قد تكون وظيفتك طبيبا، أوتكون وظيفتك مهندسة، أو رجل أعمال أو معلمة، أو عامل بناء أوفنانه أو فلاح أو صحفيه.. أو غيرها.. وهي كلها وظائف ندية لها احترامها وقيمتها المجتمعية المعترف به، ونحتاجها جميعا من أجل بناء حياة ومجتمع .. ولكن الوظائف ليست شيئا كيانا جامدا، بل يضيف التقدم الحضاري الجديد والتطور التقني، والاحتياجات الإنسانية الطموحة، بل والأحلام المشروعة لكل مبدع ومكتشف ومخترع ومطور.. بل ويؤدي التسارع الزمني أيضا والضغوط إلي الحاجة لخلق المزيد من نوعيات الوظائف لتواكب متطلبات النزوح نحو المستقبل، وهو ماتتنافس علي إيجاده وخلقه المجتمعات شديدة التقدم، والتي تعي جيدا عظمة إنسانيتها، وضرورات إبداعها، وروعة حقيقة أديانها، وبهجة تقدمها، فتتنافس في خلق تلك النوعيات المتجددة من الوظائف المستحدثة، وتدعمها بنظم تعليمها حتي تصبح وعاء مشبعا لشبابها المولعين بالجد والاجتهاد والتميز والإبداع، فيقبلون علي معرفة الجديد من علم الوظائف المستقبلية، وليتقلدوا صفوف المفضلين في سلك الوظائف علي مستوي العالم، من الذين نبشر بهم لتغيير وتطوير الحياة الإنسانية. وفي هذا الوقت الذي يخترع فيه العالم تركيبة مواطن قادر علي أن يخلق لنفسه ومجتمعه فرص التنمية.. اكتشفنا جميعا أن الأرض المصرية انشقت، بعد ثورة 25 يناير عن شياطين جدد، خرجوا علينا من كهوف الظلام يعلنون لنا عن وجود فاعل لوظيفة جديدة يشغلها وفقا لبعض التقديرات المتواترة أكثر من 400- 500 ألف موظف، تخرجوا من كلية القاع السري للمجتمع المصري (كلية الدراسات العليا للبلطجة)، والتي يقوم بالتدريس بها أساتذة متخصصون قد يخدعك مظهرهم الراقي الذي لاينم عن حقيقتهم، بل أن الكثير منهم ستجده قد تلقي دراساته علي أيدي مدربين عالميين ومتخصصين في تخريب المجتمعات، وكبح رغبات التقدم لدي الشعوب، وسحق منظومة حقوق الإنسان، وقمع المبدعين والمثقفين والعلماء، ودفع المجتمع إلي مصيبة الفتن، كما يعلمونهم أصول البلطجة وآليات القهر الفكري والجسدي والمعنوي والنفسي، بل ويمنحون شهادات التخرج فيها! ومعني هذا أن نجاح ثورة 25 يناير، لابد وأن يبدأ بإلغاء هذه الوظيفة، وتفكيك مؤسساتها، وإيجاد الآليات اللازمة لمحاولة فهم وتحديد الأسباب الفعلية لوجودها، ومعرفة من هم أصحاب المصالح من شركات التوظيف،وأعداد الملتحقين بها، وأماكن تواجدهم، والدخل الذي يحصلون عليه، ثم الاقتراب من هؤلاء الموظفين وتفكيكهم بحزم، مع إعادة تأهيلهم نفسيا واجتماعيا عن طريق المجتمع المدني، وإيجاد مصدر رزق حقيقي لهم، مع تقديم حوافز مثل تعليم الأبناء، والرعاية الصحية، وتوفير تأمين اجتماعي، وغيرها من المزايا التي تشجعهم علي التحول إلي مواطنين صالحين، خاصة وأن الشعب المصري في النهاية هو شعب طيب ويؤمن بالحلال والحرام ويفضل العيش الآمن! ولكن الأهم بحق لوقف سطوة وظيفة "البلطجي" هو أن نزيح من طريق هؤلاء الموظفين عتاة البلطجة في المجتمع من بعض رجال النظام السابق الفاسدين سواء من محترفي السياسة المزورين، أو ممن يتشبهون برجال الدين أو رجال الأعمال الملتوين أو الشرطيين الموصومين، أو الإعلاميين الزائفين، وغيرهم في باقي المهن ممن ستكشف عنه الأيام لأن هؤلاء هم شياطين البلطجة الذين ينبغي تصفيدهم! مسك الكلام.. دفع العالم " بفخر" بمبدعيه إلي أرقي المواقع، ودفع النظام السابق "بفجر" ببلطجيته إلي أرفع المناصب!