البداية من الفرافرة.. وطرح 400 ألف فدان جديدة خلال أيام زيادة الرقعة الزراعية إلي 9.5 مليون فدان.. والمساحة المأهولة تصل إلي 10 % اشتهرت مصر علي مدي تاريخها بالزراعة فكان المصري القديم أول من استطاع ان يستخرج خيرات ارض وادي النيل ومع زيادة السكان وتراجع الرقعة الزراعية كان لابد من البحث عن بدائل لتوفير غذاء المصريين ومن هنا تأتي أهمية المشروعات الزراعية وتنمية الثروة الحيوانية التي يجري تنفيذها في العديد من ربوع مصر فهناك المشروعات الطموحة لاستصلاح ال 1٫5 مليون فدان ومشروع انشاء 100 الف صوبة زراعية اضافة إلي مشروع البتلو وغيرها من المشروعات، وكلها تستهدف تحقيق الامن الغذائي لمصر، وبناء مستقبل »أخضر» لملايين المصريين لذلك كانت التنمية الزراعية في مقدمة المشروعات القومية الكبري التي يحرص الرئيس عبدالفتاح السيسي ان يمنحها الأولوية في مشروعه الوطني لبناء مصر المستقبل، وتشهد هذه المشروعات تعاونا مثمرا بين العديد من الجهات. »الأخبار» زارت عددا من هذه المشروعات الوطنية ورصدت ما يجري بها من تطور بزرع الأمل في القلوب ويحيي الطموحات بمستقبل الزراعة المصرية. في خطوة كبيرة نحو استعادة مكانة مصر القديمة كدولة زراعية كبري وتحقيق الاكتفاء الذاتي لمصر من المحاصيل، أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسي من الفرافرة يوم 30 ديسمبر 2015 إشارة البدء في مشروع المليون ونصف المليون فدان باعتباره أحد المشروعات القومية العملاقة التي تولي الدولة وعلي رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي له أهمية خاصة. ويعد هذا المشروع إحدي ركائز برنامج »خطوة نحو المستقبل» الذي تتبناه الدولة ويشمل عددا كبيرا من المشروعات التي تستهدف التنمية المستدامة، حيث يعد المشروع نموذجا حيا للري المصري الحديث، بحيث تكون نواته سلسلة من القري النموذجية تعالج مشكلات الماضي وتستثمر مقومات الحاضر، وتتم إقامتها وفق خطط ودراسات علمية، بحيث تشكل في مجموعها مجتمعات عمرانية متكاملة، تضم إلي جانب النشاط الزراعي الصناعات المرتبطة بالزراعة مثل المنتجات الغذائية والتعبئة والتغليف وإنتاج الزيوت وغيرها، بالإضافة إلي توفير الوحدات السكنية وجميع المرافق اللازمة، وتوفير الخدمات الصحية والتعليمية، لإقامة مجتمع سكني متكامل جاذب للسكان. موقع المشروع يغطي المشروع مساحات واسعة من الجمهورية، خاصة الصعيد وجنوب الوادي وسيناء والدلتا، حيث وقع الاختيار علي مناطق في ثماني محافظات هي قنا، أسوان، المنيا، الوادي الجديد، مطروح، جنوبسيناء، الاسماعيلية، وتم اختيار تلك المناطق بعد دراسات متعمقة، بحيث تكون قريبة من المناطق الحضرية وخطوط الاتصال بين المحافظات وشبكة الطرق القومية والكهربائية، حتي يتسني لوزارة الإسكان سرعة إقامة المناطق العمرانية، وتوفير الخدمات والبنية الأساسية لهذه المناطق، فضلا عن توافر مصادر المياه بها سواء الجوفية أو النيلية. يستهدف المشروع إنشاء ريف مصري جديد وعصري، تكون نواته سلسلة من القري النموذجية، وزيادة الرقعة الزراعية من 8 ملايين فدان إلي 9.5 مليون فدان بنسبة زيادة 20 %، وتوسيع الحيز العمراني واستيعاب النمو الطبيعي للسكان بإنشاء مجتمعات عمرانية عصرية متكاملة مما يساهم في زيادة المساحة المأهولة بالسكان في مصر من 6 % إلي 10 %، تعظيم الاستفادة من موارد مصر من المياة الجوفية، زراعة المحاصيل الاقتصادية التي تدر عائداً مالياً كبيراً وتساهم في سد الفجوة الغذائية التي تعاني منها البلاد. الفرافرة.. نقطة الإنطلاق قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بتدشين المرحلة الأولي للمشروع من واحة الفرافرة وتحديداً من »سهل بركة» ويشمل المشروع في تلك المنطقة استصلاح وتنمية 10 آلاف فدان تم إعدادها تماماً للزراعة وتركيب أجهزة الري المحوري »40 بيفوت»، كما تم الانتهاء من تسوية الأرض بالليزر وتسميدها وتجهيزها لغرس البذور، كما تم حفر 40 بئرا جوفية في وقت قياسي بإستخدام أحدث الحفارات في العالم التي دبرتها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بالتعاون مع حفارات الشركات المدنية وشركات قطاع البترول، كما تم إنشاء قريتين زراعيتين وثالثة خدمية ومناطق صناعية، ومن المخطط أن تستوعب تلك القري من 10 إلي 15 ألف نسمة وتخدم 2500 فدان، وسيتم طرحها للشباب في صورة شركات مساهمة بواقع 5 أفدنة لكل منتفع، وتم تنفيذ 2000 بيت ريفي