ألقت نتائج استفتاء إقليم كتالونيا الذي أجري مؤخرا وأسفر عن فوز90% ممن صوتوا بنعم بظلالها علي إسبانيا، أثار عدة تساؤلات حول الإقليم إلي انفصال صادم يتعارض مع الدستور الإسباني، جعل اسبانيا تواجه أكبر أزمة في تاريخها. يري »توم بريدج» المحلل السياسي أن علاقة إسبانيا المعقدة مع إقليم كتالونيا في طريقها إلي المجهول،بعدالعنف من قبل الشرطة الإسبانية، وأصبح إعلانا لاستقلال وشيك. بينما تجري الحكومة في مدريد محادثات مع القادة السياسيين في اسبانيا لبحث الرد علي اكبر أزمة سياسية تشهدها البلاد منذ عقود. بعد تعرض الناخبون للاعتداء من الشرطة الإسبانية شجعت الحكومة الكتالونية، والمؤيدين للاستقلال لإعلان الاستقلال عن إسبانيا دون موافقة مدريد، وسوف يطرح علي البرلمان الكتالوني التصويت علي قرار بالأعتراف بالاستقلال من جانب واحد يوم الثلاثاء المقبل، ولكن تظل المادة 155 في الدستور الأسباني هي الخيار الوحيد للحكومة الاسبانية، فإن ذلك يعني أن الشرطة الإقليمية في كاتالونيا، والتي سمحت بالتصويت، ستخضع مباشرة لسيطرة وزارة الداخلية الإسبانية، وفي الوقت نفسه قدم ممثل مدريد في كتالونيا اعتذار عن عنف الشرطة خلال الاستفتاء. لقد أصبح وجود اسبانيا علي المحك ولا يمكن تجاهل البعد السياسي الإسباني، ومن المعروف أن الحزب الشعبي الحاكم في اسبانيا عادة لا يفوز إلا بنسبة صغيرة من الأصوات. ومن جهة أخري، في أول تعليق له هاجم ملك إسبانيا » فيليب السادس» منظمي الاستفتاء علي استقلال كاتالونيا،وقال إنهم خارج اطار القانون، وأوضح أن الوضع في إسبانيا خطير جدا، ودعا إلي الحفاظ علي الوحدة. بينما يري المحللون أن ملك اسبانيا تغاضي عن ذكر بعض الأشياء التي أثارت حفيظة الأسبان، لأنه لم يذكر شيئاً عن المشاهد المروعة لعنف الشرطة وضرب الناخبين، ولم يدعو للحوار بين الحكومة الإسبانية وحكومة كتالونيا ولم يعترف بالرغبة الحقيقية لسكان الإقليم في الاستقلال أو حتي علي الأقل بإجراء استفتاء قانوني، لكنه أعرب عن موقف الحكومة في مدريد وكرر معارضتها القوية للاستفتاء، وشدد علي ضمان التعايش الديمقراطي. وقال رئيس الحكومة المحلية لكتالونيا » بوجيدمونت» بعد الاستفتاء أنه لا يخطط لإنفصال صادم في أسبانيا، أنه يريد تفهماً جديداً مع الحكومة المركزية في مدريد، وكتالونيا من حقها أن تصبح دولة نظامها جمهوري، وأصبح الباب مفتوحاً الآن لإعلان الإستقلال من جانب واحد خلال أيام، مضيفاً أنه ليس علي اتصال مع حكومة مدريد، وبصدد تشكيل لجنة للتحقيق في أعمال العنف التي وقعت يوم الاستفتاء، واتخاذ إجراءات قانونية ضد الشرطة الوطنية، كما طالب بوساطة دولية لحل الأزمة، وسترسل حكومة كتالونيا نتائج التصويت إلي البرلمان الكتالوني. ويري مسئولون كتالونيون أن الناخبين يؤيدون الإنفصال، كما حذرت مدريد من أنها قد تعلق استقلال الأقليم،واتحادات في كتالونيا إلي الإضراب بسبب الإنتهاك الخطير للحقوق والحريات. كما حذر وزير العدل الأسباني من أن أي إعلان بالاستقلال قد يؤدي إلي تطبيق المادة 155 من دستور البلاد، والتي تسمح للحكومة الوطنية بالتدخل في إدارة منطقة الحكم الذاتي. في نفس الوقت الذي وصفت فيه المفوضية الأوروبية الأزمة بأنها مسألة داخلية بالنسبة لأسبانيا، ووفقاً لنظامها الدستوري، وأنها تثق في قيادة رئيس الوزراء » مارينو راجوي» لإدارة هذه العملية المعقدة، ودعت المفوضية الحكومة الإسبانية والانفصاليين في كاتالونيا إلي »الانتقال بسرعة من المواجهة إلي الحوار»، ويري المحللون أن هذا الاستفتاء جاء نتيجة انتصار القوي القومية الكتالونية في الانتخابات الإقليمية في عام 2015، والتي جلبت للمرة الأولي في تاريخ كتالونيا سلطة ائتلاف من الأحزاب السياسية التي تطالب بالاستقلال. ومن أهم العقبات التي قد تواجه استقلال كتالونيا إجراء مفاوضات مع حكومة مدريد المركزية، والمخاوف من ظهور موجة من كراهية الأجانب نظراً لأن كتالونيا موطن لمئات الآلاف من غير الكتالونيين، بالاضافة إلي الإسبان المولودين في الخارج، في الوقت نفسه فإن دعم الاستقلال لم يحظ بتأييد قوي من دول أمريكا اللاتينية وشمال أفريقيا وبعض الدول الأوروبية، ومع صعوبة اعتماد الإقليم اقتصادياً علي ذاته حيث أنه يعتمد علي السياحة، وعدم اعتراف الحكومة المركزية في مدريد بالاستفتاء الذي يختلف عن الاستفتاءات المماثلة التي أجريت في مناطق إنفصالية أخري مثل اسكتلندا وكيبك تظهر عدة عقبات، وأهم عقبة هي أن الاستفتاء غير قانوني بموجب المادة الثانية في الدستور الإسباني التي تشير للدولة الإسبانية علي أنها »غير قابلة للتجزئة».