لهم لتحقيق طموحاتهم المشروعة، وآمالهم المستحقة لإقامة الدولة الديمقراطية الحديثة والقوية. والرسالة الثانية تؤكد ان مصر وهي تواجه الارهاب والتطرف الذي يستهدف الدولة والشعب، ويعمل للتخريب والقتل وهدم كيان وقواعد الدولة ومؤسساتها،ونشر الخراب بها، فإنها تسعي للتنمية الشاملة في ذات الوقت الذي تواجه فيه الارهاب الاسود، ولذا فإنها تدعو العالم كله للوقوف صفا واحدا لمواجهة الارهاب ومحاربة التطرف حتي القضاء عليه باعتباره الخطر الحقيقي الذي يهدد العالم وليس مصر فقط. أما الرسالة الثالثة فهي أن مصر تدعو للسلام من مدينة السلام، وأنها تسعي لتلاقي وتعاون الحضارات وترفض كل الافكار والرؤي التي تقول بصدام الحضارات وتنافر الثقافات.