الأنظمة الدكتاتورية لا تتعلم من خطاياها، ونراها -نظاماً بعد آخر- تكرر نفس الخطايا.. رغم اختلاف الزمان والمكان. أبشع هذه الخطايا أن يأمر النظام باستخدام القوة المميتة في قمع المحتجين والمتظاهرين والساخطين من المواطنين الذين ضجوا من حرمانهم من أبسط حقوقهم وحرياتهم وآدميتهم. هذا ما شاهدناه، وتابعناه، مع بدايات كل الانتفاضات التي اندلعت في العديد من الدول العربية بدءاً بتونس، انتقالاً إلي مصر، ومرورها علي اليمن وليبيا والبحرين.. وآخرها -وليس آخراً - في سوريا. قمع شباب ثورات: »الربيع العربي« لم يقتصر علي حصار المتظاهرين، أو حتي الاشتباك مع بعض واستخدام العصي في ضرب غيرهم، أو حتي إلقاء القنابل المسيلة للدموع والتهاب العيون واختناق الصدور، وإنما سرعان ما تصاعد القمع والردع ليصبح قتلاً بالرصاص الحي للعشرات ثم المئات والآلاف من شهداء شبابنا العربي. زبانية القمع والتنكيل - حماة، وسندة، ومنظمو، ومنظرو الحكم الديكتاتوري- لم يجدوا حلاً لامتصاص التظاهرات وترهيب المتظاهرين سوي استخدام البطش والقتل والاقتناص وجهاً لوجه أو عن بعد من فوق أسطح البنايات.. وهو ما أفزع الرأي العام العالمي الذي هاله أن تعود الوحشية في قمع الشعوب إلي ما كانت عليه في أسوأ عقود عصور التاريخ الوسطي! ما كان معتاداً في عصور الظلام لم يعد مقبولاً في وقتنا الحاضر. فلا الشعب المجني عليه يسمح بهدر دماء معارضيه وممثليه، ولاشعوب - أو حكومات- قارات الدنيا الخمس تستطيع أن تواصل علاقاتها مع أنظمة ديكتاتورية تطلق النار علي صدور ورؤوس مواطنيها. ونتذكر كيف هبت عواصم الدول الديمقراطية خاصة: دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدةالأمريكية - فور بدء القمع والردع والقتل في شوارع تونس وميادين القاهرة والإسكندرية وغيرها من محافظات مصر - وأصدرت بياناتها المتلاحقة التي تندد بعنف النظامين الحاكمين: التونسي والمصري، من جهة، وتحذيرهما وتهديدهما بإجراءات قاسية ضدهما في حال استمرار التنكيل بالمتظاهرين المطالبين بأبسط حقوقهم الشرعية. الرئيس التونسي السابق - زين العابدين بن علي - توقع المجهول فآثر الهروب من بلاده، والرئيس المصري السابق -حسني مبارك- لم يجد مفراً من تداعيات ما حدث في ميدان التحرير من قتل المئات برصاص الشرطة سوي إعلان تنحيه عن منصبه وتسليم إدارته إلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة. واختلف الأمر من نظام الديكتاتور اليمني: عبدالله صالح، ونظام الديكتاتور الليبي: معمر القذافي، ونظام الديكتاتور السوري: بشار الأسد فالحكام العرب الثلاثة أكدوا، وكرروا، أن ما حدث -ويحدث - في شوارعهم: (لا يزيد ولا يقل عن »حركة عصيان وتمرد وتحرّش ضد القانون والدستور والشرعية، تنفذها عصابات إجرامية، وقبلية - بتخطيط وتمويل من منظمات إرهابية أبرزها تنظيم »القاعدة«- في محاولة يائسة من تلك المنظمات لإرهاب »الزعماء الثلاثة: صالح والقذافي والأسد عقاباً لهم علي استمرار انفرادهم - منذ توليهم الحكم - بشن الحرب علي الإرهاب، والتصدي بكل ما لديهم من عتاد وقوة، إلي جانب شعبيتهم الكاسحة علي المستويين: العربي والأفريقي، لمنع القاعدة من وضع قدميها داخل اليمن وليبيا وسوريا). .. وللحديث بقية.