منذ أسبوعين نشرت مقالا بعنوان » بالعربية.. القبيحة تكذب وتتجمل » انتقدت فيه تفاعل العرب مع ما ينشر علي صفحات إسرائيل التي تقدمها باللغة العربية علي مواقع التواصل الاجتماعي. واستكمالا لما بدأت، رصدت ما يحدث من تفاعل مقصود وغير مقصود علي تلك الصفحات من مصريين وعرب علي المنشورات التي تحمل سموم إسرائيل الموجهة. وسأكررها مرارا الإعجاب بتلك الصفحات من باب متابعة ما تنشر أو التعليق علي أحد منشوراتها أو مشاركة أي منشور منها يسمي بلغة التواصل »تفاعلا» ويساهم في نجاح تلك الصفحات، فالمصري الذي يعلق علي صفحة افيجاي ادرعي المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ويستهزئ بما يكتب لا يتصور أنه يقوم بعمل بطولي فقد حقق لأدرعي ما يريد وتفاعل مع ما ينشر وساهم في انتشار ونجاح صفحته. والأستاذ الجامعي الذي يشارك منشورا من صفحة إسرائيلية عن البحث العلمي فقد فعل جرما أكبر عندما استقي معلوماته من العدو. والزميل الصحفي الذي أعجب بالصفحات كي يتابع ما تنشر يمكنه المتابعة دون التفاعل مع تلك الصفحات. فهي أقرب لصفحات داعش والتنظيمات الإرهابية التي يجب أن نقاومها بكل الطرق. أما النوع الآخر من التفاعل فهم »عرب يتكلمون الإسرائيلية». وسأذكر مثالين عن كيفية استغلال إسرائيل لما يكتب تمهيدا لخطوات أكبر وأخطر. فتحت عنوان »العرب يغردون حبا في إسرائيل ودعما لها» نشرت صفحة إسرائيل تتكلم بالعربية أسماء عرب أدانوا عملية حلاميش التي وقعت أثناء أحداث المسجد الأقصي وقتل فيها مستوطنون علي يد فلسطيني. وضمت قائمة »الشرف» الإسرائيلية المعارض الأردني مضر زهران والناشطان المصريان وائل عباس الذي تحفظت إسرائيل علي ألفاظه »غير المهذبة» قبل الإشادة برأيه الذي يصف مقاومة محتل غاصب بالإرهاب وشريف عازر الذي رحبت بوصفه للمستوطنين بالأبرياء. ثم جاء ناشط سياسي آخر من جهنم يدعي قاصد الشمري والذي كتب »أن الجيش الإسرائيلي هو بمثابة جيش الله في الأرض وهو شرف لكل إنسان وعلي وجه الأرض». فعن أي قضية يتحدث هؤلاء وأي شرف يقصدون ؟ وإذا أردنا أن نعرف أحد أهداف تلك الصفحات فسنجد صفحة »جيمينا» التي تعرض قصصا لليهود الذين كانوا يعيشون في الشرق الأوسط وكيف تعرضوا للاضطهاد والطرد والمعاملة القاسية ويطلقون علي أنفسهم اسم »اللاجئين اليهود». وعرضت القضية في مجلس حقوق الإنسان والكونجرس الأمريكي وبرلمانات أوروبا والجامعات الأمريكية ومئات المنظمات. واليوم يطالبون الأممالمتحدة بتبني قضيتهم ومطالبة كل من مصر، سوريا، ليبيا، اليمن، لبنان، المغرب، تونس والعراق بدفع تعويضات لليهود علي غرار تعويضات الهولوكوست التي تبتز بها إسرائيل ألمانيا حتي اليوم. وفي عالم يحكمه قانون الغابة والمصلحة لا تتعجبوا من الباطل إذا انتصر ومن المتصهينين العرب إذا غردوا حبا في إسرائيل.