مساحته 200 متر مربع، وتوفير السكن للعاملين بالمنشآت الإدارية والخدمية مثل الأطباء ورجال الشرطة والمعلمين بإجمالي 40 عمارة تضم 480 وحدة سكنية. كما تم إنشاء العديد من المنشآت الخدمية التي تخدم المزارع من حضانات ومدارس ووحدات صحية وقسم شرطة وحماية مدنية ووحدة بيطرية وبنك زراعي ومكتب بريد ومجلس قروي وأجتماعي ومبني ورش يدوية للفتيات و9 مساجد تم توزيعها علي القري الثلاث، بالإضافة إلي زراعة 7500 فدان بالفرافرة منها 1500 فدان قمح و6000 شعير، كنواة للمشروع لسد الفجوة في محاصيل الحبوب والأعلاف وفحص حالة الزراعات الموجودة. وعن إدارة وتشغيل المشروع أعلنت الحكومة إنشاء شركة قابضة لإدارة هذا المشروع الضخم بعيدا عن وزارة الزراعة، وهي شركة »الريف المصري الجديد مما يعكس تغير فكر الدولة تجاه المشاريع القومية لتجنب مصير مشابه للمشروعات السابقة مثل توشكي، إذ إن نظام الإدارة بالشركات القابضة يضمن نجاح المشروع واستمراره وإبعاده عن الروتين الحكومي، ويبلغ رأس مال الشركة 8 مليارات جنيه، وستتبع الشركة القوانين المنظمة لهيئة الاستثمار باعتبارها شركة تابعة للدولة، علي أن يتم تشكيل مجلس الإدارة والهيكل الإداري من ذوي الخبرة من الوزارات المعنية لتشكيل مجلس إدارة قوي قادر علي تسويق المشروع بنجاح. وتقوم هذه الشركة بتنظيم العمل وتضع اللوائح والقوانين ويكون لها الحق في الحصول علي قروض لتخفيف العبء عن موازنة الدولة، وهي المسئولة عن وضع الضوابط الحاكمة لطرح وتوزيع الأراضي علي الشباب وصغار المزارعين والمستثمرين، بالإضافة إلي مسئوليتها عن إدارة وصيانة وتطوير البنية الأساسية للمشروع بحيث تكون هذه الشركة كيانا مسئولا عن المشروع بالكامل. طرح الأراضي ومؤخرا أعلن د. عبد المنعم البنا وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، أن شركة الريف المصري ستبدأ في طرح اراضي المرحلة الثانية من مشروع المليون ونصف المليون فدان، وأضاف أن اراضي الطرح الثاني يبلغ مساحتها نحو 400 الف فدان. كما أعلن المهندس عاطر حنورة رئيس مجلس شركة تنمية الريف المصري، أن الشركة تعتزم تسليم أراضي المليون ونصف المليون فدان بالكامل منتصف 2018، وأوضح أن طرح المرحلة الثانية للمشروع بواقع 400 ألف فدان، وتسليمها قبل نهاية العام الحالي، يعقبها طرح المرحلة الثالثة أبريل 2018، وتسليم أراضي الطرح في وقت قصير. وأضاف أنه سيتم الانتهاء من تسليم أراضي الطرح الأول الذي اقتصر علي صغار المستثمرين، نهاية نوفمبر المقبل، وأشار إلي أن بعض الفائزين طلبوا استلام الأراضي قبل تنفيذ المدقات في المغرة، إذ إنه من المقرر تسليم أراضي تلك المنطقة بنهاية نوفمبر المقبل، ومنطقة الفرافرة نهاية سبتمبر الجاري، وتوشكي منتصف أكتوبر، عقب انتهاء الهيئة الهندسة للقوات المسلحة، من حفر الآبار وتشغيلها بالطاقة الشمسية. موارد المشروع المورد المائي: ويعد بمثابة التحدي الأكبر في المشروع، حيث ان أغلب مناطق المشروع ستعتمد في زراعتها علي المياه الجوفية، فقد أكدت الدراسات توافر المخزون الجوفي من المياه في جميع مناطق المشروع بشكل كبير ومتجدد، كما أعدت وزارة الموارد المائية والري برنامجاً آلياً للتحكم في تشغيل الآبار وتركيب عدادات لمراقبة رفع المياه من الآبار حتي لا يتم استنزاف المخزون. ومن المخطط حفر 13 ألفا و225 بئراً جوفية في إطار المشروع القومي لاستصلاح 4 ملايين فدان، وأن العدد الإجمالي للآبار اللازمة للوفاء بالاحتياجات المائية للمرحلة الأولي للمشروع »1.5 مليون فدان» تبلغ 5000 بئر، كما تم من خلال وزارة الري حصر 14 موقعا ضمن المشروع تعتمد علي المياه الجوفية، و3 مواقع تعتمد علي المياه السطحية، وبذلك تكون نسبة المساحة التي ستعتمد علي المياه الجوفية 88.5 % بينما تعتمد 11.5 % من المساحة علي المياه السطحية. كما سيتم الاعتماد علي الطاقة الشمسية كأحد موارد الطاقة المتجددة النظيفة في تشغيل المشروع حيث تم بناء محطة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية،كما تم عمل دراسات متطورة علي خصائص التربة والأرض التي سيتم زراعتها وتحديد التركيب المحصولي الأنسب لها، حيث إنه من المقرر أن يتم زراعة محاصيل استراتيجية كالقمح والذرة الصفراء، وأخري تصديرية مثل البصل والفول السوداني والبازلاء والنخيل والنباتات الطبية، بالإضافة إلي زراعة محاصيل تصنيعية مثل بنجر السكر وعباد الشمس وفول الصويا والتين والجوافة.