السبت: عندما كتبت في يوميات سابقة عن المجلس القومي للمرأة.. وعن أنه لم يفعل شيئا جوهريا لخدمة عموم نساء مصر.. بعكس ما يدعي البعض لم يكن هدفي هو مهاجمة فكرة إنشاء هذا المجلس.. فلا اعتراض علي الفكرة اذا احسن تطبيقها وهي موجودة في كثير من بلاد العالم حيث تقوم منظمة نسائية هدفها تنمية وتمكين نصف الامة الاضعف وانما كان هدفي هو تصحيح اوضاع هذا المجلس التي كانت قائمة علي الشكل لا المضمون.. والذي لم يكن وجوده اكثر من ديكور لاعطاء صورة متحضرة للنظام امام العالم.. خاصة الدول الغربية التي تقيس مدي تقدم الامم بموقع المرأة في الامة. وقد كنت اتصور عند انشاء هذا المجلس في بداية عام 0002 الذي رصدت له ميزانية ضخمة من رئاسة الجمهورية، كما كان يدخل في ميزانيته ملايين الدولارات من المنح التي كانت تقدمها المنظمات الدولية المعنية بشئون المرأة، كنت اتصور ان يقوم هذا المجلس بدور فاعل في المجتمع وعلي ارض الواقع.. ومن أجل مصلحة المرأة والاسرة.. كنت اتصور ان مثل هذا المجلس في مقدوره عمل مشروعات ضخمة نافعة تتحملها ميزانيته بدلا من تفتيت هذه الميزانية الكبيرة وبعثرتها علي مرتبات الموظفين الاداريين التي تعتبر من اعلي المرتبات في الدولة.. وعلي اقامة المؤتمرات والندوات وورش العمل والتدريب والسفريات في الداخل والخارج واقامة فروع للمجلس في كل عاصمة من عواصم المحافظات.. وكل ما يستتبع ذلك من بناء او استئجار مقار وبدلات سفر ومرتبات موظفين وحفلات غداء وعشاء، كنت اتصور ان المجلس سوف يضع لنفسه خططا واهدافا تصل فائدتها إلي كل نساء مصر وبالذات للنساء المهمشات والمعيلات والمطلقات والمهجورات كنت اتصور ان يتبني المجلس مثلا مشروعا لتقديم قروض صغيرة للنساء الفقيرات لعمل مشروعات يعيشن من ورائها بكرامة.. كنت اتصور ان يقيم المجلس بيوتا للمطلقات غير الحاضنات اللائي يلقي بهن قانون الاسرة. في الطريق العام عندما تنتهي فترة حضانتهن للابناء.. كنت اتصور ان في مقدور المجلس اقامة مشروع متكامل لمحو امية النساء اللائي تصل نسبة اميتهن إلي 04٪ وكان من الممكن الاستعانة بعضوات المجلس بأن تقوم كل واحدة منهن مثلا بمحو امية عشر نساء، كنت افكر في ماذا لو ان المجلس خصص بضعة ملايين من دولارات المنح التي تصله لحل مشكلة اولاد الشوارع حيث ان احصاءات اجهزة الدولة ذاتها حددت رقم هؤلاء البؤساء باكثر من مليونين من المشردين الصغار وماذا لو كان المجلس قد قام بتبني مشروع الدكتورة نبيلة استاذة علم النفس بإحدي الجامعات التي قامت بدراسة علمية لبناء مدينة متكاملة لاطفال الشوارع.. فيها المدارس والمستشفيات والملاعب واماكن النوم.. بحيث يمكن تحويل مليوني طفل علي الاقل من الضياع وتحويلهم إلي مواطنين صالحين منتجين. أفكار ومشروعات كثيرة من بينها مثلا ان تكرس بعض عضوات المجلس جهودهن لنظافة مدن وقري مصر او القيام بضغوط علي اعضاء مجلس الشعب من أجل تعديل بعض القوانين التي تظلم المرأة والطفل واحيانا الرجل ظلما بينا كانت هناك بالفعل عشرات المشاريع التي يمكن للمجلس القومي للمرأة بعضواته اللاتي بلغن الالوف ان يقوم بها بحيث تستفيد منها المواطنة البسيطة التي يفترض ان هذا المجلس قد انشيء من اجلها ولكن قيادة المجلس كان لها آراء أخري وما اظن الا ان حريق مقر المجلس القومي للمرأة الذي كان جزءاً من مبني الحزب الوطني قد دمر المستندات التي كانت سوف تدل علي المصاريف التي انفق فيها المجلس القومي الاموال التي كانت تحت يديه. زمن عمارة سويلم الاحد: بعد متابعة مزعجة علي كل القنوات التليفزيونية لاحداث فتنة امبابة.. وجدت نفسي اغفو عند الفجر واحلم بأنني عدت اعيش مرة اخري في عمارة سويلم. وعمارة سويلم كانت في الاربعينيات من القرن الماضي واحدة من أكبر عمارات حي العباسية.. وكانت تطل من ناحية علي شارع العباسية العمومي حيث كان يقع بجوارها سبيل من اجمل الأسبلة الاثرية التي تم تدميرها من باب الجهل هو سبيل »أم عباس« وصاحبة السبيل هي والدة الخديوي عباس حلمي الثاني وكانت قد امرت ببناء هذا السبيل المصنوع من الفسيفساء البديعة ليشرب منه المارة العطاشي عندما كانت العباسية مازالت صحراء غير مسكونة. اما الواجهة الاخري لعمارة سويلم فكانت تطل علي مدرسة اليهود التي كان يتعلم فيه التلاميذ الصغار من ابناء الجالية اليهودية المصريين. ولا اعرف الآن هل مازالت مدرسة اليهود موجودة بمبناها الكبير.. وفنائها الواسع.. ام ان المدرسة قد اندثرت كما اندثر سبيل ام عباس؟ عندما صحوت من غفوتي كانت شاشة التليفزيون مازالت تعرض بعض اللقطات المفزعة لما حدث في امبابة فكرت لماذا يا تري أحلم دائما بعمارة سويلم كلما شعرت بأن الدنيا تحاصرني بالمتاعب. هل لان هذه العمارة تذكرني بمرحلة من أجمل مراحل حياتي حيث كنا اطفال العمارة نجتمع معا في فناء العمارة الواسع أو علي السطح او علي السلم لكي نلعب معا العابنا البريئة وكانت الدنيا ايامها آمنة تفتح ذراعيها لاحلامنا الصغيرة وكانت شلة الطفولة مكونة مني ومعي اخي احمد الذي كان يصغرني بعام واحد.. والذي كان اصدقاؤه هم اصدقائي.. عاصم ونيفرت حسنين سويلم.. وإيزيس وكامل فام بشاي.. وإيلي ليشع.. أي أن شلتنا في أيام البراءة كانت مكونة من مسلمين وأقباط ويهودي! وكان كل منا يحمل للآخرين أحاسيس الاخوة الجميلة ولا اذكر ان احدا منا فكر في دين او عقيدة الآخر.. فلم يكن زمننا الجميل يعرف سوي الحب بين المسلم والمسيحي واليهودي المصري. وقد مزق الزمن افراد شلة الطفولة.. وتبعثرنا في كل انحاء الدنيا.. فقد هاجر أخي احمد إلي الارجنتين وعاش ومات هناك.. وهاجر كامل إلي المانيا وتزوج هناك.. وسافر عاصم الي سويسرا للحصول علي الدكتوراه.. وهاجر ليشع الي فرنسا بعد العدوان الثلاثي وحصل علي الجنسية الفرنسية.. وسافرت نيفرت الي النمسا مع زوجها المرحوم الدكتور مصطفي الحفناوي الذي شغل يوما بعد عودتهما منصب وزير الاسكان.. وبقيت أنا وإيزيس في مصر لتمضي بنا نعيش العمر ولكي تستمر صداقتنا حتي اليوم ولكي تكون إيزيس بعد اكثر من نصف قرن هي اول من يهنئ بأعياد المسلمين.. واكون اول من يهنئها باعياد الاقباط.. ولما كان كامل قد تقاعد وعاد إلي مصر لكي يستقر مع زوجته الألمانية في مدينة الغردقة.. فلا يكاد يمر صيف دون ان يدعوني لقضاء ايام في ضيافته في المدينة السياحية الساحرة.. ولكنني للاسف وحتي الآن لم ألبي الدعوة الكريمة رغم رغبتي الشديدة فيها.. اما إيلي ليشع فقد حضر إلي مصر مع ابنته الفرنسية الشابة وصحبها الي عمارة سويلم. لكي تري البنت المكان الذي عاش فيها والدها طفولته في مصر.. ولكي تتعرف علي الوطن الذي لا ينساه وما كان اجمله من زمن في عمارة سويلم. قابيل.. لا تقتل آخاك هابيل الثلاثاء: عندما يختصر صديقي العبقري احمد رجب عموده 2/1 كلمة الذي هو اشهر واهم عمود في الصحافة العربية إلي جملة واحدة هي »أنا حزين« فإن هذا يعني ان الامر خطير. وعندما اتصل بالدكتور احمد عكاشة اكبر الاطباء النفسيين في الوطن العربي فتكون أول جملة ينطق بها وهو يحدثني من جنيف هي »أنا حزين« فإن هذا يعني اننا امام حالة عويصة وامر جلل. ولا اعتقد ان هناك عاقلا في مصر وعاشقا لها سواء مسلما او مسيحيا إلا وهو حزين.. فلا احد يريد ان يصدق ان يصل الجنون بالبعض لكي يقتل اخاه في الوطن.. ويا قابيل لا تكرر فعلتك وتقتل اخاك هابيل فتندم العمر كله.. وتتناقل الاجيال جريمتك الشنعاء. ابننا الغائب رجل الشرطة.. عد إلي أمك الاربعاء: إذا لم يكن من حق رجال الامن ان يستعملوا العنف مع المتظاهرين المسالمين.. فليس من حق المتظاهرين ان يعتدوا علي رجال الامن اثناء قيامهم بواجبات وظيفتهم. أننا في اشد الحاجة لتشجيع رجل الشرطة إلي العودة الي سابق حماسته في حفظ الامن بعد ان ادركنا معني ان يغيب عن حمايتنا.. ويا ابننا العزيز الغائب رجل الشرطة.. عد الي امك مصر فهي في حاجة اليك.