مونبيلييه واحدة من أعرق مدن فرنسا.. مدينة العلم والعلماء.. الأدب والجامعات الأولي من حيث احتضانها لطلاب العالم من الجنسيات المختلفة.. مدينة الشباب والمهرجانات.. وإن كان سيظل أشهرها وأهمها مهرجانها السينمائي الذي يحتفل هذا العام بدورته التاسعة والثلاثين.. المهرجان ترأسه وزيرة الثقافة الفرنسية السابقة »أوريللي فيلليني» منذ العام الماضي.. وقد احتفي المهرجان هذا العام بالسينما الجزائرية.. حيث عرض ما يزيد عن العشرين فيلما بالإضافة لاستضافة المخرج الكبير مرزاق علواش ليعطي دروساً في السينما. لجنة التحكيم الدولية بالمهرجان ضمت من بين أعضائها الكاتب المغربي الكبير »الطاهر وطار» والذي قال لي إنه رغم كل تلك السنوات مازال يبكي الراحل »جمال الغيطاني» عندما علم أنني أنتمي لمؤسسة أخبار اليوم. وقد منحت هذه اللجنة جائزة »الانتيجون» الكبري إلي الفيلم الإيطالي »مانويل» والذي حصل أيضا علي جائزة النقاد الدولية. الفيلم إخراج »داريو البيرتيني». الفيلم يعالج مشكلة كبيرة تعاني منها المجتمعات الأوروبية.. وهو »الإطلاق المشروط» لإتمام فترة العقوبة في العامين الأخيرين من السجن.. وعادة ما يتم هذا الإفراج تحت رعاية الأسرة.. وفي هذا الفيلم نجد »مانويل» الذي قضي معظم سنوات عمره في إصلاحية حيث أن والدته كانت مدمنة وتم سجنها.. وعندما بلغ الثامنة عشرة من عمره وأصبح حراً في أن يترك الإصلاحية ويعود للمنزل فوراً وأن يقدم طلباً برعاية والدته والاعناء بها.. شخصية »مانويل» التي نشاهدها في الإصلاحية التي تمتاز بالايجابية الشديدة وعلاقة المشرفين كانت في صالحه لموافقة السلطات حيث اعتاد الأهل رعاية صغارهم وليس العكس وخاصة في هذه المرحلة الحرجة. ونتابع مع »مانويل» رحلة الخروج والاهتمام بكل التفاصيل لاستقبال الاخصائية الاجتماعية قبل لقاء القاضي. وفي مشهد من أروع المشاهد لقاؤه مع والدته في السجن بعد سنوات طويلة. لكن هل يستطيع هذا الشاب الصغير بالفعل تحمل هذه المسئولية.. خاصة عندما يتعرض لأزمة نفسية حادة قبل خروج والدته بأسبوع؟.. بطل الفيلم »اندرياس لاتنزي» يقف أمام الكاميرا للمرة الأولي.. لكنه يعتبر ممثلا واعداً سيكون له شأن كبير.. وقد نجح المخرج في أن يقدم لنا في صورة جميلة تخلو من البهرجة البصرية الحياة في المؤسسات الإصلاحية أو السجون بالإضافة إلي ما يحدث من أهوال للطبقة الاجتماعية الأقل من المتوسطة.. كما تعرض للقوانين التي تمنح الكفالة وحق الإفراج المشروط. الفيلم بسيط لكنه في نفس الوقت عميق للغاية يعالج مشكلة كبري ويتناولها بحساسية شديدة فيما يتعلق بالإدمان.. والسجون والمؤسسات الإصلاحية. المسابقة الرسمية ضمت تسعة أفلام النصف تقريباً يعد عملا أوليا لأصحابها المخرجين. وفيما يخص أزمة الشباب اليوم من فراغ ولهو وعبث تعرض الفيلم الفرنسي »لونا» الذي يعد العمل الأول لمخرجته »إليسا دوينجيه» لمدي الاستهتار الذي يعيشه معظم شباب اليوم تحت بند اللهو خاصة إذا كانوا يتعاطون الكحول والمخدرات.. يغفر لها ذلك لينطلقا نحو المستقبل. »اليزا» نجحت من خلال كاميرا واعية في نقل صورة حقيقية لما يعيشه الكثير من شباب اليوم.. كما نجحت في نقل صورة غير تقليدية للمدينة العريقة وما يدور فيها من حركة شبابية خاصة وهي تعج بالشباب... إن »ليزا» في عملها السينمائي الأول من خلال هذا الفيلم تعطي طاقة من الأمل في المستقبل لشباب يري المستقبل مسدودا أمامه ولا سبيل إلي تحقيق أي شيء. ليبقي الحب والفن دفعة قوية للكثيرين من أجل حياة أفضل.