منذ فترة طويلة وأنا أتابع طريقة توظيف إسرائيل لوسائل التواصل الاجتماعي في حربها الدعائية وحملات الأكاذيب الممنهجة التي تطلقها في كل المناسبات لطمس الحقائق وغسيل عقول الأجيال العربية الشابة لتبني أفكار أكثر سلمية تجاه إسرائيل باعتبارها» ذاك الكيان المحب للسلام الذي يعيش وسط العرب الهمجيين والفلسطينيين الإرهابيين».اختارت إسرائيل هذه المرة سلاح اللغة العربية لهزيمة العرب ، فانتشرت صفحات المؤسسات الإسرائيلية عبر الفيس بوك بالعربية مثل وزارة الخارجية الإسرائيلية ومجلس الوزراء والكنيست وجيش الدفاع وصفحة أفيجاي أدرعي المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي الذي وصل لحد كتابة عظة كل يوم جمعة علي صفحته للمسلمين. وبعيدا عن الطابع الرسمي تتواجد صفحات خبرية واجتماعية عن الحياة في إسرائيل مثل إسرائيل تتكلم بالعربية ،وإسرائيل بدون رقابة وأخبار اسرائيل بالعربية وقف معنا وإسرائيل في مصر وغيرها الكثير. ولا نحتاج لأدلة وبراهين لنتأكد أن هذه الصفحات تتبع جهاز الموساد الإسرائيلي وليست بمنأي عن الوحدة 82000 اللواء الإلكتروني لجيش العدو ومهمته الدخول بأسماء عربية لإيهام المعلقين بأن هناك عربا يدعمون إسرائيل. فضلا عن افتعال المشاكل والأزمات بين الجنسيات العربية المختلفة التي تصل إلي حد الشتائم بأبشع الألفاظ. وقطعا المهمة الأكبر لكل هذه الصفحات هي تجنيد الشباب العربي مستغلين الأزمات الاقتصادية والصراعات والحروب في المنطقة. لن أتحدث هنا عن مساوئ ومخاطر الفضاء الإلكتروني التي أستغلتها إسرائيل ،ولكن كيف نجحت هذه القبيحة في ابتزاز الكل لتحقيق مصلحتها ؟ فقبل عامين أقام 20 ألف إسرائيلي دعاوي قضائية لمقاضاة مارك زوكربيرج مؤسس الفيس بوك بزعم نشره لصفحات وفيديوهات لفلسطينيين يدعون لقتل اليهود. وامتثل مارك للأوامر الإسرائيلية وأبرم معهم اتفاقا بعد زيارة مسئولين من الشركة لتل أبيب بعدم نشر مواد تحريضية ضد إسرائيل وكل ما تطلق عليه وصف » إرهاب». وتكرر الشئ نفسه مع مسئولي موقع يوتيوب وجوجل وأي باي وغيرها الذين نفذوا التوجهات الإسرائيلية وحذفوا عبارات وفيديوهات تحمل كلمات انتفاضة وشهيد والموت لليهود كما أزالوا حسابات شخصيات فلسطينية وعربية. وصدق الكنيست علي قانون يلزم الفيسبوك وشركات الإنترنت بمراقبة المضامين وإزالة صفحات ودفع غرامات مالية ضخمة في حالة المخالفة. وبعيدا عما تفعله إسرائيل القبيحة كي تتجمل، تغضبني أكثر طريقة تعاملنا مع هذه الكارثة وسذاجة البعض ممن يسجلون إعجابهم بتلك الصفحات بهدف متابعة ما تنشر أو الرد بتعليق أومشاركة ما يكتب بهدف الاستهزاء. ولكن الواقع المر أنكم بلغة السوشيال ميديا »متفاعلون» وبعبارة أخري أنتم بحسن نية أصبحتم خونة متواطئين مع الاحتلال وتشاركون في نجاح صفحاته ونشر أكاذيبه. وفي النهاية أقول لأجهزة الأمن المصرية والعربية لسنا في حاجة إلي مارك أو إلي قراءة ما تكتبه إسرائيل كي نحجب صفحاتها المسمومة.