حلقات للذكر والإنشاد.. دراويش يتمايلون علي أصوات الطبول والمزمار.. صناديق للهبات والنذور وأكياس للحوم توزع علي المساكين.. سيل من الدعاء والدموع تفيض علي السياج الفضي للمقام الذي ترقد فيه ربة البيت.. مباخر في كل مكان تفوح برائحة العنبر والمسك لتملأه بركة وسكينة.. حركة وجلبة وزحام في ساحة المسجد العتيق إلي أن يصدح صوت الآذان طربًا، ليضيف للمكان رونقًا وجلالًا، معلنًا عن وجودك في حضرة السيدة.. هكذا هو المشهد من داخل مقام السيدة »أم العواجز». داخل المقام يوجد ضريح عقيلة آل البيت »زينب»، حفيدة رسول الله وبنت فاطمة الزهراء والإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنهم وأرضاهم، يؤمه يوميًا الكثيرون للتُبارك به وكأنه سعي للوقوف في روضة من رياض الجنة، فتجد رجالًا ونساء يقفون أمام ضريحها الموجود خلف جدار القبلة السكينة، ليتدفق إلي روحهم سيل من الحنان يشرح الصدور، فتجد الكثير من السيدات يتعلقن بالضريح وإحداهن تحكم قبضتها علي السياج وتلقي بدعواتها وأمانيها بين يدي سيدة آل البيت، وأخري قبل أن ترحل لا تنسي أن تقرأ الفاتحة وتقول »يا ام العواجز مدد». »يا رب انا في حالة حزن شديد من أجل رسوب محمد في الثانوي العام للمرة الثانية، يا رب متشمتش فينا حد وانصر محمد وامه وابوه علي من عدانا يا رب يا كريم واقف جنبنا».. تلك كانت إحدي الرسائل التي ألقت بها إحدي السيدات بداخل الضريح تاركة اسمها وعنوانها علي الورقة. ولم تكن تلك هي الرسالة الوحيدة فالكثير من السيدات عكفن علي كتابة رسائلهن ووضعها في صناديق النذور، فعلي سبيل المثال كتبت إحدي الشابات رسالة تتمني فيها أن يرزقها الله بمن تحب، وأخري كانت تسأل الله أن يشفيها ويفك عنها كرب الحياة، بينما كتبت سيدة شابة علي إحدي الأوراق »يا رب تخليلي ولادي وزوجي وباركلي فيهم وطول عمرهم ونزور السيدة، يا رب اشفي كل مريض واصلح الأحوال». في حين دخلت شابة ثلاثينية وأسندت ظهرها إلي المقام وأجهشت لدقائق في البكاء ثم أخرجت ورقة من حقيبتها تتمني فيها أن يرزقها الله بطفل ووضعتها بداخل الصندوق وقبل أن تخرج همست للمقام في نبرة حزينة قائلة »السند يا طاهرة.. السند». وبسؤال أحد القائمين علي خدمة المسجد عن تلك الرسائل التي يحملها الزوار لصاحبة المقام، فيقول »الناس بتيجي شايلة أوجاع وهموم طالبين بركة ستنا أم العواجز نصيرة الغلابة، في اللي جاي يسأل علي الرزق واللي عايزة تخلف واللي طالبة الستر والجواز واللي بتتمني الشفا».