لم تكن عملية طحن الحبوب والغلال في محافظة الوادي الجديد مجرد لحظات عابرة تمر علي الفلاحين، ولكن مشاهد يومية يعيشونها سواء كانوا رجالا أو نساء منذ شروق الشمس وحتي غروبها، وخاصة بعد مواسم جني المحاصيل كالقمح أو الذرة أو الشعير ليحصلوا علي قوتهم الذي يؤمن لهم معيشتهم طوال العام، ومازالت طاحونة الغلال في قرية القصر الإسلامية بمدينة الداخلة موجودة حتي الآن بفضل جهود وزارة الآثار، هي ومجموعات أخري كثيرة من الآلات والمعدات التي استخدمها المصريون منذ القرن العاشر الهجري في عهد الدولة العثمانية. ويلفت الشاعر مصطفي معاذ إلي أنه بالرغم من أن تلك الطاحونة من أقدم الطواحين ولكنها عادت إلي حالتها الأولي بعد أن رممها المجلس الأعلي للآثار وتظل شاهدا علي حقبة زمنية في قرية القصر أو »عروس الداخلة» كما يطلقون عليها، حيث تحكي لنا عن حقب عاشها الأجداد، ويوضح »معاذ» أن الطاحونة لها مداران، أحدهما شرقي والآخر غربي، وكانت تعمل يوميا، عدا يوم الجمعة الذي كان يوم العطلة الأسبوعية التي يستريح فيها الطحان من عناء عمل أسبوع متواصل، وترتاح معه أيضا البغال، وتتاح الفرصة لعامل الصيانة لينجز تفريغ أحجار الطاحونة وتخليصها من الطحين والحبوب العالقة بها، مستخدما قطعة من الحديد مستطيلة الشكل مهمتها جلي الأحجار وتنظيفها، ويوضح أن أجرة طحن تلك الحبوب كانت تدفع إما نقدا أو بنظام »المقايضة» عن طريق منح الطحان كمية من الحبوب التي تم طحنها. • خالد عز الدين