ما أغلي تلك الدماء الذكية التي سالت فداء للوطن مصر دفاعا عن أمنها وأمانها وأهلها، صحيح أننا نبكي بحرقة ولكن من ينظر إلي الأم الثكلي أو الزوجة المترملة أو الأب الملتاع أو الابن والابنة اللذين فقدا الأب وإلي الأفراد العاديين من أبناء هذا الشعب في جنازات من فقدناهم من الأبطال يدرك قوة وإرادة المصريين التي لا تعرف الهزيمة أو الاستكانة فرغم أنها مواكب لوداع لكنها شعلة تطلب الثأر ممن استباح تهديدنا.. وكدر أمننا وسلامنا. هؤلاء الخونة المأجورون لن ينالوا من إرادتنا مهما أوتوا من قوة لأننا الأقوي والحق معنا فلسنا دعاة دمار ولا سفك دماء ولكننا نريد العيش في سلام وأمان وكم انتصرت مصر في كل معاركها عبر التاريخ علي غزاة وخونة ومأجورين وأعداء وخرجت مرفوعة الرأس عالية الهامة ودحرت من تجرأ علي أرضها وناسها.. واستباح الدماء. ما يحز في نفس كل مصري هو أن بيننا من يخون وباع نفسه للشيطان وهو ما يجب أن نتنبه له لأن من يخون لا أمان له حتي مع أقرب الناس له وكم رأينا بعضهم يقتلون الأم والأب بحجة أنهم من الكفار والخارجين عن الملة، هؤلاء يجب أن نسارع بالإرشاد عنهم حتي يسهل تصفيتهم وإبعادهم لأنهم يمثلون الخطر الداهم علي هذا المجتمع المسالم. وكم نحمد الله أن لدينا هذا الجيش البطل وتلك الشرطة الشجاعة التي لا تهاب الموت، وكم من الخطابات تركها الكثير من الشهداء قبل استشهادهم وهم يرون مقاعدهم من الجنة يقدمون أنفسهم ودماءهم ثمنا للذود عن الوطن، تلك هي طبيعة هذا الشعب العظيم الذي تظهر معادنه الأصيلة في وقت المحن وللشباب الذين لم يعاصروا حرب الاستنزاف في المنطقة الزمنية بين هزيمة 1967 النكراء وحتي وقف إطلاق النار في منتصف عام 1970 أقول إن مصر ممثلة في الأهل بمدن القناة الثلاث والذين هجًّروا وكان عددهم يقارب المليون أسرة بعيدا عن خط المواجهة حتي تتفرغ القوات المسلحة للأعمال الحربية تعرضوا لما هو أقسي وأعتي مما يحدث الآن فكم رأينا طائرات العدو الإسرائيلي وصواريخه ومدافعه تضرب منازل المدنيين حتي تستسلم مصر بلا رحمة ولازلت أتذكر مشهد الزيتية حيث ضربت إسرائيل معامل التكرير بالسويس رداً علي إغراقنا لمدمرتها إيلات وكم من الضحايا سقطوا بفعل مدافعهم التي أطلق عليها السويسيون اسم أبوجاموس، ولا يخفي عن عيني مشهد ضرب القطار بمحطة الإسماعيلية وبداخله الأهالي وقت ترحيلهم وكم من الضحايا راحوا شهداء، ولن ننسي جميعا الأطفال الثلاثين في مدرسة بحر البقر بالشرقية ولا عمال أبوزعبل الذين ضربتهم الطائرات الفانتوم بحجة أن المصنع حربي ينتج السلاح. معارك ومعارك وغدر ولكن لم تستسلم مصر واصطفت ترفض الهزيمة وتقدم الشهداء الواحد بعد الآخر دون أن تنكسر شوكتها حتي فاجأت العالم بمعجزة العبور في أكتوبر 1973. ستنتصر مصر لأن هذه هي إرادة شعبها وستقدم آلاف الشهداء لأن المعركة كبيرة والمواجهة خطيرة تغذيها وتمولها أياد خفية لا تريد لنا إلا الفناء والدمار وهي تحشد لهذا كل من يبيع نفسه بأي ثمن أو الحاقد المارق عن أهله وناسه وهم للأسف يتواجدون ويعيشون بيننا ومعنا ولفظهم واجب. يجب علينا جميعا أن نتكاتف خلف الجيش والشرطة والقيادة السياسية لدعمهم باعتبارهم خط المواجهة الأول في تلك المعركة الشرسة التي تزداد اشتعالا يوما بعد يوم. ولهؤلاء الذين هللوا عبر الفضائيات وصوروا ما حدث في الواحات بأنه هزيمة عسكرية أقول خسئتم، لقد واجه الأبطال ندالة وغدر الإرهاب لمدة خمس ساعات كاملة بشجاعة ولم يهربوا وظلوا يقاومون رغم أنهم يعرفون عندما ذهبوا أنهم ربما لا يرجعون ولكن كانت إرادة الله تسبقهم وقطعا سيكون الانتقام رهيبا.. وأبدا لن تنهزم مصر.