ساد غموض كبير المشهد السياسي في اليمن بعد سفر الرئيس علي عبد الله صالح الي السعودية فيما احتفل الشباب المحتجون منذ شهور بما وصفوه "هروبه" معتبرين انه "سقوط للنظام". ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن "مصادر قريبة من الرئاسة" ان احمد نجل الرئيس اليمني وقائد الحرس الجمهوري، موجود في قصر الرئاسة بينما نائب الرئيس "عبد ربه منصور هادي" الذي يفترض ان يدير شئون البلاد في غياب الرئيس بموجب الدستور، موجود في منزله. من جهته أكد "طارق الشامي" المسئول البارز بالحزب الحاكم ان صالح الذي خضع امس لجراحة لاستخراج شظايا من الصدر بمركز طبي سعودي "سيعود لليمن خلال أيام". وقالت مصادر بالرئاسة ان منصور اجتمع قبل ساعات مع شقيقي الرئيس "علي صالح" مدير مكتب القائد الاعلي للقوات المسلحة وقائد العمليات العسكرية، و"محمد صالح" قائد القوات الجوية. كما ضم الإجتماع نجل الرئيس "احمد" وابني اخيه قائد الحرس الخاص، وقائد الامن المركزي. وتلقي منصور اتصالين هاتفيين من الرئيس الأمريكي باراك أوباما وكبير مستشاريه لمكافحة الارهاب "جون برينان" حيث بحثوا الوضع في اليمن، وأشار برينان من جهته الي إدانة واشنطن ل"الإعتداء علي مسجد النهدين". في الوقت نفسه التقي السفير الأمريكي في صنعاء "جيرالد فيرستاين" امس بمنصور حيث ناقشا سبل وقف اطلاق النار بصورة شاملة والتعاون مع قوي المعارضة لتحقيق استقرار الأوضاع. من ناحية أخري ألقي الجيش باللوم علي "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب" في الهجوم الذي استهدف القصر الرئاسي امس الأول. ووسط حالة من عدم التيقن بشأن مسار الأحداث في البلاد، تجدد القتال امس حيث قال شهود انهم سمعوا دوي اطلاق نار وانفجارات في حي الحصبة شمال العاصمة امس بعد يوم من هدنة توسطت فيها السعودية بين القوات الموالية لصالح وأنصار قبيلة "حاشد" القوية التي يتزعمها "صادق الأحمر". من جهتهم أدان أبناء قبيلة "سنحان وبني بهلول" (قبيلة صالح) استهداف الرئيس مطالبين أجهزة الأمن بسرعة الكشف عن الجناة. وأكدوا أنهم سيقفون "في مقدمة الصفوف للدفاع عن أمن واستقرار البلاد والشرعية الدستورية". وفي تعز جنوبا، هاجم عشرات المسلحين القصر الرئاسي بالمحافظة وقتلوا أربعة من عناصر الحرس الجمهوري في المكان. وقال شهود ان المهاجمين والذين قتل أحدهم في اشتباك ينتمون الي جماعة تدعي "صقور حماية الثورة في تعز". في تلك الأثناء لقي ثلاثة جنود مصرعهم وأصيب 15 آخرون امس اثر انفجار قنبلة في مقر قيادة الفرقة المدرعة الأولي التابعة للواء "علي محسن الأحمر" القيادي المنشق والذي ألقي عليه مقربون من صالح المسئولية في قصف القصر الرئاسي. وفي الوقت الذي ترددت فيه أنباء عن تعرض المقر لإطلاق قذيفة، قال مصدر عسكري ان "قنبلة انفجرت عن طريق الخطأ". وكان صالح وصل الي السعودية مساء امس الأول بعد إصابته في قصف القصر الرئاسي، وهو حادث أدي لمقتل 11 شخصا واصابة 124 آخرين بينهم رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الشوري ورئيس الوزراء ونائبه للشئون الداخلية. وأصيب صالح بحروق من الدرجة الثانية في وجهه وكفيه، كما أصيب بشظايا استقرت قرب قلبه. وقال مصدر سعودي ان صالح قد تجري له جراحة تجميلية بسبب تلك الجروح. ورافق صالح خلال الرحلة 35 شخصا من أقاربه. وتدفق مواطنون علي شوارع صنعاء امس احتفالا بمغادرة صالح ورددوا هتافات تهلل ب"سقوط النظام"، كما قاموا بذبح قطعان ماشية في الطرق ابتهاجا بمغادرته. وأعربت بعض أجنحة الانتفاضة عن سرورها لمغادرة صالح ودعت في بيان "لتشكيل مجلس رئاسي انتقالي من كافة عناصر ومؤيدي الثورة لإدارة شئون البلاد وإعداد دستور جديد وتشكيل حكومة تكنوقراط لتسيير الأعمال ثم تشكيل مجلس وطني يدير الحوار بين شركاء العمل السياسي.